للمرة الأولى يشعر غالبية الأردنيين بأنهم أمام اختبار حقيقى قيادة ودولة وشعبًا، فإحراق الشهيد معاذ الكساسبة سمح للعاهل الأردنى بحشد الجبهة الداخلية وتدعيمها بعد أشهر من التوتر عقب اتخاذه قرار الحرب والمشاركة فى التحالف الدولى ضد داعش. فقد كان نشر شريط فيديو إحراق الطيار الأردنى حيًا على يد سفاحى داعش نقطة تحول فاصلة فى الموقف الأردنى من الحرب ضد التنظيم الإرهابى. فقد أصاب المشهد الجميع بغضب شديد، وحتى الأردنيون الذين عارضوا مشاركة بلدهم فى التحالف أدانوا هذا العمل الجبان الذى شكل صدمة للجميع. وقد عمت تظاهرات غضب عارمة الأردن توحدت على دعوة القضاء على داعش ردًا على حرق الكساسبة، وقادت الملكة رانيا العبد الله قرينة الملك الأردنى مسيرة حاشدة وسط عمان. وأكد الملك عبد الله الثانى أن المنطقة وشعوبها تقود حربًا ضد التنظيمات الإرهابية، بهدف حماية الدين الإسلامى الحنيف والمبادئ الإنسانية. وشدد العاهل الأردنى على أن حادثة استشهاد الطيار البطل معاذ الكساسبة توحدنا بشكل أقوى لأن الحرب التى نشنها تهدف لحماية ديننا وقيمنا ومبادئنا الإنسانية. ويواصل الجيش الأردنى عملياته الانتقامية ضد تنظيم داعش، حيث قصفت طائرات سلاح الجو الملكى الأردنى مواقع استراتيجية لتنظيم داعش داخل الأراضى العراقية، وذلك بالتنسيق مع قوات التحالف الدولى. كما قصفت الطائرات الأردنية مواقع سيطرة ومراكز تدريب وتجمعات لتنظيم داعش فى مدينة الرقة السورية ومناطق فى ريفها. وأكد وزير الخارجية الأردنى ناصر جودة أن الضربات الجوية ليست سوى بداية الانتقام لقتل معاذ الكساسبة، وأكد أن الأردن سيلاحق التنظيم أينما كان وبكل ما أوتى من قوة. ومن جهة أخرى أكد قائد سلاح الجو الملكى الأردنى اللواء طيار منصور سالم الجبور أن مقاتلات أردنية دمرت 56 هدفًا ل داعش تضمنت مراكز تدريب ومستودعات أسلحة وثكنات. وأكد قائلًا فى مؤتمر صحفى بعمان إننا ماضون فى محاربة هذه العصابة الإرهابية، وستشهد الأيام القادمة ثكثيفًا فى الطلعات الجوية لدك معاقل العصابة الإرهابية والقضاء عليها. وكان ولى عهد أبو ظبى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قد أعلن أن سربًا من مقاتلات «F16 الإماراتية تمركز فى الأراضى الأردنية لدعم الحرب ضد «داعش» وأكد أن هذا الإجراء يرمى إلى دعم المجهود العسكرى للقوات المسلحة الأردنية ومشاركتها الفاعلة فى التحالف الدولى ضد تنظيم داعش الإرهابى. ويبلغ تعداد الطائرات الإماراتية 16 طائرة إضافة إلى وصول كميات من الذخائر الخاصة بهذه الطائرات والصواريخ الذكية التى بإمكانها إصابة أهدافها بواسطة الليزر. من جهة أخرى رفضت واشنطن طلب شركة سلاح أمريكية تزويد الجيش الأردنى بطائرات دون طيار. وذكرت مجلة فورين بوليسى الأمريكية أن الأردن قدم طلبًا لشراء طائرات بدون طيار من طراز فارديتور فى العام الماضى وقوبل الطلب بالرفض فى شهر نوفمبر الماضى. والآن تدرس الولاياتالمتحدة بجدية طلب عمان الحصول على أسلحة ومعدات عسكرية متطورة وبسرعة لمواجهة الحرب على داعش. وقد وافقت واشنطن على توفير 3 مليارات دولار لمساعدة الأردن اقتصاديًأ وعسكريًا خلال (2015 - 2017) وجاء ذلك الإعلان خلال زيارة الملك الأخيرة لواشنطن والتى قطعها بعد بث فيديو الإعدام. لقد قدم الأردن حتى الآن أقصى ما يستطيع بالمشاركة فى الضربات الجوية ضد داعش وتبادل المعلومات الاستخبارية ومساعدة الولاياتالمتحدة والدول الغربية حتى يستطيع مواصلة دوره فى الحرب