أثارت الاستراتيجية التى أعلنها الرئيس أوباما تساؤلات وتحديات حول شكل التدخل الأمريكى فى سوريا لمواجهة تنظيم «داعش» والخطوات التى ستتخذها الإدارة الأمريكية، وحجم ومهام القوة العسكرية التى ستكلف بمواجهة «داعش»، وخاصة أن الإدارة الأمريكية كانت حريصة على تفادى التورط فى الحرب الأهلية السورية. أول التحديات والخيارات الصعبة أمام إدارة أوباما هو صعوبة النجاح فى هزيمة «داعش» دون التصدى له داخل سوريا. ولمحاربة التنظيم الذى يمتد عبر الحدود السورية_ العراقية سيتعين على إدارة أوباما تنفيذ عمل عسكرى عند تلك الحدود، لأن ضرب التنظيم فى العراق فقط لا يحقق الأهداف المرجوة، مع وجود ملاذ آمن ل «داعش» فى سوريا يمكن التنظيم من إعادة التخطيط وتجنيد المقاتلين واستعادة قوته مرة أخرى. وتنطوى مواجهة «داعش» فى سوريا على تحديات قانونية وإشكالية سياسية، بشأن قدرة الإدارة الأمريكية على توجيه ضربات دون أن يؤدى ذلك إلى مساعدة غير مباشرة لنظام الرئيس السورى بشار الأسد. فما يخشاه الرئيس أوباما أن يؤدى ضرب التنظيم داخل الأراضى السورية إلى تقوية قدرات الأسد، واستعادته السيطرة على المناطق التى خسرها سابقًا لصالح المعارضة السورية المسلحة. وقد ظلت إدارة أوباما مترددة فى القيام بأى تحرك يستوجب استخدام القوة العسكرية والتدخل مباشرة فى الصراع الدائر فى سوريا المستمر منذ أكثر من 3 سنوات، ويقول محللون إن تخاذل الإدارة الأمريكية عن التعامل مع الأزمة السورية منذ البداية أدى إلى خلق فراغ استغلته الجماعات الإرهابية فى تعزيز وزيادة نفوذها. ويقول «دينيس روسى» المستشار السابق للرئيس الأمريكى والباحث بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إن هناك صراعًا داخل الإدارة الأمريكية بشأن الخيارات المتاحة لها فى سوريا، وما يجب عليها القيام به حيال «داعش» هناك/ فهى تريد إضعاف التنظيم دون أن يؤدى ذلك إلى تقوية الأسد، ودون أن تنجر الولاياتالمتحدة إلى التورط فى الحرب الأهلية السورية. ويؤكد روسى أن هزيمة «داعش» تتطلب انقلاب العشائر السنية ضد هذا التنظيم، ولذا يتعين على وزير الخارجية جون كيرى أن يكون قادرًا على التصريح بأن الرئيس أوباما مستعد لتنفيذ ضربات جوية ضد «داعش» فى سوريا. وأن الولاياتالمتحدة ستقدم المساعدات اللازمة والدعم اللوجيستى للجهات التى تقاتل التنظيم وتقاتل النظام السورى فى الوقت نفسه. المعارضة ضد داعش هذا وتتوقع الولاياتالمتحدة أن يتم فى غضون عام واحد تدريب أكثر من خمسة آلاف معارض سورى «معتدل» على قتال ميليشيات «داعش». وقال «جون كيرى» المتحدث باسم البنتاجون إنه بعدما عرضت السعودية إجراء التدريب على أراضيها فإن ال 500 مليون دولار المقدم به طلب لدى الكونجرس سيكفى لبرنامج التدريب. وقال «كيرى» بإمكاننا تدريب أكثر من 5 آلاف مقاتل خلال عام واحد وسيكون هذا على مراحل. وأقر بوجود عملية صعبة يجب إنجازها قبل التدريب تتمثل فى تجنيد واختيار المرشحين، مشيرًا إلى أن المعارضة السورية ليست مجموعة متجانسة وليست قوة مسلحة معترفًا بها، ولا يوجد قائد للمعارضة معترف به، وبالتحديد من المنظور العسكرى. ومن جهة أخرى حذر وزير الخارجية الأمريكى «جون كيرى» النظام السورى من القيام ب «أى عمل يندم عليه» باعتبار أن واشنطن لن تنسق معه حول ضربات جوية محتملة ضد «داعش». الموقف الرسمى ومن ناحية أخرى جدد فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السورى رفض بلاده لأى عمل عسكرى أحادى الجانب من أى تحالف ضد «داعش» فى سوريا واصفًا إياه بأنه سيكون عدوانًا على بلاده، وقال إن «الإنتصار على الإرهاب لا يمكن أن يحقق النجاح المطلوب إلا من خلال احترام استقلال وسيادة الدول والتنسيق مع حكوماتها إزاء كل تحرك. وأضاف أنه فى حال عدم الالتزام بذلك فإن «أى نشاطات عسكرية أحادية الجانب لن تكون إلا عدوانًا على سوريا ويجب التعامل معها بهذا الفهم». رؤية المعارضة وينظر مراقبون إلى أن الوقائع الميدانية والسياسية فى المنطقة تفرض نفسها على كل المسارات. ويشير سمير النشار عضو الائتلاف الوطنى السورى إلى أن «إيجاد الحلول فى العراق عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية، قد يفتح باب الحل فى سوريا إذا مورست الضغوط على إيران ونظام بشار الأسد للتنازل، مثلما تنازلت إيران فى العراق وتخلت عن نورى المالكى. ورأى أن مواجهة «داعش» فى سوريا بجهود دولية تتطلب تنازلًا من طهران والأسد، علمًا بأن الوضع الديموجرافى فى سوريا يستدعى ضغوطًا أكبر لمنع تمدد «داعش» فى بيئة اجتماعية حاضنة، حيث يشكل السنة العرب 65% من السكان، وهى النسبة التى تتعدى بثلاث مرات عدد السنة العرب فى العراق الذين يشكلون 20% من السكان.