تستطيع أن تكذب على الناس طول الوقت وتستمر فى الأكاذيب ولكن هل سينخدعون كل الوقت.. طبعا لا.. أثبتت التجارب فى الحياة أن الكذب والخداع ليس لهما قدمان وفى يوم ما ستظهر الحقيقة ويعود الميزان إلى مكانه الطبيعى.. هكذا عشنا وشاهدنا وعلمتنا الحياة والزمن والناس والعلم الذى فى الكراس والعقل الذى فوق الأكتاف.. الحفلة كانت رائعة والجميع متلمع ويرتدى أزهى حلله وكل واحد حاشد فى دماغه الكلمات ومنمقها وعلى المقاس والرجل القامة والقيمة حاسبها كويس وعارف كل واحد على قدره وكنت ألمح ذلك فى عينيه الطيبتين المميزتين أنه مدرك تماما بهذا الإحساس الفطرى الذى كان يميز نوعًا من البنات وهو الطفولة والعفوية جزء أصيل من شخصيتها وربما هذا يعتبره البعض عيبا ولكن هذا العيب كان أحد عوامل الموهبة أيضا التى لمحها الرجل منذ قابلنى أول مرة بلا أدنى شك ولهذا كنت المفضلة للقيام بشغل معين لا يجيده غيرى.. ولم أشعر بذلك وقتها بل كنت أتشاجر ولا أفهم التميز الذى أنا به دون غيرى.. وأبدو أبسط من البساطة ولكنى نظيفة. كنت عندما أكتب موضوعا يراه مهما فيؤجله للأسبوع التالى إدراكا منه أن يعطيه الشكل المناسب لعرضه وبعيدًا عن زحمة الموضوعات التى من نوعه ويخصص له أرقام صفحات لابد أن يراها القارئ. وطبعا أتشاجر من أجل التأجيل بل أحيانا كنت أبكى ولا أعلم أن الرجل يريد لى عرض شغلى بتميز لأنه يعلم بأستاذيته أنه جدير بذلك وأننى أبذل كل جهدى وأشتغل من قلبى وإحساسى المتأجج والمتوهج بموهبة فطرية بلا خبث البنات الذى كان هو قادرًا على فرزه بسهولة.. والذى يقول من قلبه يصل إلى الناس بغير شك.. قالت لى إحدى الزميلات المتميزات أيضا ولكنها كانت تكبرنى بسنوات طوال ألا تجلسين فى مكان واحد كنت تجرين من هنا لهنا وسريعة الحركة ونشطة نشاطا غير عادى كنا نشعر أنك طفلة صغيرة ولست آنسة كبيرة ومتستتة.. ضحكت منها وقلت لها ما زلت وأنا فى هذه السن وكنت قد قاربت الأربعين من العمر أعتبر نفسى طفلة أجرى وألعب وأشاكس وأشاغب مثل الأطفال.. ما العيب فى ذلك وربما أحب هذا الرجل فىَّ كل ذلك؟. فى الحفلة الكبيرة كل واحد يرتدى أحلى الثياب وأجملها لكنه نسى أنه أحيانا يكون ما بداخل هذا الثياب أيضا جميلا وأحيانا أخرى البدل الجميلة يكون بداخلها نفوس رديئة.. هكذا الحال لكن بعض الناس تتصور أن الملابس تخفى الحقيقة ولكن كل التماثيل انكسرت وظهر الكل كما ولدته أمه عاريا حتى من ورقة التوت، لا يمكن أن تخفى الحقيقة معظم الوقت والتمثال إن لم يكن جيد الصنع لابد أن يسقط وينكسر.. وكل واحد حافظ الكلام ومسمَّعه أمام المرايا مائة مرة لأن الرجل صعب تكذب عليه.. لكن بسهولة وقع الكلام لأنه ليس من القلب، كلام الشفايف ليس له قيمة.. بعض التماثيل ارتسم على وجهها قناع الطيبة والطهر والعفاف لكن مع الوقت التمثال وقع وانكسر واتفتفت فتافيت مع الاعتذار لقناة فتافيت التى علمت الستات والرجال الطبيخ.. والكذب ليس له أرجل بعد شوية يوقع صاحبه على الأرض وصعب تقوم له قومه بعد ذلك.. وكما قلت الحفلة كانت كبيرة والكل متلمع وفاكر إنه حيروح بنصيب الأسد لكن على مين لا الماشى ظل ماشى ولا القاعد ظل قاعد».. بعد مدة كل شىء انكشف بتوع العنتريات والموقف اللى ماحصلوش على رأى سعاد حسنى بانوا على أصلهم والناس الطيبة حقيقة الواضحة الطاهرة طاهرة اليد والقلب واللسان بانوا.. وكل إنسان جرى لكى يجنى شيئًا أخذه بالمقاس.. اللى عايز فلوس ذهب لسكة الفلوس ولا عيب إذا كانت حلالا لكن حرامًا وسرقة من دم الآخرين هوه هنا يقف الكلام.. والسجن للشرفاء أما الحرامية فهناك ألف مدافع ما دام سيدفع الثمن.. واللى عايز يتعلم اتعلم ونال العلم لكن دفع ثمنه وأنفق عليه وتعب ودرس وذاكر واتعلم بجد.. واللى عايز ست جرى وبحث عن ست حلوة وحشة أهى ست والسلام حقك رجل يريد الحلال لا يضير, لكن تماثيل الحرام انكشفت واتعرفت واتهرشت ووقعت وانكسرت وادغدغت حتتك بتتك.. مدعو العلم ومدعو الثقافة ومدعو المعرفة والهلفطة خلاص.. التمثال انكسر، أصحاب النظريات والأيديولوجية والتاريخ النضالى كله وقع وانكسر التمثال وأصبح أشلاء.. كل الأيديولوجيات وقعت فى بلادها جايين نحن نقول والله احنا صحاب أيديولوجية وأنت شكلك كده رأسمالى متجزر.. حتى فوزية البرجوازية انكسرت وخلصت الحكاية.. اللى كل ما أشاهد هذا الفيلم أقول لأحمد رجب الله عليك وحشتنا نص كلمة.. رجل عبقرى وقد لخص هذا الزمان ولخص هؤلاء الرجال.. لا يصح غير الصحيح بتوع الوطنية والقومية وحب الوطن فرض علىَّ مدفوعة الأجر خلاص كله ظهر وبان ماينفعوش معانا.. راحوا فين جم منين لا فيه مناصب بتتفرق عليهم ولا فيه تكايا مفتوحة لهم واختفوا وتلاشوا ولا ليهم حس ولا صوت وانتهت حكايتهم وخلصت.. وانكسرت التماثيل.. وأحيانا البيت يبنى قوى ويربى قوى لكن المغريات تودى الفرد فى ستين داهية خاصة إذا كان الإيمان ضعيفًا «وإذا الإيمان ضاع فلا أمان.. ولا دنيا لمن لم يحى دينا».. بالمعقول وبالعقل. وخلص الكلام والتماثيل كلها راحت مكسورة بلا نصيب لا أسد ولا حتى قط.