تناولت العديد من الصحف الاجنبية الاعلان الدستورى المؤقت الذى أصدره مؤخرا المجلس العسكرى قبيل انتهاء التصويت فى جولة الاعادة لأول انتخابات رئاسية ديمقراطية فى تاريخ مصر . فنشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا بعنوان " المجلس العسكرى يعزز سلطاته مع انتهاء التصويت " ذكرت فيه أنه مع قبل ساعات من ظهور المؤشرات الاولية التى ترجح فوز مرشح جماعة الاخوان محمد مرسى فى أول انتخابات رئاسية تنافسية فى مصر , قام المجلس العسكري بأصدار أعلان دستورى مؤقت يمنح فيه لنفسه سلطات واسعة على الحكومة المقبلة ، وفى الوقت نفسه قضى على سلطة الرئيس في ما يبدو جهد منه لحماية نفسه ضد اي انتصار اسلامى من هذا القبيل . وتشير الصحيفة الى أن هذه الوثيقة العسكرية الجديدة هى الاحدث في سلسلة من الخطوات السريعة التى أتخذها الجنرالات لتشديد قبضتهم على السلطة فى الوقت الذى فيه وعدوا بتسليم السلطة التى تولوها عقب الاطاحة بمبارك الى سلطة مدنية منتخبة . فهذا الاعلان الدستورى يتيح لهم السيطرة على كل القوانين والميزانية والوطنية ، والحصانة من أي رقابة ، وسلطة الاعتراض على إعلان الحرب . ونقلت الصحيفة عن ناثان براون ، وهو خبير مصري في جامعة جورج واشنطن ، في رسالة بالبريد الإلكتروني , قوله أن هذه الوثيقة العسكرية " هى بالفعل أستكمال للانقلاب الذي وقع بعدة وسائل واضحة , فالمجلس العسكرى يعيد الأحكام العرفية ، ويحمي المؤسسة العسكرية من أي تدقيق أو رقابة عامة أو رئاسية أو برلمانية . ويديم هيمنة الجنرالات على النظام السياسي " . وتقول الصحيفة الامريكية أن جولة انتخابات الاعادة الرئاسية كانت قد أصبحت بالفعل معركة حاسمة في حرب طويلة بين الجنرالات وجماعة الاخوان المسلمين التي كانت على مدى ستة عقود تمثل المعارضة الرئيسية فى البلاد . فكان محمد مرسى هو مرشحا ضد أحمد شفيق , قائد سابق للقوات الجوية واخر رئيس وزراء لمبارك . كما أن الاغلاق الذي يفرضه الجيش على مجلس النواب قد حول السباق إلى شيء قريب من صراع حياة أو موت بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين . فهذا الاغلاق أحبط الروح المعنوية للاسلاميين والديمقراطيين فى مصر على حد سواء ، وفي الوقت نفسه نشط مؤيدي السيد شفيق . تعليقا على ذلك قال مختار العشرى ، رئيس اللجنة القانونية للحزب السياسي لجماعة الاخوان المسلمين , في مقابلة أجريت معه ، أن الجماعة كان تعتمد على الفوز بالرئاسة للمساعدة في استعادة مجلس النواب ، اعتمادا على التقاليد والسوابق في القانون المصري التي تعطى للرئيس امكانية تسوية النزاعات بين فروع الحكومة . فى حين أعتبرت صحيفة وول ستريت جورنال أن هذا الاعلان الدستوري الذى صدر عشية اعلان نتائج جولة الاعادة هو ترسيخ لسلطات الجيش وتمديد لقبضته على السلطة التشريعية وتطويق لمنصب الرئيس ليصل الى دور تابع يخضع إلى حد كبير إلى القيادة العسكرية المتمثلة فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة . وأشارت الصحيفة الى أن هذا الإعلان الدستوري ، جنبا إلى جنب مع أوامر صدرت في وقت سابق من هذا الأسبوع ، يثير شكوكا جديدة حول وعد الجيش بتسليم السلطة لرئيس منتخب . فهو يأتي بعد أيام فقط من قرار المحكمة الدستورية العليا فى البلاد بحل البرلمان المصري المنتخبة بشكل ديمقراطي ، وتوسيع لصلاحيات القوات المسلحة للبحث وأعتقال المدنيين . ورصدت الصحيفة ردود فعل بعض الناشطين والساسة المصريين على الوثيقة التى أرسلت موجات من الصدمة عبر الطبقات السياسية في مصر ، لكن الصدمة كانت أكبر لدى الناشطين المصريين والعديد من مؤيدي جماعة الاخوان المسلمين الذين بالفعل يشعرون بالاستياء من حل البرلمان في الأسبوع الماضي . قال أحمد سعيد، رئيس حزب المصريين الأحرار . " الإعلان الدستوري يعني أن أيا كان الرئيس المقبل ، فانه سيكون لا معنى له " . فى الوقت نفسه بعض السياسيين العلمانيين الذين عارضوا طويلا طموحات الاسلاميين السياسيين يلقون باللوم على جماعة الاخوان المسلمين . قال باسل العدل ، وهو قيادى في حزب المصريون الأحرار , " يجب وضع كل اللوم على الأغلبية في البرلمان التي أعطت المجلس العسكرى فرصة لإصدار هذا الإعلان الدستوري الذى لم يكونوا يستطيعوا أن يصدروه من قبل , لكن أفعال جماعة الاخوان جعلت هذا ممكنا " . وقال عمر عاشور ، رئيس برنامج دراسات الشرق الأوسط في جامعة إكستر في المملكة المتحدة , أن بعض المحللين قارنوا الاعلان الدستورى الذى صدر مساء يوم الاحد بالانقلاب العسكري التركي عام 1980 الذي مهد الطريق على مدى عقدين من الحكم العسكري الفعال في ذلك البلد . قال حسام بهجت ، وهو ناشط بارز في مجال حقوق الإنسان " أنه مع هذه الوثيقة ، مصر قد غادرت تماما عالم الربيع العربي ، ودخلت عالم من الديكتاتورية العسكرية "، وأضاف " هذه هي أسوأ من أسوأ مخاوفنا " اما صحيفة واشنطن بوست فأعتبرت ان هذا الاعلان الدستورى قد أظهر أن الجنرالات قد تحركوا بقوة للحفاظ على وتوسيع نطاق وضعهم المتميز بعد الفترة الانتقالية . كما يشير ايضا الى قلق القيادة العسكرية بشأن الخضوع للمساءلة إذا تم ترسيخ نظام حكم مدني بضوابط وتوازنات فى مصر . وبالنسبة لرد فعل الادارة الامريكية على هذا الاعلان الدستورى الجديد , اوضحت الواشنطن بوست أن إدارة أوباما لم يكن لديها رد فعل اولي على التطورات الجديدة , لكن هذا الاعلان يبدو أنه من المرجح سيفاقم احباط الادارة الامريكية بشأن تراجع نفوذها في مصر . وقال البنتاجون أنه فقبل أقل من 48 ساعة قبل صدور الإعلان ، وزير الدفاع ليون بانيتا اتصل هاتفيا بالمشير محمد حسين طنطاوى للتأكيد على " ضرورة ضمان انتقال كامل وسلمي للديمقراطية " . من جانبها أشارت وكالة انباء اسوشيتد برس انه فى حالة تأكيد هذه النتائج الاولية ، فإنه سيكون أول انتصار للأسلاميين فى منصب رئيس للدولة بعد موجة أحتجاجات الربيع العربي التى أجتاحت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال العام الماضي . فيما تناولت صحيفة نيويورك بوست انتهاء التصويت فى جولة الاعادة النهائية للانتخابات الرئاسية حيث رغم عدم ظهور نتائج نهائية , الا أن المؤشرات الاولية ترجح فوز مرسى , فنشرت صحيفة نيويورك بوست مقالا بعنوان " الرجعيين يسقطون " تشير فيه الى أن الشعب المصرى أختار فوز محمد مرسى وسقوط أحمد شفيق أحد قيادى النظام القديم . واشارت الى انه رغم ذلك فالامور فى مصر بالتأكيد لا تزال فوضوية ومن المرجح أن يستمر هذا الوضع لبعض الوقت . فالنخبة الحاكمة ليست على استعداد للتخلي عن امتيازاتها بسهولة . لكن رغم كل ذلك فالرسالة من مصر يجب أن تكون رسالة تفاؤلية . فلا يمكن للنظام القديم أن يحيا مرة اخرى ، و لا يمكن مطلقا أن يتم فرض دكتاتورية إسلامية ضد ارادة التعبير للغالبية الساحقة من المصريين . نيويورك تايمز : المجلس العسكرى يعزز سلطاته مع انتهاء التصويت وول ستريت جورنال : الإعلان الدستوري ترسيخ لسلطة المجلس العسكري