فى ظل التراجع الشديد فى نسبة مشاهدة برامج التوك شو السياسية التى لم تعد تقدم جديداً وتصيب المشاهدين باليأس والإحباط من فرط تركيزها على الجوانب السلبية فقط فى حياتنا، وبسبب إصرارها على تكرار نفس الضيوف الذين يتنقلون بين فضائية وأخرى وبرنامج وآخر بنفس الاكليشيهات المحفوظة والجمل المعلبة وأحيانا بنفس الملابس، فضلاً عن تشبع الناس من طول مشاهدة مذيعى ومذيعات التوك شو أنفسهم الذين لا يحاولون تطوير أدائهم، ويصرون على الخطاب المباشر الزاعق وغير الموضوعي. ولذلك كان من الذكاء أن تنأى نجمة برامج التوك شو الأعلى أجراً حتى الآن منى الشاذلى بنفسها عن هذا التكرار الممل وتختار لبرنامجها على قناة «سى بى سي»، التى استقرت بها مؤخراً بعد تنقل بين أكثر من قناة خلال فترة وجيزة بعد الثورة، وبعد سنوات طويلة حققت فيها أعلى نسب المشاهدة من خلال برنامجها القديم «العاشرة مساء»..أحسنت منى صنعاً حين ابتعدت عن هذا القالب من البرامج وعادت لملعبها القديم وهو برامج المنوعات، مع إضافة لمسة إنسانية خاصة والاحتفاء بشخصيات لها حضورها اللافت فى ذاكرة ووجدان المصريين مثل عمر خيرت وسيد حجاب ووحيد حامد وغيرهم من أعلام الفن والأدب والفكر والثقافة والرياضة. ولا ينافس منى الآن على كعكة مشاهدى تلك البرامج سوى المخضرمة إسعاد يونس «صاحبة السعادة» والثقافة الواسعة والحضور المريح على الشاشة. والجميل فى إسعاد أنها تحاور ضيوفها بنفس منطق المشاهد العادى وتستشعر أنها توجه الأسئلة التى يريد المشاهدون أن يوجهوها ويعرفوا إجاباتها..والجميل فى برنامجها أنه يتماهى ويستجيب لحالة « النوستالوجيا» أو الحنين إلى الماضى التى أصبحت تسيطر على المصريين منذ سنوات، وتجعلهم يحاولون استرجاع ذاكرة مصر الجميلة التى كانوا يعرفونها ولم تعد موجودة خلال الحقبة الأخيرة، حيث تستضيف إسعاد فى برنامجها كل عناصر تلك الصورة وتستدعى تلك الحالة المصرية الأصيلة ورموزها وأعلامها من فنانين ومبدعين وحتى أصحاب المحلات والمطاعم الشهيرة. والحقيقة أن برنامجى منى الشاذلى وإسعاد يونس يقدمان حالة جميلة من التفاؤل وسط موجة من برامج ودراما التشويه والحنق على كل شىء التى نتابعها مرغمين على فضائيات قتل الطموح والأمل فى نفوس العرب.