بعد أيام من هدوء موجة تسريبات موقع «ويكيليكس» الشهير لوثائق أمريكية أشعلت قناة «الجزيرة» الإخبارية ما يمكن وصفه ب «حرب وثائق» في المنطقة العربية أثر إعلانها حيازة أكثر من 1600 وثيقة سرية تتعلق بمفاوضات السلام ستنشرها تباعا. وخصصت الجزيرة أمس الأول نشرة «حصاد اليوم» لمضامين محاضر مهمة لجلسات خلف الستار بين المفاوضين الفلسطينيين والإسرائيليين، مشيرة إلي أن الوفد الفلسطيني قدم تنازلات عديدة منها التنازل عن كل أراضي مستوطنات القدسالشرقية باستثناء مستوطنة أبوغنيم والتخلي عن الحرم الشريف بإخضاعه للجنة دولية. وأوضحت القناة القطرية أن إسرائيل أبلغت الرئيس الفلسطيني مسبقا بقرارها شن عملية «الرصاص المصبوب» علي غزة أواخر 2008 . وفيما استغلت حماس هذه الوثائق في التصعيد ضد السلطة الفلسطينية سارعت القيادات الفلسطينية والإسرائيلية إلي اعتبار هذه الوثائق مجرد أكاذيب ومغالطات. وأبدي الرئيس عباس استغرابه إزاء هذه الوثائق وقال: «لا يوجد شيء مخفي علي الأشقاء العرب وكل ما قمنا به من نشاطات مع الجانب الإسرائيلي والأمريكي يبلغ به العرب بالتفاصيل من خلال لجنة متابعة مبادرة السلام أو من خلال الاتصالات الثنائية أو الأمين العام للجامعة العربية». وأكد أن السلطة ستتخذ قرارا لم يخطر علي بال أحد بشأن عملية السلام بعد سبتمبر المقبل موعد انتهاء ثلاثة استحقاقات هي إعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي أنه يأمل في رؤية دولة فلسطينية في سبتمبر المقبل إلي جانب قرار اللجنة الرباعية الدولية بإنهاء المفاوضات في سبتمبر المقبل وتعهد السلطة بإنجاز كل مقومات الدولة الفلسطينية خلال مدة عامين تنتهي في نفس الشهر. ورهن العودة إلي المفاوضات بإعادة إدارة أوباما التأكيد علي موقف الإدارة السابقة برئاسة جورج بوش الابن والتي أعلنتها وزيرة الخارجية السابقة كونداليزا رايس مشيرا إلي أن الأخيرة أكدت أن المفاوضات يجب أن تبدأ علي أساس أن الدولة الفلسطينية ستضم غزة والضفة الغربية شاملة القدسالشرقية والبحر الميت ونهر الأردن. وشدد علي رفضه دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة معتبرا مبادرة السلام العربية الحل الأمثل لإنهاء الصراع مشيرا إلي أن سحب هذه المبادرة دون بديل «يجعلنا في حالة فراغ.. لا سلم ولا حرب». وبينما أكد عباس جدية حركة فتح في تحقيق المصالحة مع حماس وفيما أشار إلي أنه لا دولة فلسطينية بدون غزة قال إن الخلافات مع النائب محمد دحلان ليست شخصية وأن التحقيق معه مستمر. من جانبه اعتبر كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات تسريبات الجزيرة أكاذيب وأنصاف حقائق تهدف إلي الضغط علي القيادة الفلسطينية لتحقيق أهداف إسرائيلية. وأكد أن القيادة الفلسطينية لم تتنازل عن أي من الثوابت داعيا الجزيرة إلي الإعلان عن اسم الشخص الذي سرب لها هذه الوثائق علي غرار موقع ويكيليكس. وفي حين شن أنصار حركة فتح هجوما علي الجزيرة واتهموها بالعمالة وإثارة الفتنة كذب الجنرال عاموس جلعاد مدير الشئون السياسية والعسكرية بوزارة الدفاع الإسرائيلية القناة القطرية نافيا أن يكون قد أبلغ عباس بقرار شن عملية الرصاص المصبوب علي غزة. وفي الوقت الذي أكدت مصادر إسرائيلية قريبة الصلة من رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت عدم دقة تسريبات الجزيرة استغلت حماس علي لسان القيادي سامي أبوزهري التسريبات في التصعيد ضد عباس واتهام السلطة بالتورط في محاولات تصفية المقاومة والقضية الفلسطينية لاسيما ملفي القدس واللاجئين.