هناك شرعيتان تنافستا لفرض إحداهما علي الحياة السياسية المصرية، وتتسابق كل شرعية بمحاولة فرض إرادتها علي ثوار المصريين في جميع المحافظات، ولعل الشرعية الدستورية والتي حاولت من خلال بيانات ألقيت سواء من "الرئيس مبارك" أو من النائب "سليمان"، وقد قام بتأييد تلك الشرعية الدستورية، كل من هو متفهم لاحتياج البلاد لاستمرار تلك الشرعية حتي يتسني للمجالس النيابية أن تمرر التعديلات الدستورية للمواد (76- 77- 88- 139) وغيرهم من مواد، تتحكم في نظام ترشيح وانتخاب "رئيس الجمهورية" وكذلك "الرقابة القضائية " علي تلك الانتخابات وأيضاً انتخابات البرلمان. هذه الشرعية الدستورية كان يميل إلي سيادتها بعض الصامتين (أو من كانوا صامتين) وأيضاً يؤيد هذه الشرعية بعض المستفيدين من استمرار الإدارة السياسية الحالية، حتي ولو كانت قد نقلت سلطاتها طبقاً للدستور خاصة المادة 82 لنائب رئيس الجمهورية. وهذا ما رفضته تماماً قوي الثورة المصرية، التي قادها شباب هذا الوطن، وضحي بمئات من الشهداء الأبرار التي أدمت قلوب المصريين، وأدمعت عيونهم عند مشاهدة صورهم في ميدان الشهداء (التحرير سابقاً) !! وهذه الجموع من الثوار يقف وراءها ملايين من المصريين المتعددي المتاعب، سواء كانت متاعب فئوية أو متاعب حياتية، أو حتي المظلومين من نظام حكم استشري فيه الفساد، والطبقية السوداء، والعشوائيات وضياع الفرص أمام الأكفاء وإجازة مكافآت نهاية الخدمة لكبار موظفي و ضباط وقضاة الدولة طبقاً لنظام "كوته" بحكم البلاد (محافظين) . كل هؤلاء الثوار ومن ورائهم الرافضين للشرعية الدستورية وهي السماح للنظام بالاستمرار حتي نقل السلطة والإدارة للدولة بطريقة دستورية وسلمية، هؤلاء مؤيدون للشرعية الثورية، وهي بأن ينتهي هذا النظام بما فيه استقالة رئيس الجمهورية، ونقل السلطة للقوات المسلحة، وإبطال العمل بالدستور الحالي وفي هذه الحالة يسقط البرلمان بغرفتيه دون سابق إنذار، وتسقط حكومة (د.شفيق) فوراً دون سابق إعلان. حيث تعطيل الدستور واستلام الجيش بإرادة شعبية ناصية الحكم لمرحلة انتقالية وتشكيل حكومة مؤقتة لإدارة أو تسيير أمور البلاد- وانتخاب لجنة تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد، يترتب عليه انتخابات برلمانية صحيحة طبقاً للدستور الجديد، وكذلك رئيس للجمهورية، وعليه تتشكل حكومة من الأحزاب التي نالت الأغلبية أو من ائتلاف بين الأكثر شعبية أو حصولاً علي الأصوات وهنا يعود الجيش إلي ثكناته وربما يكون النظام الجديد هو نظام برلماني يصبح فيه "رئيس الجمهورية" منصباً شرفياًً لا يحكم ويعود الحكم إلي مجلس الوزراء الذي فاز حزبه بالأغلبية. وهنا يمكن أن تستقيم الحياة أسوة بدول العالم المتحضر، ولكن كل ذلك يعود إلي قرار أو إرادة الشعب والمؤسسة العسكرية كما كتبت في ذلك يوم الأحد الماضي في (6فبراير2011) بروزاليوسف اليومية!! وقد كان ما أرادته جموع الشعب وفي مقدمتهم الثوار من شباب مصر، شباب "25 يناير" الذين سيسطر لهم التاريخ المعاصر أنها أنصع ثورة شعبية شاهدها العالم وللمستقبل يجب أن نوجه اهتمامنا.