فؤاد حداد.. شاعر الأمل ووالد الشعراء

أقولك الحق واضرب لك مثل ساير/ وإن كنت ماعرفشى لا أخبى ولا أساير/ من صغر سنى وأنا صاحب مزاج ثاير/ واكمنى ثاير لا يمكن يا ألف بائي/ تلاقى زيى على عهدك أليف باقي/ واكمنى ثاير بقول من فات قديمه تاه/ لابد للحى يترحم على موتاه/ واللى أتى بالجديد لولا القديم ما أتاه/ يا أمتاه أنا ابنك عالأثر ساير» كانت تلك كلمات الشاعر الكبير الراحل فؤاد حداد والذى تمر فى مثل هذه الأيام ذكرى وفاته.
فؤاد حداد هو أحد أبرز شعراء العامية فى منتصف القرن العشرين، فهو المؤسس الحقيقى لشعر العامية الملحمى فى مصر، وكان دائمًا ما يعرف نفسه قائلًا: أنا والد الشعراء فؤاد حداد. أطلق عليه كذلك فنان الشعب، حيث استلهم من الشعب المصري عددًا من الملاحم التى كتبها، مثل أدهم الشرقاوي.
يختلف فؤاد حداد عن النموذج الشائع للشعراء فى أنه لا يكتب الشعر فى أوقات تجلى وحى الشعر وإنما هو قد ربط هذا الوحى بقلمه فلم يستطع الهروب منه أبدًا. فؤاد حداد يكتب الشعر ليؤسس مدرسة فكرية ثقافية شعبية وليس يكتبه شططا أو تدوينا لحالة عابرة.. «المشى طاب لي/ والدق على طبلي/ ناس كانوا قبلى قالوا فى الأمثال: الرجل تدب مطرح ما تحب/ وأنا صنعتى مسحراتى فى البلد جوال/ حبيت ودبيت كما العاشق ليالى طوال/ وكل من شبر وحتة من بلدي/ حتة من كبدي».. وقد كتب ديوانه «المسحراتى» على عدة مراحل ذكرها الكاتب فى بداية ديوانه وفيها يتخيل الشاعر نفسه مسحراتياً ويكتب ما يزيد على مائة قصيدة بنفس الأسلوب تقريبًا، مع تغيِّر ما يشير إليه من نصائح أو منازل فى كل مرة. كل القصائد تدعو للتمسك بالبلاد والوحدة ومعرفة حضارتها وثرواتها وتنميتها.
ولد فؤاد سليم حداد بحى الظاهر بالقاهرة، والده سليم أمين حداد ولد فى 5 يونيو 1885 فى بلدة «عبية» بلبنان فى أسرة مسيحية بروتستانتية لوالدين بسيطين اهتما بتعليمه حتى تخرج فى الجامعة الأمريكية فى بيروت متخصصا فى الرياضة المالية ثم جاء إلى القاهرة قبيل الحرب العالمية الأولى ليعمل مدرسا بكلية التجارة» جامعة فؤاد الأول « ويحصل على لقب البكوية وعندما تنشأ نقابة التجاريين فى مصر تمنحه العضوية» رقم واحد» وما زالت كتبه وجداوله تدرس باسمه حتى الآن.
أما والدته فهى من مواليد القاهرة فى 19 يونيو 1907م جاء أجدادها السوريون الكاثوليكيون إلى مصر واستقروا فيها وولد أبواها فى القاهرة. أبوها من عائلة أسود التى جاءت من دمشق الشام وأمها من عائلة بولاد من حلب، وفى المعتقل تحول «فؤاد حداد» إلى الإسلام.
تعلم فى مدرسة الفرير ثم مدرسة الليسية الفرنسيتين، وكانت لديه منذ الصغر رغبة قوية للمعرفة والإطلاع على التراث الشعرى الذى وجده فى مكتبة والده، وكذلك على الأدب الفرنسى من أثر دراسته للغة الفرنسية. اعتقل فؤاد حداد عام 1950 لأسباب سياسية، ثم عاد واعتقل مرة أخرى عام 1953.
نشر حداد ديوانه الأول «حنبنى السد» بعد خروجه من السجن عام 1956، واعتقل مرة أخرى عام 1959 لمدة خمس سنوات، وخرج ليكتب فى شكل جديد لم يكن موجودًا فى الشعر العربي، وهو شعر العامية فكتب أشعار الرقصات مثل «الدبة» و»البغبغان» و»الثعبان» وغيرها.
كتب «المسحراتي» لسيد مكاوى 1964 وكتب له البرنامج الإذاعى «من نور الخيال وصنع الأجيال» 30 حلقة عام 1969 والذى كانت أغنية «الأرض بتتكلم عربي» قطعة منه. أصدر 33 ديوانًا منها 17 ديوانًا أثناء حياته والباقى بعد وفاته.