محمد جاد أحد الأصوات الروائية الجديدة، اتجه لكتابة الرواية بعد عدة تجارب ساخرة مع شعر العامية، روايته مهمومة بمخالفة الثابت والمستقر، وتقديم المعيشي واليومي، يرصد الانكسارات والهزائم الشخصية والوطنية لشخصياته التي دفعتها الي الانكفاء والتقوقع علي الذات، بمناسبة صدور أولي رواياته "الورشة"، أجرت معه «روزاليوسف» هذا الحوار: عرفناك شاعرا ساخرا، لماذا فكرت في كتابة الرواية؟ - بدأت موهبة الكتابة داخلي شعرا بالعامية المصرية، وظهر تأثري بمناخ البيت الذي ولدت فيه، بجوار الربابة والسلامية والدفوف والمداحين والمداحات، التي كانت تعزف الملاحم الشعبية والصور الغنائية لوالدي محمود إسماعيل جاد، الذي كتب ولحن العديد من الملاحم والصور الغنائية، ومنها ملحمة "أدهم الشرقاوي"، التي تغني بها المطرب الراحل محمد رشدي. ثم تحركت نبرة السخرية في كتاباتي حتي صدر لي "أنا وخالتي" من الأدب الساخر، ثم أخذني الحنين للزمن الجميل، زمن الملاحم والصور الغنائية، ولخبرتي بميزانيات إنتاج هذه النوعية من الأعمال، قررت أن أكتب الرواية عوضا عن هذه الأعمال، بدأت بقصص قصيرة، إلي أن ناداني من داخلي عالم "الورشة" لكي أكتبه، وبعد معاناة من كتابة رواية "الورشة"، وإعادة كتابتها مرات ومرات، أتممتها ورضيت عن صورتها الأخيرة، خاصة بعد عن لاقت مخطوطتها الأولي استحسان بعض المبدعين المقربين لي، والذين أثق في ذوقهم الفني، ف"الورشة" بمثابة الإبن البكر لعائلة قادمة بعوالم أخري، أتمني أن يشعر القارئ أنه لم يرها من قبل في أي عمل إبداعي آخر، مثلما فعلت في رواية الورشة بعالمها الجديد، وهذا ما يأخذ كل تفكيري للفترة القادمة. هناك كتاب يتبرأون من أعمالهم الأولي .. ألا تخشي ذلك في المستقبل؟ - إطلاقا، خاصة عندما تكتب روايتك الأولي وأنت في الثامنة والأربعين من عمرك، أعتقد أن كاتبا في مثل هذا العمر هو في كامل وعيه ونضجه، ولا يجرؤ علي كتابة شيء يخجل أو يتبرأ منه فيما بعد. الرواية تتناول عوالم المهمشين والمطحونين .. فهل تريد أن تصنف نفسك كاتبا للمهمشين؟ - أتمني أن أرصد مالا يرصده الآخرون، حتي تكون عوالمي دائما مختلفة وجديدة، فأنا أكتب ما أعرفه فقط، ولا أنكر أنني أمزج الواقع بخيال يسهل علي القارئ الوصول لما أعنيه، طمعا في تشويقه وإمتاعه، ولا أخفي عليك سرا، فروايتي القادمة التي بدأت فعلا في كتابتها منذ أيام قليلة، تتناول جمال العلاقة بين بعضا من المهمشين وغير المهمشين. لماذا اخترت المكان بطلا لروايتك؟ مكان الرواية هو الذي ولدت به وعشت بحاراته وعطفاته وشوارعه، أعرف كل تفاصيله، عاشرت قاطنيه بكل ثقافتهم وعاداتهم وسلوكهم، وعندما تقرأ الصفحات الأولي للرواية تشعر أنك تعيش معي في المكان، وتتحدث مع سكانه وستشعر أنك تعرفهم من زمن بعيد. هل هناك فرق بين زمن الرواية والزمن الحقيقي؟ لا يوجد فرق بين الزمن في الرواية والزمن الحقيقي، فأحداث الرواية تدور في عصر الانفتاح، وإن كنت قد استخدمت الفلاش باك للحكي عن ماضي قريب، لكني لم أبعد كثيرا عن الزمن الذي رويت فيه الورشة. إلي أي مدي يمكن أن تمثل الرواية توثيقا للحياة؟ الرواية رصد يكتب بإبداع وليست تأريخا لأحداث ما، سواء وقعت هذه الأحداث في المدينة أو الريف، الأهم هو أن تكون الرواية بعيدة عن النقد والتنظير، وأن تظهر في ثوبها الأخير نقية بلا تزيف أو افتعال، وأتفق معك أن الرواية تلتقط أحداثها ومشاهدها من تقلبات الحياة بأكملها داخل الوطن بأكمله، وليس ما يدور بالمدينة فقط. لماذا نساؤك حزينات ومقهورات في الرواية؟ - النساء في هذه الرواية حالهم كحال أي فرد، يشعر بالقهر ولا يستطيع أن يبدله، لأنه لا يملك أداة واحدة من أدوات المقاومة، فنساء الرواية القليلات في مناخ هذه الورشة، لا حيلة لهن ولا قوة.