اكتظ "صالون نجيب محفوظ" الشهري بالأعلي للثقافة بحضور كبير من الشباب من طلبة الآداب قسم اللغة العربية اهتماما بموضوع اللقاء الذي ناقش: "المرأة في أدب نجيب محفوظ"، الذي افتتحه الروائي خيري شلبي، مقرر لجنة القصة، معتبرا أدب محفوظ أدبا نسائيا أكثر منه رجوليا، من حيث رسمه شديد الدقة لنسائه، بطريقة نري من خلالها أعماق المجتمع المصري أكثر من الرجال، لأننا في واقع الأمر في مجتمع أمومي أكثر منه أبوي. أشار الروائي فؤاد قنديل، الذي أدار اللقاء، معلنا بداية الندوة، إلي أن من الكتاب الكبار الذين اهتموا بالمرأة وعبر عنها بأسلوب خاص جدا أيضا، إحسان عبدالقدوس، ثم أعطي الكلمة للناقدة ثناء أنس الوجود رئيس قسم اللغة العربية بآداب عين شمس، التي تناولت صورة المرأة في "الثلاثية"، والتي انتقدت معظم الدراسات التي تناولت المرأة عند محفوظ لانقسامها ما بين مهاجم لأسلوب محفوظ الذي يظهر المرأة عاهرة، وقسم آخر تبني الدفاع عن هذه الرؤية الضيقة بدعوي أنه ليست كل العاهرات في جوهرهن ساقطات، لذا أكدت أنه لايمكن دراسة المرأة عند محفوظ بعيدا عن دراسة الرجل، لهذا استهلت حديثها بتشريح شخصية "سي السيد" والذي اعتبرته وتد الثلاثية، الذي يحمل أربعة وجوه مختلفة ومتناقضة دفعة واحدة هم: شهريار في منزله، التاجر في دكانه، الراقص وضارب الدف مع البغايا وأخيرا الوطني والمناهض للاستعمار. لهذا كانت "هنية" طليقته أم يس ولأنها شهوانية عاملته بندية لذلك رفضها، أما "أمينة" التي تماهت معه لأنه تزوجها وهي ابنة الأربعة عشر ربيعا فلم تستطع الخروج عليه بل وانسحبت شخصيتها علي باقي نساء المنزل مثل ابنتيهما " عائشة وخديجة"، الوحيدة التي استطاعت كسر إرادته كانت الغانية "زنوبة"، أما باقي نساء الرواية مثل عايدة وغيرها كن مختلفات لأنهن بعيدات عن سيطرته. تابع قنديل كلمة أنس الوجود أن "الثلاثية" كانت من أهم حيثيات فوز محفوظ بنوبل للآداب، ليلحق الكلمة للناقد سامي سليمان أستاذ الأدب والنقد الحديث بآداب القاهرة والذي تناول المرأة في روايتي "الكرنك" و "الحب تحت المطر"، عن اختيار سليمان لتلك الروايتين تحديدا لأن "الكرنك " نشرت في 1974 أما "الحب تحت المطر" ففي 1973 اي بعد النكسة، وهي مرحلة فرعية في إبداع محفوظ لطغيان الكتابة القصصية عنده. كانت نساؤه هنا من الشابات أو من "جيل الثورة" كما وصفهن، وكان الجامع بين شخصية الشباب والشابات في كلتيهما السعي نحو تحقيق الذات، فحرص محفوظ علي التوازي بين الذاتي والفرعي. في "الحب تحت المطر" صور تداعيات هزيمة 67، واستخدم أداة فنية بارزة وهي "الحوار" الذي تميز بالرشاقة، أما في "الكرنك" تعامل محفوظ مع منظور القهر السياسي وتأثيره علي شخصياته، لذا نجد "زينب دياب" وكيف سلكت طريق السقوط بعد انتهاك عرضها بالمعتقل نوعا من تعذيبها لنفسها. مرة أخري يعود بنا الروائي محمد إبراهيم طه إلي "زقاق المدق" 1947 وقابلها ب"الطريق" 1964، بغرض إبراز التحول الإبداعي ما بين المرحلة الاجتماعية من خلال "حميدة" في "زقاق المدق" التي عكست المجتمع في تلك الفترة، إلي المرحلة الرمزية والفلسفية في "الطريق" حيث كانت "كريمة" رمز الشر أما "إلهام" فرمزت للخير في حياة "صابر الرحيمي". اختتم اللقاء بتشريح الناقد يسري عبدالله استاذ الأدب والنقد بجامعة حلوان الذي تناول المرأة في "ميرامار" 1967، "اللص والكلاب" 1961و"ثرثرة فوق النيل" 1966، متناولا التشكيل السياسي الليبرالي لمحفوظ لذا كان للمرأة حضور خاص عنده، في "اللص والكلاب" أمسكت الزوجة الخائنة بداية العمل في حين أمسكت "المومس الفاضلة" نهايته ليتأرجح بينهما البطل التائه "سعيد مهران" ليعبر عن مرارته قائلا "لم يعد لي ثقة في جنسها كله" مشيرا لزوجته الخائنة. في "ميرامار" كان النص مغايرا في تعاطيه مع المرأة لتبرز كرابط تقني مركزي كشف عن مصائر الشخوص، فجاءت "زهرة" تعبيرا عن الأمة المصرية الناهضة في لحظة سياسية فارقة والتي عانت من غباءات المستهترين والانتهازية لكنها أبت الانسحاق لهم. أما "ثرثرة فوق النيل" اتسمت شخصية الصحفية "سمارة بهجت" أنها الشخصية الحافزة والدافعة، فالرواية رصدت اللحظة الستينية، أنهي عبدالله ورقته قائلا: "قدم محفوظ إمكانية جديرة بالرصد لنماذج متباينة للمرأة، متعاطيا معها بوصفها نماذج واقعية".