في الوقت الذي يضيق فيه الخناق الدولي علي نظام الرئيس السوري بشار الأسد لا يبدو أن روسيا بصدد مسايرة هذا الاتجاه، بل أنها ستقف حجر عثرة في وجه ذلك لحماية مصالحها التجارية الكبيرة هناك حيث يعمل 600 من الفنيين الروس حاليا هناك لتجديد ميناء طرطوس السوري ليستخدم كقاعدة للسفن الروسية، فكما توجد حاملة للطائرات الأمريكية الحديثة قبالة الساحل السوري، وصلت الخميس الماضي شحنة من صواريخ كروز الروسية يانخونت المضادة للسفن، وبصرف النظر عن عقود تسلح بقيمة أربعة مليارات دولار ذكرت صحيفة موسكو تايمز مؤخرا أن الاستثمارات الروسية في البنية التحتية والطاقة والسياحة السورية بلغت 19.4 مليار دولار عام 2009 . وتحاول موسكو بكل ما في وسعها للحيلولة دون تكرر سيناريو ليبيا في سوريا، فبعد يوم واحد من إعلان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن القوات السورية ارتكبت جرائم ضد الإنسانية، وإعلان تركيا أنها تدرس فرض منطقة عازلة علي طول حدودها لحماية السوريين، دعا وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف لمزيد من الجهود للتعامل مع دمشق، وعبر عن اعتقاده بأن جماعات المعارضة المسلحة تستفز السلطات السورية، متعللا بأنه من غير المنصف توقع عدم رد الحكومة السورية علي الاضطرابات. وفي المقابل زعمت صحيفة "نيويورك تايمز" الامريكية أمس السبت أن الخناق يضيق علي الفكرة التي وعد بها الرئيس بشار الاسد باقتصاد سوري حديث مشيرة إلي أن أبسط عمليات تحويل الأموال تمت عرقلتها وأصبحت بطاقات ائتمانية غير ذات فائدة خارج سوريا في الوقت الذي تخيم فيه قائمة العقوبات الدولية المتزايدة علي مستقبلها المالي. وأضافت الصحيفة إنه بعد مرور تسعة أشهر تقريبا علي الثورة تجد سوريا نفسها معزولة بقيام تركيا، التي تعتبر واحدة من أعز حلفائها باتهام النظام السوري باستخدام القوة المميتة ولفتت الصحيفة إلي أن تركيا والجماعة العربية والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة جميعهم فرضوا عقوبات علي سوريا. وأكدت نيويورك تايمز أن العقوبات تؤلم سوريا بالفعل، وأن السؤال الفاصل الذي يطرح نفسه الآن علي الاسد والمجتمع الدولي وعشرات الآلاف الذين انتفضوا ضده، هل هذا الوجع المالي سوف يجبر قيادته علي وقف القمع العنيف ضد المتظاهرين المناهضين له أم لا؟ ورأت الصحيفة أن العقوبات تكشف بالفعل أهم تغيير في عهد بشار الاسد ألا وهو ربط سوريا بالنظام الاقتصادي العالمي والسماح للبنوك الخاصة وتوفير فرص اقتصادية للشباب في دولة ثلاثة أرباع سكانها تحت سن الخامسة والثلاثين عاما.