عن دار رؤية للنشر بالقاهرة صدر مؤخرا كتاب بعنوان «الخبر والحكاية .. الشكل الدلالى فى الإمتاع والمؤانسة لأبى حيان التوحيدي» للناقد والأكاديمى المغربى الدكتور بشرى قانت الذى يشير إلى التشابه فيما بين أحاديث «الإمتاع والمؤانسة» مع أحاديث «ألف ليلة وليلة»، رغم أن كتاب التوحيدى يفتقد الحكاية الإطارية لكتاب ليالى شهرزاد التى تنظم بنيته السردية بحكم طبيعتها الشفاهية، ولكنه لم يفتقد – فى بنيته السردية – النسق الداخلى لبنية الليالي، حيث كل قصة من قصص الليالى مستقلة عن غيرها، ولا تربط بينها إلا وحدة الراوى (شهرزاد) والمروى له (شهريار)، وهذا ما أفاد منه التوحيدى (الراوي) فى روايته الأحاديث للوزير (المروى له). كما كشفت المادة الفولكلورية عن حياة أبى حيان بما فيها من تناقض، وعبرت عن شخصيته المتمردة ونفسيته المتشائمة؛ فاللوم عنده نوع من التنفيس، وحديثه عن صنوف من الشخصيات هو ضرب من الإسقاط النفسي، كما أن نوادر السياسة والشطار والعيارين تعكس موقفه من السلطة. وحدد الباحث استراتيجيات السرد عند التوحيدى وتتمثل فى : الاحتجاج، الجدل، الاقتباس، النقل، التضمين، الإشارة، التلفيق، الإهمال المتعمد، التصريح، المراوغة، العناية بأصناف الكلام أكثر من رسم الشخصيات وسير الأحداث، قصد الإمتاع وبغية المؤانسة ولكن ذلك لا يلغى مقصديته فى تبليغ رسالة ما. ويشير الباحث إلى أن الخبر ذو بنية دلالية بسيطة وأن الحكاية ذات بنية دلالية مركبة، على خلاف ما كانت تذهب إليه الأبحاث البنيوية التى لا تميز بين الخبر والحكاية من حيث دلالتهما، وإنما من حيث شكلهما (الخطاب). ويشتغل الباحث على مجموعة من النصوص الحكائية ذاتها، ومقاربتها انطلاقاً من الحوارية والموضوعاتية. وهو اشتغال يؤكد ارتباط النصية بالانسجام والتماسك، وهذا ما يتيحه توظيف المفاهيم الموصولة بالمكونين وفى المقابل يبرز التباين القائم بين النوعين السرديين بتعرف كيفية تشكل دلالتهما، أى طريقة تقديم مادتهما الدلالية، وذلك من خلال تجلياتهما النصية، وهو تباين أفرزه التفاعل المعيارى القائم بين المكونين الحوارى والموضوعاتى فى كل نوع سردى. وانطلاقاً من هذين المكونين (الحوارية والموضوعاتية)، يعتبر هذان النوعان السرديان شكلين دلاليين متباينين من حيث كيفية تشكل دلالتهما. وتتم معالجة هذا التباين بالاشتغال على مجموعة من المفاهيم مثل: المفاهيم المرتبطة بالمكون الحوارى والمتمثلة فى الكون الدلالى والعوالم الدلالية وعلاقتها بالمركز التلفظي/ الفاعل، والتشاكل الدلالى الموصول بالمكون الموضوعاتى . تتجاوز هذه المفاهيم، عند الاشتغال على النوعين السرديين، حدودها اللسانية لتلامس الجانب السردي، وهنا يتم ربطها بالمادة الحكائية من خلال مجموعة من المقولات: الحدث، والشخصية، والزمن، والمكان .