تحتاج مصر خطوات جادة وعملية على أرض الواقع لاعتمادها على الطاقة المتجددة بسبب اعتمادها على خليط من الموارد معظمها من الوقود الحفرى بنسبة 98%، بينما تعتمد بنسبة 1.2% فقط على المصادر المتجددة الأخرى فى الحصول على احتياجاتها من الطاقة اللازمة ويتطلب ذلك توافر الإرادة السياسية لتعظيم الاستفادة منها خلال الفترة المقبلة، ولعل أهمها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. ورغم الفرص الواعدة التى تمتلكها مصر فى مجالات الطاقة الجديدة وتؤهلها للانضمام إلى «نادى» الدول التى تعتمد على الطاقة المتجددة، فإن التقدم فى نسبة إنتاج الطاقة الكهربائية من محطات الرياح والمحطات الشمسية عبر السنوات الماضية تعد ضئيلة ولا تساهم بنسبة بارزة فى السوق لوجود الكثير من التحديات التى تواجه القطاع فى مصر لعل أهمها إشكاليات التمويل بعد ثورة يناير وتدهور الأحوال الاقتصادية فى البلاد. وتعتبر مصر إحدى دول منطقة الحزام الشمسى الأكثر مناسبة لتطبيقات الطاقة الشمسية حيث إن متوسط الإشعاع الشمسى المباشر العمودى تتراوح شدته بين 2000-3200 كيلووات. ساعة /م2/السنة من شمالها إلى جنوبها مما يعنى قدرت الإمكانات الحالية لتوليد الطاقة الكهربية بالاستفادة من تكنولوجيا الطاقة الشمسية بحوالى 73.656 تريليون وات.ساعة/السنة. وعن طاقة الرياح فهناك مواقع كثيفة حسب الدراسات العلمية ومنها مناطق خليج السويس، وساحل البحر الأحمر بين منطقة رأس غارب وسفاجا، ومنطقة شرق العوينات، حيث تتميز هذه المناطق بنشاط رياح ثابت نسبيًا، ومعدل سرعة يصل إلى 10 أمتار فى الثانية. كما تمتلك مصر عددًا من المحطات التى تصلح لتوليد الرياح،منها محطة الغردقة، والزعفرانة، الأولى تعمل، منذ عام 1993 ويبلغ إنتاجها من الطاقة الكهربائية حوالى 7 جيجا وات/ساعة خلال عام 2010/2011، وتوفر حوالى 1.5 ألف طن بترول مكافئ لتحقق التنمية المستدامة بوضع قضايا المسئولية المجتمعية على رأس أولويات الحكومة والقطاع الخاص. أما المحطة الأخرى فى الزعفرانة والتى تم تنفيذها عام 2001، بالتعاون مع ألمانيا وإسبانيا واليابان على موقعين متجاورين مساحة الأول منهما حوالى 80 كم2، والثانى 64 كم2 غرب الموقع الأول وتم تمويلها من خلال القروض الميسرة والمنح. وعن أهمية استخدام مصر للطاقة المتجددة يقول الدكتور طارق فهمى الخبير السياسى إن توجهات الدولة لاستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة وعدم اعتمادها على الاستيراد هو تأمين لأمنها القومى، لذا كان من الضرورى وضع استراتيجيات وخطط عامة من قبل الحكومة لامتلاك مصادر الطاقة واستخدامها فى مصر بشكل يأخذ فى الحسبان كل العناصر المؤثرة على الاقتصاد المصرى. وقال الدكتور محمود عليان الخبير الاقتصادى إن ملف الطاقة يعد من الملفات التى تحتاج إلى صراحة كبيرة فى تعامل الحكومة معها وخاصة لأنها تلجأ للتعامل معها بما يمس احتياجات البلاد، مؤكدا أن الحكومة لا تلجأ لحلول أطول على المدى وأكثر تأثيرا ووضع آلية لتوليد الكهرباء بطرق أخرى والاستفادة من مواردنا الطبيعية فى ذلك. وأرجع عليان تصاعد الأزمة إلى سوء التخطيط و غياب الشفافية وتدنى مصادر الغاز الطبيعى، مع ارتفاع معدلات استهلاك الطاقة، فضلاً عن قلة الكفاءات نتيجة ضعف الرواتب وارتفاع تكلفة الإصلاحات وتكدس العمالة فى الكهرباء وعدم الاستعانة بالكفاءات الماهرة والأبحاث العلمية، كما هو مستخدم فى العديد من دول العالم. وأكد الدكتور شريف الجبلى، رئيس لجنة التيسير فى مكتب الالتزام البيئى باتحاد الصناعات، على أهمية استخدامات الطاقة المتجددة كطاقة بديلة خاصة وأنها طاقة متوافرة لدى مصر بما يتمشى مع الأبعاد الاجتماعية والبيئية والاقتصادية القومية بهدف تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاقتصاد الوطنى. وقال إن المكتب يعمل مع كافة القطاعات على إيجاد حلول بديلة للطاقة الجديدة والمتجددة وتقديم الدعم الفنى للمصنعين المصريين من خلال تبنى المكتب لمبادرة للترويج، والتشجيع على استخدام بدائل نظيفة لمصادر الطاقة التقليدية، بهدف الترويج لاستخدام الطاقة الشمسية وتوفير فرص عمل بسبب تواصل انقطاع التيار. وقد أدى تفاقم أزمة انقطاع التيار الكهربائى خلال الفترات الماضية على كافة المستويات إلى حدوث خسائر كثيرة على مستوى التجارة والصناعة فى ظل تعايش من الحكومة مع الأزمة واعتبارها أمرا واقعا بعد فشلها فى حلها أو حتى تخفيفها وهو ما زاد المنغصات اليومية التى أصبحت جزءا يوميا من حياة المواطن والمستثمر، خصوصاً بعد ارتفاع الأسعار غير المسبوق الناتج عن رفع الدعم عن الوقود. ويضيف عبد الله غراب رئيس شعبة المخابز إن انقطاع الكهرباء تسبب فى توقف العديد من الأفران والذى يتسبب فى زحام وتكدس وطوابير لشراء الخبز. وأضاف أن خسائر انقطاع الكهرباء فى «أفران الخبز » تكبد صاحب المخبز 250 جنيها يوميا خاصة فى الأفران التى ليس بها مولدات كهربائية. وطالب غراب من الحكومة بضرورة وضع نظام محدد لقطع التيار الكهربائى بجانب إبلاغ الأفران مسبقا بمواعيد الانقطاع حتى لا يتسبب ذلك فى العديد من الخسائر. وصاحب الانقطاع المفاجئ للتيار الكهربائى وعودته خسائر فادحة بالنسبة للتجار نتيجة لتلف العديد من الأجهزة الكهربائية والمنتجات الغذائية والسلع الموجودة بالثلاجات. ومن أكثر الفئات التى تعرضت لخسائر تجار المواد الغذائية، حيث قدر بعض التجار خسائر المحافظات فيها خصوصاً الساحلية فى موسم الصيف بعشرات الملايين. وطالب يحيى زنانيرى رئيس جمعية أصحاب مصانع الملابس بضرورة أن تراعى رؤية تحقيق التنافسية فى سوق الكهرباء والوصول لأفضل الأسعار وأعلى مستويات الخدمة، وأيضا حماية الصناع، مشيرا إلى أن مصانع الملابس تكبدت خسائر بالملايين خلال السنوات الماضية. وأكد زنانيرى على ضرورة قيام شركة الكهرباء بإخطار المصانع بمواعيد انقطاع الكهرباء اليومية، لافتا إلى أن توقف العمل لمدة ساعة واحدة فى مصنع الملابس يسبب فاقدا فى الإنتاج وتلف كثير فى الغزول. وأضاف أن انقطاع الكهرباء يسهم أيضا فى ارتفاع الأسعار لتعويض تراجع الإنتاج إلى جانب اللجوء إلى الاستيراد، ومن ثم الدخول فى أزمة اقتصادية كبيرة. ويقول أحمد عبد العال صاحب أحد مصانع الغذاء بمنطقة وسط البلد إن انقطاع التيار الكهربائى بشكل متكرر أدى لتلف أجهزة تقدر بآلاف الجنيهات، خاصة تلك التى تستخدم الكهرباء فى عملية صهر المعادن مثل الألومنيوم والنحاس والحديد والصلب، منوها أن العديد من المصانع الآن تتفادى العمل فى فترات ذروة الاستهلاك، حتى لا يحدث انقطاع مفاجئ للتيار الكهربائى يكلفها خسائر بملايين الجنيهات. وأكد محمود الباز عضو نقابة صناع الأثاث المستقلة أن انقطاع الكهرباء أدى لانخفاض ما يزيد على 20% من إنتاج صناع الأثاث بدمياط الأمر الذى أصبح كارثة تهدد عرش صناعة الأثاث. وقال الباز إن فشل اللجان المشكلة من وزارات المالية والبترول والكهرباء فى توفير مصادر الطاقة من البترول والغاز الطبيعى لمحطات توليد الكهرباء سيزيد الأزمة فى المستقبل ولن تحل أية مصادر أخرى كبديل. وأكد الدكتور محمد اليمانى، المتحدث باسم وزارة الكهرباء أن وزير الكهرباء أصدر تعليمات بضمان العدالة فى توزيع الانقطاعات الكهربائية مع ضرورة إخطار المصانع والمحال التجارية حتى لا تحدث خسائر. وأوضح أن انقطاع التيار الكهربائى لن يصل للمستشفيات، تحت أى ظرف، لافتا إلى أن الأسبوع المقبل سيشهد توفير قدر من الوقود مخصص للكهرباء، مما سيعمل على تقليل عدد ساعات انقطاع التيار الكهربائى، مطالباً بترشيد استهلاك الطاقة، مشيرًا إلى أن نسبة الاستهلاك المنزلى وصلت إلى 42% من إجمالى الطاقة، مؤكدا أن هذه النسبة غير متواجدة بأى مكان فى العالم. وقال الدكتور عمرو سراج الدين أستاذ الطاقة بقسم الهندسة الميكانيكية بالجامعة الأمريكية إن العديد من الدول تستخدم التكنولوجيا الحديثة فى توليد الطاقة من مخلفات البترول، حيث يستخدم زيت السيارات فى توليد الطاقة فى بعض الدول، مشيرا إلى أن انقطاع التيار الكهربائى أدى إلى عجز مؤسسات الإنتاج عن تلبية متطلبات المستهلك ومن ثم فأفضل السبل فى الفترة الحالية هو وضع استراتيجية تمر بثلاث مراحل أولها على المدى القصير لمواجهة مشكلة انقطاع الكهرباء من خلال خفض الاستهلاك، حيث إن الهدر الأكبر للطاقة فى القطاع المنزلى والتجارى مطالبا باستخدام اللمبات الموفرة، وسخانات الغاز بدلا من الكهرباء.