بدأ خيري شلبي بالحديث عن تجربة محمد جلال في مجلس الإذاعة والتليفزيون وعن كونها تجربة رائدة كما اعتبره أسرع كتاب الرواية وصولا إلي شاشة التلفاز ففي أعماله مادة غنية محتدمة بصراعات متنوعة فهو حالة فريدة بين كتاب مصر المعاصرين في المثابرة والجد والاخلاص لفن الرواية التي اعتبرها معبده وبالرغم من هذا كله وبالرغم من غزارة الأعمال فإنه يعبر عن قصة معاناة مؤلمة حياة حافلة غاب عنها الانصاف فمنذ أول مسلسل له "المعدية" وإلي أن ظهرت الثلاثية "المال والبنون" ظهر إلي الناس بقوة وحتي آخر أعماله لم يلاقي التكريم الذي يناسب مكانته الأدبية. ثم تحدث د. عماد أبو غازي بتأثر شديد عن مدي قرب العلاقة بينهما وأن وقع الصدمة شديد وغير مصدق إلي وقتنا الحالي وتناول قصة حياته المؤلمة التي لم يلق فيها التقدير الذي يناسبه فباعتباره أهم الروائيين المصريين فيما بعد نجيب محفوظ فكان لابد أن يكون هناك من يقدر أعماله المهمة التي ترصد الواقع الذي نعيش فيه الآن وكنت أتمني أن تكون هذه الندوة بحضوره. بعد ذلك تحدثت عفاف جلال شقيقته عن مدي نجاحه في حياته منذ طفولته وذكره أن باكورة أعماله التي عرفه من خلالها المجتمع الأدبي قصة جميلة أبو حريد المناضلة الجزائرية وأكدت أن شقيقها دفع بعمله البكر إلي الفنانة ماجدة الصباحي ففوجئ فيما بعد بمفاجأة مباغته حيث راعة نسب نصه إلي القاص يوسف السباعي وكافح وهو شاب في مقتبل حياته لاسترداد النص واثبات أبوته له لكن التيار آنذاك كان أشد منه بقوة فقنع في نهاية الأمر بأن يوضع علي الفيلم السينمائي المأخوذ عن النص عبارة فكرة محمد جلال وهذا ما عمق في نفسه صرحا لم يندمل حتي ظل مريضا ملازما الفراش نحو اكثر من شهر من فرط احسان بالقهر بيد أن كلمات الوالده الناضحة حسمت الأمر في نفسه حين قالت له بوضوح وحسم حينما يأتي الريح العاتية لابد من أن نحني الرأس حتي تمر بسلام حيث كان لكلمات الأم أكثر من وجه المعقولية خصوصا ما عرف من صلات يوسف السباعي الوثيق بقيادة الثورة ونفثة الأمل التي منحتها الأم واصل ابداعه الأدبي مجددا وأنجز عمله الروائي الذي كان في أعقاب الأزمة وهو "حارة الطيب" فهو صفحة جميلة من صفحات تاريخنا من الممكن أن نطويها لكننا نعود لنفتحها واختتمت كلامها بأنها أثناء حوارها مع الروائي العالمي نجيب محفوظ قال لها أن شقيقها هو خليفته وأنه يتتبع خطواته. وببساطة شديدة تحدث حسين حمودة الذي أعتبره واحد من الكتاب الجادين الذين واصلوا الاهتمام بفن الرواية بعد نجيب محفوظ حيث تحركت رواياته بين عوالم متنوعة وأكد قطاع مهم منها علي الحي الشعبي فكان استمرار للتناول الذي أحتل مساحة من روايات محفوظ وقد نحي منحي تخطي الرصد التسجيلي وأضاف حمودة أن هذه الجلسة في ودائع هذا الروائي القدير سوف نرتضي بعد التين العدالة الأولي عدالة الابجدية من د. أماني فؤاد التي أعتبرت أننا اعتدنا دائما أن يكون التكريم للمدعين بعد رحيلهم لكن من الوفاء اليوم أن نقدم دراسات نقدية لذكراه ليس علي سبيل أذكروا محاسن مبدعكم الراحل لكن تمجيدا لهم ولأعمالهم ثم تناولت بعد ذلك دراسة نقدية لرواية " أنثي في مناورة". وقال عوض الغباري إن محمد جلال عاشق الحارة المصرية والمصريين البسطاء فارس البسطاء وسندباد الرواية العربية الذي شارك في الحياة الأدبية والثقافية حتي الرفم الأخير للمفارقة أنه شارك في فلك نجيب محفوظ وكانت له خصوصيته حيث كان له أسلوب عذب ذو تسلسل بديع دائما في رواياته هناك ثلاث أو أربع صفحات بالعامية. كما أن الأسلوب الشعري هو ذلك الأسلوب الذي يتسم به الجو العام في لغته حيث كان باحثا دائبا عن العدالة في رواياته فهو الذي كان يعتبر نفسه أبن الحارة الذي لم يكتشفها إلا من خلال أدب محفوظ فأيضا الدقة والمثابرة كانت أصل رواياته التي كانت كالبناء فكان يتابع عمله باستمرار حيث استغرقت كتابة إحدي رواياته سبع سنوات ثم قدم الغباري تجليات الدلالة الفنية في رواية أرض البنفسج أعتبر من خلالها أن جلال كاتبا مصريا حتي النخاع وقد تعرض للظلم وأيضا ظلمته شهرته الرائعة التي أكتسبها من مسلسلاته ومن الناس فلم يلاقي ما يستحقه من تكريم أبدا وأكدت هالة البدري أن النجاح الذي حققه جلال في مجلة الإذاعة والتليفزيون في التوزيع كان كبيرا لم يحدث أبدا خلال أعوام المجلة الخمسة والسبعين إلا في فترة توليد رئاسة التمرير فض بعض الأحيان كان يصل التوزيع إلي 100.000 نسخة وكانت شركات التوزيع تطلب من المطبعة زيادة الأعداد في حين كان توزيع مجلات أخري عيرقة 5000 نسبة فقط فضلا لم توزيع المجلة هذه الأعداد إلا في عهد محمد جلال فهو رئيس التحرير الوحيد الذي تم استدعاءه بعد أن غادر المجلة ليعاود الكتابة وظل يكتب فيها حتي رحيله وسنظل نذكره مدي الحياة. سنظل نذكر من كان يري أن القراءة تنقسم إلي قراءة بشر وقراءة مدن وقراءة كتب وقراءة من خلال الشاشة الفضية الصغيرة والكبيرة منكان يعتبر أسعد لحظات عمره تلك التي يقضيها مع القلم والورقة فقد كان قبل الجلوس للكتابة يغتسل ويتعطر ويستمع إلي الموسيقي من كان يحمل معه الرواية والحارة بصفة دائمة فالرواية كانت تعيش معه واحداثها مستمرة بداخله. فهو عشق الكلمة منذ نعومة أظافره فعشقته وأحبه عشاق الكلمة فكان هذا الحب هو الملاذ فقد نقش بأدبه طريقا مميزا صاغ معالمه بالتنوع والتجديد والتعبيرية الشاعرة ولذا فهو من أهم الروايين العرب لجيل ما بعد محفوظ فقد صال وجال في دنيا الرواية كي يبحث عن معني كلمة مصر التي عشقها قلبه عشقا جما بكل الحب وقضي ثمانين عاما هي عمره الحافل بالابداع في رسم ملامح شخصيتها وتمجيد أهلها ولم يبحث عن مجد لذاته لأنه لم يكن كاتبا تجديديا يلعب باللغة أو يبحث عن شكل زخرفي ينال به الإعجاب. وقد كان التكريم الوحيد له في حياته منذ نحو عامين في رسالة دكتوراه عن أعمال محمد جلال في كلية الألسن بجامعة عين شمس وقد سعد بها جدا الأديب الكبير سعادة غامرة بمعالجة أعماله في الأوساط الأكاديمية.