كتب - ريهام محمود تساؤلات عديدة لم تظهر في الفترة الأخيرة فقط بل تعود لعام 2006 عن مصير 5 ملايين جنيه إسترليني تبرعت بها مدرسة«الأمير تشارلز» بإنجلترا لمركز الحرف التقليدية بالفسطاط وحتي الآن ظلت التساؤلات لخمس سنوات لم تتم الإجابة عنها وعلت الأصوات المتسائلة بعد ثورة 25 يناير لمحاسبة ومحاربة كل من يتكاسل أو يتلكأ أو يخفي أي أوراق أو اتفاقيات تخص هذا الشعب وخصوصا إذا كانت تتضمن ملايين الجنيهات فيجب إذن الإعلان عنها بشفافية. من جانبه أكد محمد عطية مدير مركز الحرف التقليدية بالفسطاط سابقا أنه حضر أول اجتماع للاتفاقية وتمت فيه مناقشة تدريب الحرفيين علي نفقة الأمير تشارلز وكذلك الفندقة والتنقلات والوجبات بالإضافة إلي حصولهم علي مكافأة من الأمير تشارلز علي أن تكون الدورة لمدة عامين ويحصل المتدرب علي شهادة كما يسافر المتميز من بينهم إلي إنجلترا لتكملة دراسته وأضاف: هذا ما شرح أمامي في الاجتماع الأول للاتفاقية من المسئول عن المدرسة وهو مصري واسمه الدكتور خالد عزام وكان معنا في هذا الاجتماع أسعد نعيم رحمه الله وأيمن عبدالمنعم مدير صندوق التنمية الثقافية الأسبق، وعبدالحكيم سيد عبدالحكيم مدير الصندوق الحالي الذي أحضرته معي لأنني كنت سأحال إلي المعاش وكان سيحل محلي وكان الاتفاق في البداية مع الصندوق أنهم يقيمون هذه المدرسة في قصر الأمير طاز وعندما اقترحت مكانًا أوسع وأفضل ومجهزًا بالنسبة للحرف وعاينوه قاموا بعمل تقرير وأرسلوه لإنجلترا ووافقوا علي مكان المركز الحالي في الفسطاط ثم حددت وزارة الثقافة نحو ستة أشهر للبدء في المشروع وهذا كان تقريبا في شهر يوليو في عام 2005 ثم أتوا من إنجلترا في 9 مايو عام 2006 قبل خروجي إلي المعاش بيوم واحد وكانت «النكسة» أن وزير الثقافة فاروق حسني وقتها قرر انتقال تبعية «مدينة الحزف التقليدية» بالفسطاط وتضم «مركز الخزف» و«مركز الحرف» إلي صندوق التنمية الثقافية بقرار رقم 228 سنة 2006 الذي صدر من رئيس قطاع مكتب وزير الثقافة فاروق عبدالسلام كما ضم القرار تشكيل لجنة مكونة من مدير المركز - أنا وقتها - ومدير عام الشئون المالية والإدارية ألفت الجندي وحسين عمار رئيس الإدارة المركزية لمراكز الإنتاج الفني ولم نوافق علي التسليم أنا وحسين عمار واعتبرنا هذا جريمة أن يسلم المركز في يوم واحد دون جرد وقدمنا اعتذارًا رسميا واتصلنا بمحسن شعلان وكان رئيس الإدارة المركزية للخدمات الفنية للمتاحف والمعارض وقتها وقلنا له إما أن يقبل اعتذارنا أو استقالتنا وبعد ذلك استبعدونا من اللجنة وكان هناك غرابة في أن يأمر مدير الصندوق رئيس القطاع علي الرغم من أنه أعلي درجة منه وأعتقد أن هذا كان ثمن ترقية شعلان رئيسا لقطاع الفنون لأن الدكتور أحمد نوار سلم القطاع في يوم 9 مايو وأتي قرار التنازل عن المركز في نفس اليوم وكان الجرد شكليا وليس حقيقيا حيث إن الصندوق احتل المكان وتم تسليمه خلال 24 ساعة فقط بكل معداته ودفاتره المالية ومقتنياته منذ عام 1961 ومخازنه الثلاثة التي تضم مشغولات وخامات وأعمالاً خزفية وآلاف المنتجات دون جرد في حين كان الأمر يستغرق لتسليم منتجات مخزن واحد نحو ستة أشهر. يواصل عطية: كانت زوجة الرئيس المخلوع سوزان مبارك قد وضعت حجر الأساس للمركز، وتم بناء مركز الخزف الأول علي نفقة قطاع الفنون التشكيلية ثم بناء مركز الحرف التقليدية ووضع أساس لمبني ثالث يتبع المركز وأنفق في الأساس 6 ملايين جنيه تم ردم هذا الأساس وكانت شركة «الإنجاز» هي المسئولة عن بناء المركز برئاسة المهندس جمال عامر. وتساءل عطية: أين منتجات الحرف التقليدية والخزف منذ عام 1961 أيضا والتي تصل قيمتها إلي ملايين الجنيهات؟.. وأضاف عطية: كان لدينا متحف للتراث في وكالة الغوري يضم حجرًا وفتارين لا نعرف أين هي الآن وهو متحف كان يضم مجوهرات وأحجارًا كريمة. وأكد الناقد عز الدين نجيب أن مشروع مدينة الحرف التقليدية تم إجهاضه بعد أن تمت الموافقة عليه في 1996 ودفنت الأعمدة الخرسانية تحت الأرض بعد أن تم إلحاق مراكز الحرف بالفسطاط إلي صندوق التنمية الثقافة بدلا من قطاع الفنون التشكيلية علما بأن الصندوق لا يوجد به أي خبرات إدارية أو فنية لهذا النشاط أو حتي هياكل وظيفية للعمل التنفيذي وقام وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني بعقد اتفاقية مع مركز الأمير تشارلز للفنون الإسلامية تقتضي بإشراف ذلك المركز علي نشاط الحرف التقليدية بعد أن انتقلت إلي الصندوق تحت إشراف أيمن عبدالمنعم مدير الصندوق آنذاك، وبمقتضي هذا الاتفاق تمت الاستعانة بخبراء إنجليزي الجنسية ومن أصول باكستانية وهندية للإشراف علي تدريب وتطوير مراكز الحرف التقليدية في مصر، وتردد أن ذلك كان مقابل دعم مركز الأمير «تشارلز» للمراكز الحرفية المذكورة بمبلغ 5 ملايين جنيه إسترليني وبناء علي ذلك ورد أنه تم التخلص من أغلب مقتنيات مركز الخزف من إنتاج السنوات الماضية لأنه من وجهة نظر المشرفين الإنجليز ليس له قيمة أو أهمية وهذه جريمة لا يمكن السكوت عنها لأن هذه الأعمال كان بينها أروع القطع الخزفية لكبار الخزافين في مركز الخزف بداية من رائد الخزف سعيد الصدر وعلي إبراهيم وآخرين حتي الأعمال التي قام بها الحرفيون التقليديون أو الفنانون الشباب. وأوضح أنه عقب القبض علي أيمن عبدالمنعم والحكم عليه بعشر سنوات سجنًا في جريمة رشوة تخص العمل في مشروع تطوير القاهرة التاريخية أصبح مشروع التعاون مع مركز الأمير تشارلز علامة استفهام كبيرة فلا نعرف في أي جهة أنفقت وأي نتائج حققت وفي رأيي أن الكارثة الكبري ليست فقط في إهدار هذه الأموال وإنما في إجهاض مشروع إنشاء مدينة الحرف التقليدية وكذلك تشويه أساليب العمل الحرفي بإخضاع الحرفيين المصريين لمناهج من يسمونهم بالخبراء الإنجليز وهي إهانة حضارية لا تغتفر حيث كان من المنطقي أن يكون هؤلاء الخبراء تلاميذ أمام الحرفيين المصريين أصحاب الحضارة التاريخية في فنون الحرف التقليدية وليس العكس. من جانبه قال الفنان الدكتور أحمد نوار رئيس قطاع الفنون التشكيلية الأسبق: إن قرار تبعية مركز الخزف والحرف التقليدية لصندوق التنمية الثقافية صدر قبل قرار إنهاء عمله في قطاع الفنون التشكيلية بيوم، وقال: كل ما يتعلق بمساهمة الأمير تشارلز عرفتها كلها من الصحف، لكن المثير في هذا الموضوع هو كيف يتم نقل قطاعات مهمة جدا خاصة بالحرف التقليدية وفن الخزف بالفسطاط إلي صندوق التنمية الثقافية فهذا لا يجوز حتي بأمر وزير الثقافة، ولذلك هناك علامة استفهام كبيرة فيما يتعلق بنقل التبعية كما أنه واضح أن إصدار قرار إنهاء عملي في القطاع قبل قرار التبعية للصندوق بيوم مدبر من فاروق حسني، لأنه لا يستطيع أن يصدر هذا القرار وأنا رئيس لقطاع الفنون التشكيلية فكنت بالطبع سأرفض. وطالب الدكتور أحمد نوار الجهات الرقابية بأن تتم مراجعة ملف الخمسة ملايين جنيه إسترليني بالكامل من البداية وكيف تم تحويلها إلي عملة مصرية؟ وكيف تم إيداعها في حساب صندوق التنمية الثقافية؟ وأوجه الإنفاق حتي تتبين الحقيقة كاملة وفي ضوء وضع خطة للتطور الشامل لتنمية الحرف التقليدية كان يجب من وزير الثقافة طرح هذا التصور علي الرأي العام ومن خلال مؤتمر صحفي وتقديم الشكر للأمير تشارلز، فذلك ليس موقفًا شخصيا كي يشكره سرًا.