كتب فواز جرجس مدير مركز الشرق الأوسط فى كلية لندن للاقتصاد مقالًا بصحيفة الإندبندنت البريطانية يوم 23 نوفمبر 2012؛ علّق فيه على الإجراءات التى اتخذها الرئيس المصرى قائلًا: إنه استحوذ على صلاحيات جديدة واسعة النطاق عن طريق تحصين قراراته من رقابة القضاء، وتهديده بإعادة محاكمة كبار النظام السابق، بمن فيهم الرئيس السابق حسنى مبارك. وأشار جرجس إلى أن مصر من خلال «إعلان مرسى» تعيد انتاج عصر مبارك؛ فالرئيس السابق كان يستغل نجاحه فى إرساء الاستقرار فى قطاع غزة المضطرب لتعزيز نفوذه فى بلده ويبدو أن مرسى أيضًا استفاد من توسطه فى وقف إطلاق النار فى غزة لتعزيز سلطاته، من وجهة نظر الباحث.ووفقًا لما ورد فى مقال نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية يوم 22 نوفمبر 2012 للصحفيين سام داجر وجاى سولومون؛ يعتقد بعض المراقبين أن قرارات مرسى يمكن أن تعزز هيمنة الإخوان المسلمين على عملية صياغة الدستور، وربما تفتح الباب لإعادة محاكمة مسئولى النظام السابق ورجال الأعمال المرتبطين به الذين تمت تبرئتهم فى محاكمات الفساد. وفى مقالهما، نقل الصحفيان عن «مايكل حنا» الخبير فى شئون الشرق الأوسط فى مؤسسة القرن الأمريكية، قوله فى تعليق على قرارات مرسى: «هذا أمر مزعزع للاستقرار، ويشكل سابقة خطيرة». ومن جانبهما؛ رأى داجر وسولومون أن قرارات الرئيس المصرى جاءت لتوطيد سلطته فى الداخل، وتهميش السلطة القضائية التى تعد آخر المؤسسات التى تتحدى هيمنة الإخوان، والتى يعمل بها الكثير من القضاة من ذوى الميول العلمانية، والذين عيَّنهم نظام مبارك السابق. وفى مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست الأمريكية» يوم 22 نوفمبر 2012، قال مايكل بيرنباوم: إن اصطفاف الإسلاميين وراء مرسي، واحتشاد المعارضة العلمانية ضده؛ يهدد أى احتمال لتوحيد الجانبين اللذين استطاعا معًا الإطاحة بديكتاتور مصر السابق فى ثورة 25 يناير. وأضاف قائلا: إن مرسى منح نفسه «سلطات مكثفة يمتلك بها سيطرة واسعة على بلاده»، وربط الكاتب فى مقاله بين إعلان الرئيس لتلك السلطات الواسعة وبين حصوله على ثناء وتأييد دولى واسع لدوره فى إعلان التهدئة، ووقف إطلاق النار فى غزة. من جانبها، نشرت صحيفة «جادريان البريطانية» يوم 23 نوفمبر 2012 مقالا لناثان براون (أستاذ العلوم السياسية والشئون الدولية فى جامعة جورج واشنطن) وصف فيه القرارات التى اتخذها الرئيس المصرى بأنها «طريقة غريبة لبناء الديمقراطية». ورأى أن القرارات التى اتخذها الرئيس مرسى تقول إجمالا: «مرسى الذى امتلك كل السلطة، أول قراراتى مع امتلاك السلطة أن أعلن أننى لا أزال الأقوى، ولكن لا تقلقوا فهذا لبرهة قليلة من الوقت». ولا يستبعد الباحث أن ينجح مرسى فى تمرير سلطاته بسبب ظروف مصر والمنطقة؛ لا سيما أنه اختار توقيتًا جيدًا يستطيع من خلاله هزيمة أى معارضة. فعلى الجانب الدولى؛ حاز مرسى الاستحسانَ لدوره فى إنهاء القتال بين إسرائيل وحماس، وهذا يوفر له على الأرجح حصانةً من الانتقادات الدولية والمحلية. أما على الجانب المحلى؛ فقد استطاع مرسى من خلال تقديم تعويضات لضحايا الثورة وإعادة محاكمة قتلة الثوار استرضاء النشطاء فى الشارع، كما أن القوى غير الإسلامية حصلت على أحد مطالبها فى الجمعية التأسيسية وهو المزيد من الوقت. ومن وجهة نظر براون؛ لا يعتبر جوهر القرارات سيئًا للغاية بالنسبة لأولئك الذين يأملون فى الانتقال الديمقراطي؛ حيث إن النائب العام الذى أصدر مرسى قرارًا بإقالته كانت تشوبه العديد من الشبهات نظرًا لاحتفاظه بمنصبه منذ فترة حكم النظام السابق. وفى افتتاحية نشرت يوم 23 نوفمبر تحت عنوان «خطأ مرسى»، وصفت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية قرارات مرسى بأنها «خاطئة»، معتبرةً أنه لم يفت الأوان من أجل تصحيح مثل هذه القرارات. ورأت أن إجراءات الرئيس المصرى الجديدة تحمل فى طياتها مخاطر امتداد الديكتاتورية الماضية، وتعرقل التحول إلى الديمقراطية المرجوة.وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من إظهار مرسى ما يؤكد إمكانية أن يصبح وسيطًا فعالًا فى التعامل مع القضايا الخارجية الشائكة بين منطقة الشرق الأوسط والغرب؛ إلا أنه سيكون موضع اختبار حيال ما إذا كان للديمقراطية الإسلامية مستقبل فى المنطقة أم لا، فضلا عن أنه سيظل موضع شك بالنسبة لكثيرين طالما لا توجد أية ضوابط على ممارسته للسلطة. فى موازاة الانقسام الداخلى على الساحة المصرية إزاء قرارت مرسي؛ صدرت ردود فعل غربية محذرة من تداعيات قرارات مرسي. فقد أعربت الولاياتالمتحدةالأمريكية عن قلقها بشأن قرارات الرئيس مرسى فى توسيع صلاحياته وسلطاته، ودعت المصريين إلى حل خلافاتهم سلميًّا وعبر الحوار الديمقراطى. وقد أعربت مفوضة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان عن قلقها الشديد لما ستسببه قرارات مرسى الأخيرة من العنف فى البلاد، ودعا الاتحاد الأوروبى الرئيس المصرى إلى احترام «العملية الديمقراطية». وعلى الصعيد نفسه، رأت وزارة الخارجية الفرنسية أن القرارات التى اتخذها الرئيس المصرى مرسى لتعزيز صلاحياته على حساب السلطة القضائية لا تذهب «فى الاتجاه الصحيح». وبحسب ما أورده الصحفيان داجر وسولومون فى مقالهما فى «وول ستريت جورنال» يستبعد بعض النقاد إمكانية نجاح مرسى فى التعامل مع المشاكل التى يواجهها، بما فى ذلك ضعف الاقتصاد، والتوصل إلى إجماع وطنى حول الدستور الجديد، وإصلاح بنية مصر التحتية الهشة. وفى رد فعل للإعلان الدستوري، طالب عضو فى البرلمان الأوروبى بتجميد الاتحاد الأوروبى كافة المساعدات المالية لمصر، موضحًا أن «الرئيس مرسى وضع بإعلانه الدستورى الجديد نفسه وكافة قراراته فوق القانون. لذا على الاتحاد الأوروبى أن يرسل رسالةً واضحةً للحكومة المصرية بشأن تجميد المساعدات المالية حتى يخضع الرئيس مرسى للرقابة القضائية مرة أخرى». ويثير رد الفعل هذا القلق من أن يتخذ الاتحاد الأوروبى إجراءات صارمة لمعاقبة مرسى على قراراته، كما أن ثمة مخاوف من أن تلجأ الدول الغربية إلى اتخاذ تدابير تعجز مصر عن تحمل وطأتها إذا ما أصر مرسى على موقفه.