بعد أن تعرضت كندا لهجومين إرهابيين على أراضيها فى شهر أكتوبر من العام الماضى، وقع الأول عندما اندفع شاب كندى- اعتنق الفكر الجهادى- بسيارته ليصدم جنديين، مما أدى لمقتل أحدهما، قبل أن يسقط قتيلا برصاص الشرطة، وبعد يومين قُتل عسكرى عند نصب تذكارى فى أوتاوا على يد جهادى آخر، واصل طريقه إلى البرلمان حتى سقط قتيلا، حينها قال رئيس الوزراء الكندى «ستيفن هاربر» إن الجهاديين أشهروا الحرب على كندا، وأعلن أن الحكومة سوف تقوم بإعداد قانون لمكافحة الإرهاب، وفى الأسبوع الماضى خرج هذا المشروع للنور، حيث طرحت الحكومة مشروع قانون أمام البرلمان، ويعتقد الكثيرون أن إقراره مضمون، لأن المحافظين يتمتعون بالأغلبية فى البرلمان. اللافت فى هذا القانون- كما يراه العديد من المحللين السياسيين- أنه يعزز دور الاستخبارات، ويعطيها صلاحيات كبيرة لأول مرة، ويمنحها سلطات جديدة للتحرك مباشرة لمواجهة التهديدات الإرهابية المحتملة، كما ستُمنح السلطة القضائية القدرة على إزالة المواد التى تبث على شبكة الإنترنت والتى يعتقد أن لها علاقة بالإرهابيين، كما أن مشروع القانون المقترح سيسمح لمسئولى الأمن والنقل بتوسيع قائمة حظر الطيران لتتضمن الأشخاص المشتبه فى تخطيطهم الذهاب للخارج لتورطهم فى أى نشاط إرهابى. وينص القانون الحالى فى كندا على تجريم أى عمل يشكل تهديدا محددا، لكن الإجراء الجديد سيجرم التحريض على شن هجمات إرهابية ضد الدولة أو المواطنين الكنديين بصورة عامة، بما فى ذلك عبر شبكة الإنترنت، وينص التشريع الجديد على أنه يجوز اعتقال أى شخص يشتبه فيه بالتورط بمخطط إرهابى سبعة أيام ودون توجيه أى اتهامات له، ويجوز لوكالة الاستخبارات الكندية التحكم فى سفر الرعايا الكنديين أو إلغاء حجوزات سفرهم. وعلق هاربر على مشروع القانون قائلا « لا يمكننا التهاون مع هذا بعد الآن حتى مع أولئك الذين يطلقون الدعابات حول وجود القنابل فى المطارات». وقد أثار هذا القانون الكثير من الجدل داخل كندا، خاصة مع رفض المعارضة له، لأنه ينتهك الحريات الفردية، وعلقت العديد من الصحف الكندية على هذا الصراع الدائر بين الحكومة والمعارضة حول مشروع القانون، وفى هذا السياق كتبت صحيفة «لابريس» أن الحرب ضد الإرهاب تعد حاليا جزءا من المشهد الانتخابى الاتحادى فى كندا، على الأقل عند المحافظين الذين يعملون على تشديد القوانين وانتقاد ضعف أحزاب المعارضة، مشيرة إلى أن رئيس الوزراء، ستيفن هاربر، أشاد بمشروع القانون الجديد لمكافحة الإرهاب، الذى يعتبره ضروريا ومتوازنا، مع استهزائه فى نفس الوقت من أحزاب المعارضة التى تشعر بالقلق من انتهاك الحريات الفردية. وأوضحت الصحيفة أن ديكور الحملة الانتخابية جاهز، إذ إن هاربر يعتبر حزبه الوحيد القادر على حماية الكنديين ومواجهة الإرهابيين، مبرزة أن خطاب هاربر صارم وانتخابى وتطغى عليه النبرة العسكرية، كما يستغل خوف المواطنين الكنديين. وتساءلت الصحيفة عما إذا كانت الإجراءات الجديدة التى قدمتها حكومة هاربر ضمن خطة مكافحة الإرهاب، ستكون حاسمة، مشيرة إلى أن الخبراء يخشون من أن منح الكثير من السلطات إلى الشرطة والمخابرات سيؤدى إلى التعسف والشطط فى استعمال السلطة، كما أن الاجراءات المعلنة لها أهداف انتخابية استعدادا للاستحقاقات الفيدرالية فى أكتوبر المقبل. من جانبها، كتبت صحيفة «لودوفوار» أنه من الصعب دائما معالجة مسألة حقوق الإنسان عندما تتحجج الحكومة بذريعة الأمن القومى لتبرير منح المزيد من الصلاحيات لقوات الأمن، مبرزة رفض هاربر اعتبار أن مشروع القانون يشكل تهديدا لحقوق وحريات الكنديين، بحجة أن التهديد الحقيقى يأتى من الجهاديين الذين أصبحوا العدو الأكثر خطورة فى العالم.