للعام الثانى على التوالى تنظم مؤسسة صفصافة للنشر والثقافة فعاليات الدورة الثانية من «أسبوع الكوميكس فى مصر» وهو مهرجان سنوى يقام فى الفترة من 2 إلى 7 نوفمبر. تتضمن دورة هذا العام التى تحمل عنوان «حرية الرسم» عقد ورشتين تدريبيتين إحداهما للهواة والأخرى للمحترفين، بالإضافة لمائدتين مستديرتين حول فن «الكوميكس وحرية التعبير»، والأخرى حول «النشر المستقل فى مجال الكوميكس»، وتتضمن أيضاً معرضًا للفنانة باربرا مويلى (سويسرا)، ومعرضًا آخر مجمعًا لعدد من الفنانين المصريين، وتكريمًا للفنان المصرى خالد الصفتى لدوره الرائد فى النهوض بمجال الكوميكس فى مصر. وقال محمد البعلى مدير المهرجان فى حديثه لروزاليوسف»: تشهد مصر فى السنوات الأخيرة ظهور جيل جديد من الرسامين والمؤلفين الذين يتجهون لفن الكوميكس والروايات المصورة، ويتوازى ذلك مع تنامى الاهتمام بفن الكوميكس من قبل الناشرين والقراء خاصة بعد نجاح عدة مطبوعات تتضمن أعمالا من فن الكوميكس للكبار مثل مجلة «توك توك» وغيرها. مضيفاً «مع قيام عدد من دور النشر المحلية بترجمة روايات مصورة لفنانين أجانب، ومن هنا حرصت صفصافة كدار نشر على التركيز على نشر فن الكوميكس، الذى أعتقد انه سيكون له مستقبل كبير فى السوق المصرية والعربية خلال الفترة المقبلة. وأوضح البعلى «رغم حالة الطفرة الواضحة فى فن الكوميكس فى السنوات الأخيرة، لكن للأسف ليس لدينا فى مصر فعاليات من أى نوع حول فن الكوميكس ألا نادراً، لذالك فكرة فى ان يكون هناك مهرجان يقام كل سنة كخطوة أولى للتعريف بفن الكوميكس وعمل ورش عمل للشباب بالتعاون مع الفنانين الكبار والفنانين الأجانب وعرضت الفكرة على عدد من المؤسسات والمراكز الثقافية الأجنبية والمصرية والعربية وتشجعوا للفكرة وبالفعل نحن الآن بصدد أسبوع الكوميكس الثانى فى مصر، والذى يشهد العديد من المعارض وورش العمل والفعاليات المتنوعة فى القاهرة والعديد من المحافظات». وشهد حفل الافتتاح عقد أولى ندوات المهرجان والتى تناولت مستقبل الكوميكس فى الوطن العربي، وتحدث فيها كل من الكاتب والمدون المصرى «أحمد ناجي»، والباحث الأمريكى «جوناثان جاير». وفى كلمته تحدث أحمد ناجى صاحب رواية «استخدام الحياة» التى تمزج بين السرد الروائى وفن الكوميكس، عن تاريخ صناعة مجلات الكوميكس فى مصر منذ انطلاقها فى الثلاثينيات، مشيرًا إلى انزوائها بفعل تغيرات الحرب العالمية نهاية الأربعينات والتى أدت إلى إحجام مصر لحرية إصدار المطبوعات الصحفية وخاصة الكاريكاتورية، ثم عودتها مرة أخرى أوائل الخمسينيات ولكن بتوجهات محافظة مع ظهور مجلة سندباد، ثم سمير التى بدت أكثر تحررًا منها. وأضاف ناجى تأثر فن الكوميكس سلباً بدخول دول خليجية كبرى فى الصناعة، عبر مجلات مثل باسم وماجد والتى جذبت معظم فنانى الكوميكس نظرًا للرواتب المالية الضخمة التى رصدتها لهم، ولكن التوجهات الأيديولوجية التى فرضتها تلك المجلات ابتعدت بهم كثيرًا عن إيقاع التجارب الفنية الضخمة، مما حال دون استمرارها وأدى إلى انزواء تأثيرها وانسحابها، لتفسح المجال لتجارب مستقلة أخرى. وأوضح ناجى أن غياب السوق الحقيقية هو السبب فى تخبط فن الكومكس العربى وعدم تبلوره كمشروع واضح، مشيراً إلى أن الدورة المستقلة والتى يمكن التعويل عليها فى تعانى من غياب مفهوم ثقافة نشر الكومكس، ولا تعتمد على فريق الكومكس كاملا وتكتفى فقط بالرسام والكاتب، أو الرسام والمترجم. ومن جانبه قال الباحث الأمريكى «جوناثان جاير» أن الموجة الجديدة من فن الكوميكس لا تنفرد بها مصر وحدها بل تشترك معها تونس والجزائر والمغرب ولبنان وأكد جوناثان أن فن الكوميكس يعود تحديدًا إلى عام 1930، حيث صدرت أول مجلة متخصصة فى الكاريكاتير تحت عنوان «الفكاهة»، مؤكدًا أن الفن العربى المعاصر له طابع آخر غير السائد عالميًا، والذى اهتم بقصص الخوارق، وكانت بداية الأمر فى الثمانينيات ببيروت، حيث بدت الرسومات التى ظهرت فى ذلك الوقت ذات ارتباط وثيق بمفردات الحياة اليومية، فجاءت أعمال الفنانين ترجمة لخبراتهم حول ماجرى فى الحرب اللبنانية، ولعل جاد خوري، بحسب بحث جاير، هو رائد ومؤسس ذلك الاتجاه، وقد تأثر به كثيرون ما أنتج عنه لاحقًا مشروع مهم آخر هو مجلة السمندل المتخصصة فى الكوميكس.