آلاف الأفدنة من أجود أنواع الأراضى الزراعية تتعرض للنحر على ضفاف النيل بمحافظتى قناوسوهاج نتيجة ارتفاع منسوب وقوة أندفاع المياه ونعومة التربة، وما يقرب من 20 ألف نسمة بجزيرتى «العبل والحمودى» بمركز الوقف يعيشون حياة مأساوية يتجرعون المرارة فالخطر يحاصرهم من جميع الاتجاهات، ناهيك عن أن المرافق والبنية التحتية متهالكة ونحر النهر تسبب فى تدمير وإتلاف أكثر من 500 فدان بقنا من أجود الأراضى الزراعية، و380 مهددة بالتدمير فى سوهاج. كما أن إنشاء قناطر نجع حمادى ساهم فى ارتفاع وزيادة منسوب المياه بعدد من قرى مراكز نجع حمادى والوقف ودشنا، فضلا عن ظاهرة نحر النهر والتى تتكرر سنويا مع موسم الفيضان النيلى بدءا من شهر يناير وحتى آخر العام. يري محمود أحمد من جزيرة الحمودى، أن الحياة فى الجزيرة أشبه بالقرون الوسطى فجميع المرافق متهالكة والمنازل تتساقط واحدًا تلو الآخر ونحر النهر دمر منازلنا وأراضينا الزراعية التى هى مصدر رزقنا الوحيد، وتتآكل يوما بعد يوم، قائلا: تعبنا من كثرة الشكوى للمسئولين ودائما نسمع وعودًا دون استجابة، مناشدا المسئولين بالمحافظة ووزارة الرى بإدراجهم ضمن خطة تبطين القرى المعرضة لنحر النهر قبل فوات الأوان وقبل أن يبتلعنا النهر ونصبح فى خبر كان. ويشير شعبان سالم من أهالى الجزيرة إلى أن حياتهم وحياة أبنائهم على كف عفريت حيث أن وسيلة المواصلات الوحيدة للانتقال بين البرين الشرقى والغربى هى القوارب والفلوكة والمراكب الصغيرة ما يعرض حياة الركاب للخطر، خاصة تلاميذ المدارس وكبار السن والمرضى الذيين يستيقظون مبكرا ويعودون ليلاً وفى أوقات متأخرة، حيث أنه لا يوجد أى طرق تربط بين الجزيرتين واستحالة دخول السيارات إلى جزيرة العبل لان. ويضيف شعبان أن هناك تقريرًا صدر فى عام 2008 طالب بضرورة تهجير الأهالى البالغ عددهم 10 آلاف أسرة من الجزيرتين بعدما دمر نحر النهر منازلهم وأراضيهم ونقلهم إلى مدينة الوقف الجديدة، لكن مجلس مدينة الوقف رفض تهجيرهم وحصولهم على منازل بديلة. ويؤكد على عبد الدايم، مزارع، أن نحر النيل ظاهرة تتكرر سنويا خلال مواسم الفيضان النيلى وتبدأ من شهر يناير حتى أواخر العام وتسببت فى تدمير أكثر من 500 فدان منها 90 فدانًا بحوض العليق و330 أخري بحوض الأوقاف و80 فدانًا بحوض الموردة من أجود الأراضى الزراعية، مستنكرا من قيام جهاز حماية النيل بمطاردة كل من يحاول البناء والتعمير بالمحاضر بحجة التعدي علي حرم النيل. ويتعجب مصطفى خالد، طالب من أن مياه النيل تحيط بهم من كل اتجاه، لكن مازالوا يعتمدون على مياه الطلمبات الحبشية والآبار التى تسببت فى العديد من الأمراض لأهالى الجزيرتين نظرا لاختلاطها بمياه الصرف لاعتمادهم على الطرنشات والأبيار، موضحا أن الخدمات الصحية سيئة ويقطعون مسافات طويلة للوصول لمستشفى الوقف المركزى بسبب عدم توافر الأدوية والأمصال بالوحدة الصحية. ويلفت خالد إلى أن المدرسة الابتدائية المشتركة بجزيرة الحمودى متهالكة وأوشكت على الأنهيار وهيئة الأبنية التعليمية عاينتها أكثر من مرة ووعدت بإعادة ترميمها لكن لم يحدث شىء، مطالبا بضرورة وضع مشاكل جزيرتى الحمودى والعبل عين الاعتبار. ويطالب مهدى البس، من أهالى جزيرة القلمينا الوسطى، مجلس مدينة الوقف بسرعة استكمال الرصيف الحجرى الذى نفذت منه وزارة الرى جزءًا كبيرًا إلى باقى جزيرة القلمينا والمناطق التى تتعرض للانهيارات المستمرة بجزيرة القلمينا القبلية وأجزاء من نجع الجامع. أما حيدر أحمد من نجع الطبايخة بمركز دشنا التابع لقرية فاو غرب فيروى والذى يتراوح سكانه نحو 300 أسرة يقول إن الأهالي فى معاناة مستمرة رغم عشرات الشكاوى التى تقدموا بها إلى مجلس مدينة دشنا لإقامة رصيف حجرى، إلى جانب مراسلة وزارة الرى إلا أن مجلس المدينة تقاعس تماما وترك المنازل المبنية من الطوب اللبن تنهار. ويضيف محمود عبد العزيز، موظف، أنه تم عمل رصيف حجرى بجوار قرية الصبريات منذ التسعينيات لكن لم يتم استكماله للطبايخة ما أدى لانهيار المنازل، ورغم معاينة لجان وزارة الرى أكثر من مرة ووعدها بعمل رصيف منذ عام 2008 إلا أن شيئا لم يتم الأمر الذي يزيد معاناة البسطاء. ويشير محمود عبد الوارث، مهندس زراعى إلى أنه كان من المقرر قبل افتتاح قناطر نجح حمادى الجديدة عام 2009 تنفيذ مشروع الحماية البيئية والذى يشمل تنفيذ الصرف الصحي بالمنازل والصرف الزراعي بالأراضي والقري المحيطة بها قبل تشغيل المشروع بتمويل من الجانب الألماني لحمايتها من السلبيات الناجمة عن رفع منسوب المياه أمام القناطر الجديدة، إلا أنه ورغم بدء العمل بالمشروع منذ 9 سنوات لم يتم الانتهاء منه حتى تاريخه ما تسبب فى تحول أكثر من 10 الآف فدان من أجود الأراضى الزراعية بقري الرزقة والقلعية والعرب ونجع موسى والقبيبة وأولاد على بأبو تشت وفرشوط والتى تقع جنوبالقناطر الجديدة إلي برك وطبلت أراضيها وتشبعت بالمياه بسبب ارتفاع المياه الجوفية ما أدى إلي تكبد الفلاحين خسائر فادحة بعد تراجع انتاجية الفدان إلى أقل معدل. من جانبه أكد اللواء عبد الحميد الهجان، محافظ قنا، أنه قام بجولة تفقدية لجزيرة الحمودى تفقد خلالها مدرسة الحمُودى الابتدائية المشتركة، والوحدة الصحية بالقرية وشاهد أوضاع الخدمات المتدنية فى القرية. وكلف الهجان مسئولى التربية والتعليم وهيئة الأبنية التعليمة بإجراء معاينة على الطبيعة لمدرسة للوقوف على الحالة الإنشائية لها، وسرعة اتخاذ الإجراءات القانونية لإمكانية إخلاء المدرسة ومن ثم طرحها فى مناقصة لإعادة بنائها من جديد، لافتا إلي أنه خصص مليونًا و200 ألف جنيه لتطوير الوحدة الصحية. إلى ذلك تواجه 380 ألف فدان من أجود الأراضى الزراعية على مستوى محافظة سوهاج تآكل بسبب نحر النيل الذي يهدد تلك الأفدنة بتآكل جوانبها الواقعة على ضفاف نهر النيل بطول أكثر من 120 كيلومترا من دار السلام شرقا حتى مركز البلينا جنوبا ومركز طما شمالا. يوجد فى محافظة سوهاج 46 جزيرة من الجزر النيلية الواقعة فى وسط نهر النيل وأغلبها يقطنها السكان وتعانى جميع الجزر من نحر النيل بفعل زيادة منسوب مياه النهر وعدم وجود تكاسى لجوانب شواطئ النهر. يقول العمدة محمد أحمد الديب، نقيب الفلاحين، إن جميع قرى محافظة سوهاج الواقعة على ضفاف نهر النيل تعانى من هذه الظاهرة حيث يشكو الفلاحون عدم تنفيذ مشروعات تكسية جوانب النهر. ويوضح أن مركز دار السلام من أكثر المراكز تضررا من نحر النيل لأن أغلب القرى التابعة له تقع علي النهر شرقًا منها قرى الخيام ونقنق وأولاتد يحيى بحرى وقبلى ومزاته وأولاد سالم بحرى وقبلى وعرب العطيات والصبحة. ويلفت محمد أحمد حسن، من سكان قرية الهريف التابعة لجزيرة الخزندارية مركز طهطا إلى أن الجزيرة تعرضت منذ سنوات لأكبر عملية تآكل نتج عنها انهيار وتصدع 12 بيتا مقامة على شواطئ نهر النيل، فضلا عن مديرية الري لم تستكمل أعمال تكسية النهر، ناهيك عن أن الشكاوى التى تقدم بها الأهالى لم تحرك ساكنا. من جانبه يقول المهندس محمد مراد وكيل وزارة الزراعة إن جميع قرى سوهاج الواقعة على نهر النيل خاصة بأخميم وساقلتة ودارالسلام وجرجا والبلينا وطهطا والمراغة والمنشاة تحتاج إلى تكسية على وجه السرعة لحماية الأراضى التى ينحرها النهر دون العمل على مواجهة هذه الظاهرة.