محمد سعد خطاب يحقق ويصور لا أحد يعلم علي وجه اليقين سببا واحدا لبقاء محمد المرشدي خارج السجن. فمازال رجل الأعمال ونائب الحزب الوطني وعضو أمانة سياسات جمال مبارك حرا طليقا يعبث في مستقبل أبناء هذا الوطن كما عبث بثروته.. رغم لحاق سادته وشركائه بزنازين طرة..من فتحي سرور وحبيب العادلي إلي شريكه اسماعيل الشاعر. بعد الثورة المباركة.. استبشر المصريون خيرا بعودة اموالهم المنهوبة وثروات وطنهم المهدرة.. والمبعثرة في جيوب حفنة من رجال أعمال مبارك.. وبعد الثورة أيضا.. عاد الجميع للتشاؤم بأن تغيير الحال من المحال مادام امثال المرشدي وشفيق جبر ومنصور عامر وغيرهم من أكثر المتربحين في عهد النظام السابق يبقون في أمان مطلق بعيدا عن أي مساءلة أو حساب. يمثل محمد المرشدي واحدًا من أركان سياسة"نفّع واستنفع" التي اتبعها مبارك مع عدد ممن سموا زورا وبهتانا رجال أعمال.. لذا لم يكن من المستغرب أن يعلن الرجل قبل حل مجلس الشعب عن استقالته علي الهواء مباشرة في برنامج مباشر مع عمرو اديب لأنه علي حد قوله "لا يرضي ان يري مبارك مهانا بعد هذا العمر الكبير الذي قضاه في حب مصر وخدمة مصر ولم يتهاون ابدا ولو مرة واحدة"متمنيا علي كل اعضاء الحزب الوطني ان يلحقوا به في الاستقالة من اجل الحفاظ علي كرامة "السيد الرئيس". ورغم تورط الرجل في تدبير وتمويل الاعتداء علي الثوار يوم 2 فبراير فيما عرف بموقعة الجمل ، حيث قام بإرسال اتوبيسات محملة بالبلطجية المدججين بالاسلحة والطوب لمهاجمة المتظاهرين في ميدان التحرير، إلي حد فرض الشرطة العسكرية حراسة مشددة علي ممتلكاته لحين الانتهاء من التحقيقات..إلا أنه خرج مباهيا بأن الكبار لا يلحقهم أذي في ظل نظام مبارك الذي يمد ظله علي سماء مصر وأرضها رغم سقوطه عن الحكم. المرشدي كغيره من أولاد النظام السابق المدللين بالفساد والإفساد..ساهم في تزوير الانتخابات في دائرة المعادي ليربح هو ويسقط خصمه أكمل قرطام..صدر بذلك حكم قضائي تقدم بعده خصمه ببلاغ للنائب العام اتهم فيه كلاً من الدكتورة آمال عثمان، رئيسة اللجنة التشريعية بمجلس الشعب، وعمر هريدي أمين سر اللجنة، ومحمد مرشدي، عضو مجلس الشعب السابق، ومنافسه في انتخابات دائرة المعادي التي جرت عام 2005، وأمين عام الحزب الوطني وأمين التنظيم بتزوير إرادة الأمة حينما تقاعسوا عن تنفيذ تقرير محكمة النقض بتزوير الانتخابات الذي أكد حصول قرطام علي 9648 صوتاً ومرشدي علي 5974 صوتاً ومع ذلك تم إعلان فوز الأخير. إلا أن هذا التزوير لم يكن كل جريمة المرشدي بحق مصر.. بلغت فاتورة فساد نهب الأراضي فقط في عهد مبارك نحو ألف مليار جنيه ذهبت جميعها لأعضاء الحزب الوطني الديمقراطي وتحديدا أعضاء لجنة السياسات الذين استولوا علي 16 مليون فدان تقريبا أي ما يعادل 67.2 ألف كم مربع تعادل مساحة خمس دول عربية ، وتزيد قيمتها علي ألف مليار جنيه وهو مبلغ كاف لسداد ديون مصر الداخلية والخارجية..كان للمرشدي منها نصيب وافر جدا جعله يتحول إلي ملياردير في بضع سنين بعد أن بدأ حياته مقاول هدد. نعم..مجرد مقاول هدم فيللات في حي المعادي القديمة، بمساعدة مهندس بالحي تعرف عليه فور تخرجه في كلية العلوم، وتكمن بتلك المعرفة والعلاقة من الاستحواذ علي عمليات هدم فيللات بالمخالفة للقانون تمهيدا لبيعها لحساب الغير ، ثم تحول الهدم لحساب نفسه وشريكه الذي سرعان ما تخلص منه، لينخرط وحده مع شركاء جدد في الاستثمار العقاري باستبدال الفيللات المهدمة بأبراج سكنية دون صدور تراخيص بناء عبر شبكة من العلاقات المشبوهة من موظفين ومهندسين باعوا ضمائرهم من أجل الربح.. كان المفتاح الأول لطريق الأرصدة البنكية ذات الأصفار الستة في هذه المشروعات..اللواء اسماعيل الشاعر الذي عمل في تلك الفترة مديرا لمباحث جنوبالقاهرة..كسب المرشدي صداقته، وكسب من ورائها طريقا مفتوحا للاستيلاء علي الأراضي الفضاء في منطقة المعادي وبنائها وبيعها بالمخالفة للقانون، مع ضمان تام بأن احدا لن يجرؤ علي إيقافه أو التصدي له.. كان للشاعر طبعا نصيب من أرباح هذه الأعمال..ولم يكن المرشدي بخيلا في إرضاء غطائه الأمني للفساد..كما لم يكن بخيلا مع ثروت المحلاوي الذي بقي 15 عاما رئيسا لمباحث قسم شرطة المعادي وحتي بلوغه رتبة عميد في سابقة هي الأغرب في وزارة الداخلية.. حيث كان هذا الضابط شريكا متواضعا لتسهيل أعمال المرشدي وإرهاب خصومه وضحاياه، حتي خروجه من مملكة المعادي للتربح، منقولا إلي الوادي الجديد علي يد خليفة العادلي محمود وجدي..والذي امر بنقله فور دخوله مكتبه بالوزارة بسبب علاقته الوطيدة والمشبوهة بالشاعر ورجال حبيب العادلي.. إلا أن أعمال الرجل وعلاقاته تطورت بما يكفي ليصبح الشاعر مجرد خطوة أولي علي سلم الثراء السريع والنفوذ أيضا..خاصة بعد فشل الشاعر في حمايته من حملة وقف هدم الفيللات الأثرية التي نشط فيها المرشدي علي قدم وساق.. تعرف المرشدي علي عبد الرحيم شحاتة محافظ القاهرة ووطد علاقته به،وسرعان ما وجد فيه الحماية والغطاء الذي كان ينشده، وساعده شحاتة في الخروج من قضية الفيللات الأثرية كالشعرة من العجين، كخدمة أولي من بين خدمات كثرت ، وكان منها اعفاؤه من المسئولية الجنائية في تحويل برج سكني إلي إداري بزهراء المعادي رغم مخالفته للشروط الإدارية وعدم صدور ترخيص أصلا، من أجل بيعه لشركة فودافون مقابل 90 مليون جنيه..كان للمحافظ منها نصيب معقول. وبدأ عقب تلك الخطوة تعاون مثمر بين الرجلين حيث خصصت محافظة القاهرة لشركة دجلة للاستثمار العقاري التي يملكها عضو لجنة السياسات وعضو مجلس الشعب محمد المرشدي مساحة قدرها 25200 متر لإقامة مشروع استثماري وسكني حقق المرشدي من ورائه عدة مليارات كأرباح صافية بالإضافة إلي استيلائه علي 23 فدان مباني بجوار كارفور المعادي حصل عليها بالمخالفة للقانون. ونعود بالتفصيل لقصة الأرض..حيث اصدر شحاتة في عام 2002 قرار تخصيص مسطح 20 ألف مترمربع علي الطريق الدائري الذي تكلف علي الدولة ثلاثة مليارات ونصف المليار جنيه، ليصبح مفتاحا لثراء رجال مبارك وحاشيته. كان سعر التخصيص الرسمي للأرض الواقعة علي حافة الطريق عند مدخل المقطم 100 جنيه للمتر فقط..ومن الطريف أن المرشدي نفسه اشتري مساحة أخري تبعد عن الطريق إلي الداخل مسافة كبيرة بلغت 00 الف متر مربع بسعر ثمانية آلاف جنيه للمتر من شركة زهراء المعادي في نفس تاريخ تخصيص أرض المحافظة. علما بأن أرض المحافظة الأرخص كانت تحمل ميزة أخري وهي التصريح ببناء الأبراج دون سقف للارتفاعات، بينما كانت الأرض الأخري محددة بارتفاع أربعة أدوار. أي أن عبد الرحيم شحاتة منح صديقه فارق سعر يصل إلي 7900 جنيه في المتر الواحد علي حساب هذا الشعب المسكين مقابل ما ظهر وما بطن من المكاسب. لم يكذب المرشدي خبرا بعد استلام عقد التخصيص بغرض بناء مساكن للشباب ، فقرر بيعها لشركة البافارية بسعر السوق أي مقابل ثمانية آلاف جنيه للمتر، لتقوم المحافظة في عهد خليفة شحاتة عبد العظيم وزير بإضفاء شرعية علي تلك العملية القذرة بمنح المشتري الجديد" البافارية"صكا قانونيا بالحق في تغيير النشاط الذي خصصت الأرض للمرشدي من أجله. أي أن محافظ القاهرة وحده فضلا عن مسئولين آخرين في النظام السابق ، تسبب في تربيح المرشدي ما يزيد علي 2.5 مليار جنيه دفعة واحدة ، خاصة إذا علمنا أن إجمالي مساحات الأراضي التي منحها شحاتة للمرشدي تجاوزت 500 الف متر مربع علي جانبي الطريق الدائري. وتتنوع تلك المساحات بين 100 ألف متر مربع بجوار الأكاديمية الحديثة و25 ألف متر مربع بجوار المدرسة البريطانية ، و25 ألف اخري بجوار المدرسة الصناعية، فضلا عن 120 ألف متر مربع عرفت باسم أرض المشرق كانت بحوزة عبد الحكيم نجل الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر. وفي هذه المساحة التي تم تخصيصها لعبدالحكيم عبد الناصر تمكن المرشدي بخفة يد من إدخال جهاز سيادي كشريك له للاستحواذ عليها بعد إرضاء عبد الحكيم بمبلغ معقول وإخراجه من الأرض..وهي الأرض التي يعمل عليها المرشدي عددا من المشروعات العقارية حاليا دون صدور أي تراخيص منذ سقوط النظام السابق واختفاء جميع الأجهزة السيادية عن المشهد.