كتب - ناصر حسين لا أحد يتصور أن المحاكمات التي تجري الآن لبعض فلول نظام المخلوع حسني مبارك ستقنعنا.. الآن المحاكمات تجري حول الفساد المالي الذي ارتكبه المفسدون في الأرض بدءا من رأس النظام إلي جزء من جسده، ولكن هناك جرائم أخري ارتكبت ولا أحد يلتفت إليها.. وكان يجب علي الدكتور عبد المجيد محمود النائب العام ألا يبدأ التحقيق فقط مع الذين استولوا علي المال العام ولكن كان يجب أن يتم التحقيق مع الذين دمروا حياتنا السياسية والثقافية وأتناول هنا الذين دمروا تراث السينما المصرية وسهلوا للأجانب الاستيلاء علي التراث السينمائي في مصر بالمخالفة للقانون سواء قانون حماية حق المؤلف رقم 354 الصادر في عام 1975 أو قانون الملكية فكرية رقم 82 الصادر عام 2002 . أما الجهات التي سهلت بيع أكثر من ثلاثة آلاف فيلم من تراث السينما المصرية ثلاث جهات أولها غرفة صناعة السينما التي يرأس مجلس إداراتها منيب شافعي ومديرها العام سيد فتحي فقد اصدر شهادات ملكية للذين اشتروا الأفلام من المنتجين بالمخالفة الصريحة للقوانين التي أشرت إليها سلفا.. لأن المنتج الذي باع ليس مالكا للمصنف الفني وإنما المالك الحقيقي هو المؤلف.. وقد حددت المادة 31 من القانون 354 لسنة 1954 وحددت الفقرة الأولي من المادة 177 من القانون 82 لسنة 2002 والخاص بحماية الملكية الفكرية ملاك المصنف الفني وهم خمسة مؤلف السيناريو والحوار والذي يقوم بتحوير القصة لتصلح أن تكون مصنفا سينمائيا ومؤلف الموسيقي التصويرية والمخرج. أما المنتج فهو نائب عن هؤلاء ولا يستطيع أن يتصرف بالبيع إلا إذا حصل علي تنازل من الشركاء في المصنف الفني وكما حددتها المادة 37 من القانون 354 لسنة 1954، والمادة 82 2002 وأن يتضمن التنازل المدة التي يستقل فيها المنتج الفيلم وإلا أصبح التنازل باطلا. ولكن منيب شافعي وتابعه سيد فتحي لم يلتزما بالقانون ومارسا الغش في إصدار شهادات ملكية للذين اشتروا تراث السينما المصرية من منتجي الأفلام أو ورثتهم وهذه جريمة ارتكبها الاثنان يعاقب عليها القانون. الجهة الثانية التي تواطأت في ارتكاب الجريمة وزارة الثقافة وعلي رأسها فاروق حسني وزير الثقافة الذي سكت عن اصدار غرفة صناعة السينما شهادات ملكية مع أن القانون 82 لسنة 2002 حدد الوزارات التي تصدر شهادات ملكية المصنفات وهي وزارة الثقافة بالنسبة للأفلام السينمائية ووزارة الإعلام بالنسبة للمسلسلات والبرامج ووزارة الاتصالات بالنسبة للكمبيوتر.. وكان الأجدر أن تتصدي وزارة الثقافة لتصرفات غرفة صناعة السينما وتوقف الشهادات التي اصدرتها أو التي تصدرها إلا أن التواطؤ واضح من جانب وزارة الثقافة. إن الجهة الثالثة المسئولة عن تدمير التراث السينمائي هم المنتجون إذ ورثتهم هم الذين باعوا ما لا يملكون. ولأن نظام الرئيس المخلوع استطاع أن ينشر الأمية القانونية حتي بين المثقفين انفسهم فان الكتاب والمؤلفين لم يعرفوا شيئا عن القوانين التي تحميهم.. مع أن أول قانون صدر لصالح المؤلف صدر في عام 1954.. ومع ذلك لم يتنبه أحد منهم إليه ولا إلي القانون 82 لسنة 2002 . ولا أحد يمكن أن يتصور أن الأفلام التي تم بيعها بطريق الغش والتدليس قد طارت بعيدًا.. ولكنها موجودة في مصر.. فإذا قام سيادة النائب العام بفتح الملف فإن العقاب سينال المسئولين في غرفة صناعة السينما الذين وفروا تراث السينما خاصة مديرها العام سيد فتحي حسنين والذي يجب أن يحال إلي جهاز الكسب غير المشروع لمعرفة مصدر ثروته.. وأيضا محاسبة وزير الثقافة ومعاونيه الذين صمتوا أثناء تدمير تراث السينما المصرية.. ومحاسبة الذين باعوا ما لا يملكون من المنتجين أو ورثتهم وخاصة الذين لم يحصلوا علي تنازل موثق من الشهر العقاري من المؤلف أو من ورثته وهذا ما نظمه قرار رئيس الوزراء رقم 162 لسنة 1993 بشأن المذكرة التفسيرية للقانون 38 لسنة 1992 والخاص بتعديل بعض مواد الرقابة علي المصنفات الفنية وجاء ذلك في المادة الخامسة من المذكرة التفسيرية. وهذا يعني أن المسئولين في عهد الرئيس المخلوع ضربوا بالقوانين عرض الحائط. لذلك التمس من سيادة النائب العام فتح ملفات الأفلام السينمائية الموجودة في غرفة صناعة السينما لأنها الجهة الوحيدة التي تحتفظ بكل أوجه الفساد الذي دمر تراث السينما المصرية.. وبالمادة التي تنص بأن الغش يبطل التصرف فإن التصرفات التي تمت بالغش الذي قامت به غرفة صناعة السينما بداية تبطل جميع التصرفات التي تمت.