بان كى مون قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون نائب الأمين التنفيذي للإسكوا إن موضوع "التكامل العربي: حلم الوحدة وواقع التقسيم"، الذي اختارته مؤسّسة الفكر العربي، يواجه صعوبات المنطقة وإمكاناتها، حيث نشهد معاناة إنسانية واسعة النطاق في جميع أرجاء العالم العربيّ، وفي بعض البلدان التي ازدهر فيها التنوّع لأجيال متعدّدة، وحلّ العنف العرقي والطائفي محلّ التسامح. جاء ذلك في كلمته التي ألقاها بالنيابة عنه عبدالله الدردري نائب الأمين التنفيذي للإسكوا خلال افتتاح فعاليات مؤتمر "فكر 13″، اليوم الأربعاء، حيث أشار إلى أنه على الرغم من ذلك، فإننا نرى، تطورات مبشّرة، إذ تمكّن شعب تونس من التصويت سلمياً في أول انتخابات رئاسية ديمقراطية منذ ثورته سنة 2011، كما يُرسي دستور البلد، الذي تجدر الإشادة بطابعه التقدّمي، والذي اعتُمد في يناير، أسس ديمقراطية متينة. وشدّد بان كي مون على ضرورة أن لا يحجب النزاع وعدم الاستقرار التطلّعات الجوهرية لشعوب العالم العربي، وذلك من أجل تحقيق العدالة والكرامة والحرية، وأن يستجيب القادة لشعوبهم، التي لن يُسكت أصواتها أو يطغى عليها المتطرّفون أو المستبدّون أو غيرهم من دعاة التقسيم. وإذ أكّد مون أن التغلّب على التقسيم للنهوض بالتكامل العربي ينطوي على إمكانية درّ فوائد داخل المنطقة وخارجها، لافتاً إلى أن تقرير التكامل العربي الذي أصدرته الأممالمتحدة هذه السنة، قدّمت فيه رؤية استراتيجية للحكم الرشيد والتكامل الاقتصادي الأعمق، والإصلاح الثقافي والتعليمي. من جهته، أكد عبداللطيف المنوني مستشار الملك محمد السادس ملك المغرب أهمية اختيار موضوع "التكامل العربي: حلم الوحدة وواقع التقسيم" كملف رئيسي مطروح للنقاش خلال مؤتمر "فكر 13″ الذي تنظمه مؤسسة الفكر العربي بمدينة الصخيرات بالعاصمة المغربية الرباط. وقال إن مؤسّسة الفكر العربي، أضحت فضاء رحباً للحوار البنّاء والنقاش وتبادل الآراء، في ما يختصّ بأهمّ الإشكاليات والقضايا العربية والعالمية الراهنة. وقال المنوني إن موضوع "التكامل العربيّ: حلم الوحدة وواقع التقسيم"، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بواقع الحال العربي، في ظلّ التنغيّرات المتسارعة، معتبراً أن المؤتمر هو مناسبة لاستحضار المسؤولية الملقاة على عاتق المفكّرين العرب ودورهم في التوعية والتنوير والتحليل الموضوعي، لأوضاع البلدان العربية. واعتبر المنوني أن ما يجمع الدول العربية أكثر ممّا يفرّقها، مبدياً أسفه لواقع التجزئة والانقسام الذي يطبع العلاقات ما بين الدول العربية، على وقع الخلافات والصراعات الداخلية، وتنامي النعرات الطائفية والتطرّف والإرهاب وهدر طاقات شعوبها. وفيما استعرض الاتفاقيات التي أرستها بعض الدول العربية سابقاً، كمحطّة أولى على طريق الوحدة، اعتبر أن نتائجها كانت مخيّبة للآمال ودون مستوى التطلّعات، ورأى أن الوحدة العربية ليست حلماً صعب المنال، بل هي مشروع قابل للتحقيق، وضرورة إستراتيجية على الجميع تجسيدها. ونبّه إلى أن التكامل العربي لا يعني الانغلاق والانعزال عن العالم، بل ينبغي أن يشكّل حافزاً لتوطيد العمق الأفريقي والآسيوي للعالم العربي، وتوسيع علاقاته مع مختلف القوى والتكتّلات الجهوية والدولية، ولا يجوز بالتالي أن يبقى تفعيله شعاراً مؤجّلاً. وأكّد أنه آن الأوان للانكباب على كيفية إعادة اللحمة للوطن العربي، وتوحيد الكلمة، معتبراً أن ذلك لن يتأتّى إلا بإجراء مصالحات عربية بينيّة، وتجاوز أسباب الفرقة وتوحيد المواقف، وتعزيز العمل العربي المشترك، والعمل على إصلاح جامعة الدول العربية وتعزيز صلاحياتها، مشدّداً على أهمية البعد الاقتصادي كركيزة أساسية لتوطيد الوحدة وتحقيق الاندماج التنموي، والذي يقضي بالعمل على استثمار التكامل الاقتصادي بين الدول العربية، وتحقيق اندماج اقتصادي حقيقي، يقوم على تشجيع الاستثمارات المتبادلة وإحداث سوق عربية مشتركة. ونوّه المنوني بمجلس التعاون الخليجي لسيره بخطى حثيثة نحو تعزيز الوحدة الخليجية، معربا عن أسفه لكون الاتحاد المغاربي يعرف جموداً، بسبب توجّهات لن تخدم أي مصلحة، وتؤدّي إلى تكريس الراهن، بما يبعث الإحباط في نفوس المغاربيين ويفقدهم الثقة بالمستقبل. وألقى الأمين العام المساعد لرئاسة مركز جامعة الدول العربية في تونس، عبد اللطيف عبيد، كلمة أمين عام جامعة الدول العربية، والتي أكّد فيها أن اهتمام مؤسّسة الفكر العربي بموضوع التكامل العربي، نابع من حرص هذه المؤسّسة على تجاوز الواقع الصعب الذي تعيشه أمّتنا، والذي يتّصف بالفقر والاستباحة الخارجية والتعثّر التنموي، وهو واقع قال عنه تقرير التكامل العربي الصادر عن الإسكوا، أنه وليد عقود من الشرذمة والإخفاق بالتنمية السياسية والاقتصادية. ورأى أن التكامل العربي هو هدف ووسيلة، لأنه سكن في أمل وحلم وجدان 350 مليون عربيّ، يميّزهم تراث تاريخي وثقافي وروحي مشترك، وتجمعهم لغة واحدة، وتقارب بينهم جغرافيا، بما أنعمت عليهم من تجاور في المكان، وما ابتلتهم به من موقع استراتيجي وثروات أيقظت شهوة الطامعين بهم، ففرضت عليهم تحدّيات فريدة حريّ بها أن توقد في أذهانهم الخوف على المصير. واعتبر أن التكامل هو الوسيلة الأهمّ لتحقيق نهضة إنسانية تعمّ العالم العربي، يشارك في صنعها جميع أبنائه، أياً يكن عرقهم ودينهم أو جنسهم، مواطنين أحرارا، متساوين في القيمة الإنسانية، يملكون وسائل الابداع والعمل الخلاّق، ويقتحمون بها تُخوم المعرفة، ويبنون مجتمعات تنعم بالرفاه الانساني، بأبعاده المادية والمعنوية. وأكّد أن الجامعة العربية التي تحتفل العام القادم بالذكرى السبعين لتأسيسها بذلت جهوداً كبيرة، لكنها تبقى غير كافية، وتحتاج بالتالي إلى تطوير، وما مؤتمركم هذا "فكر 13″ الذي يبحث في حلم الوحدة وواقع التقسيم، إلّا خطوة رائدة تصبّ في نفس الاتجاه. من جانبه، قال الأمير خالد الفيصل، رئيس مؤسّسة الفكر العربيّ إنه لم يمر على الأمة العربية أسوأ من هذه حال فعوضا عن البناء والنماء ينشب الاقتتال بين الأخ وأخيه، مشيرا إلى أن القضية الفلسطينية يتم نسيانها وسط التناحر المهين بين الطوائف والقبائل والأجناس. وأكد الفيصل أنه باسم الجهاد يقتل المسلم أخاه المسلم، وباسم الوطن يتشرّد المواطن، فهل عادت الجاهلية أم أنهم الخوارج؟، وتساءل الفيصل ألم يئن للعرب أن يحكموا العقل ويفيقوا من غفوة الجهل .. أما آن للحكماء والعلماء أن يقولوا كلمتهم حتى نكون مشاركين لا تابعين ومنتجين لا مستهلكين. عُقد المؤتمر، برعاية الملك محمد السادس وبحضور وزير الثقافة المغربية محمد الأمين الصبيحي، وزير التعليم العالي لحسن الداودي، الوزيرة المكلّفة بالبحث العلمي لدى وزارة التعليم العالي الدكتورة سميّة بن خلدون، مؤرخ المملكة والناطق الرسمي باسم القصر الملكيّ عبد الحق المريني، وزير الخارجية السابق ورئيس مهرجان أصيلة السيد محمد بن عيسى، وحشد من الشخصيات الرسمية وسفراء الدول وشخصيات ثقافية وفكرية وكبار الإعلاميين.