الدموع متحجرة فى مقليتها.. تنتظر لحظة الفرج.. تتمنى أن تبكى.. أن تصرخ من قلبها.. ولكن الخوف يكبلها.. يحبس أحاسيسها ومشاعرها داخل صدرها عامين من الأسى والحزن.. ضاق فيها الصدر حتى وصل إلى درجة الانفجار.. ولكنها تضغط على أعصابها وتدفن حزنها داخل قلبها الذى ينفطر كل يوم مئات بل آلاف المرات من أجل فلذات كبدها. ولكن ما مرت به هذه الأم وأسرتها عبر السنوات القليلة الماضية.. لو قص على أى إنسان قد يظن أنه فيلم سينمائى مأسوى أحكمت حبكته السينمائية.. تمر حياتها أمام عينيها كشريط سينمائى طويل.. تتذكر أنه لم يدر بخلدها فى يوم من الأيام عندما تقدم لخطبتها زوجها أنها ستواجه هذه الحياة الصعبة التى بدأتها معه منذ أكثر من عشرة أعوام أنجبت فيهما الولد والبنت.. كانت حياة جميلة بحلوها ومرها.. الزوج يعمل ويحاول توفير لقمة العيش للأسرة.. الطفلة الصغيرة «دينا».. تلعب وتجرى.. الأم تنظر لها نظرات كلها حب.. تأخذها بين أحضانها وتضمها لتنام ولكنها تشعر بجسد الطفلة تشع منه الحرارة.. تؤكد لنفسها أن السبب هو لعب الطفلة طوال النهار تحت حرارة الشمس الحارقة فى أيام الصيف ولكن مع تقدم ساعات الليل تزداد حرارة الجسد ارتفاعا حتى كاد جسدها يتوهج من الحرارة وكأنها تنام داخل الفرن.. بدأت الأم ينتابها القلق.. تبعد الابن «أحمد» عنها خوفا من أن تكون الطفلة مصابة بمرض معد.. قامت بعمل كمادات على جبهة الطفلة ومع ذلك فالحرارة مرتفعة.. ظلت هكذا طوال الليل والأم لم يغمض لها جفن حتى ظهر ضوء الفجر.. الأب لا يستطيع أن يترك عمله وإلا خسر اليومية التى يحصل عليها وبالتالى يخسر قوت أسرته.. حملتها الأم إلى المستشفى.. الطبيب وصف بعض المسكنات ومخفضات الحرارة وعادت الأم بها إلى فراشها ولكن الحالة كما هى لم تتقدم لمدة يومين.. عادت بها مرة أخرى إلى المستشفى.. وخضعت الطفلة للفحوصات والتحاليل لمعرفة سبب ارتفاع درجة الحرارة وكانت الصدمة التى جعلت الأم تسقط على الأرض.. إن «دينا» مصابة بلوكيميا حادة بالدم وطلب منها الطبيب الذهاب بها إلى القاهرة حيث مستشفى 57357 لعلاجها، وبالفعل جاء بها الأب والأم وتم إجراء تحاليل متخصصة وكان التشخيص بالفعل أنها مصابة بسرطان الدم وتحتاج لجلسات علاج كيماوى وإشعاعى.. واضطر الأب إلى أن يتركهما وحيدتين بالمستشفى ويعود إلى قريته بشرق الدلتا حتى يراعى عمله وطفله.. وكانت رحلة مرض الطفلة طويلة بالرغم من مرور عام فقط عندما سقط الطفل أحمد الأخ الأكبر لدينا مريضًا ولم يكن معلومًا مرضه.. حيث أصيب بمغص شديد ثم إسهال ثم ارتفاع بدرجة الحرارة.. لم تكن الأم موجودة بالمنزل كانت مع طفلتها بالمستشفى لتلقى جلسات العلاج.. خاف الزوج أن يخبرها بما أصاب الابن وقال فى نفسه يكفيها ما تلاقيه من عذاب من الطفلة الصغيرة.. ولكن الابن تدهورت حالته الصحية.. ذهب به للوحدة الصحية قامت الطبيبة بالكشف عليه وأكدت للأب أنه مصاب بنزلة معوية ويحتاج إلى راحة وعلاج.. يوم والثانى وحالة الطفل تزداد سوءًا.. واضطر الأب إلى أن يخبر الأم التى عادت على وجه السرعة لتجد «أحمد» هيكلًا عظميًا غير قادر على الحركة أو الذهاب للمدرسة.. حملته للمستشفى ولكن لم تتقدم الحالة بل العكس بدأت فى التدهور.. فقد الطفل حيويته ونشاطه وزادت آلام البطن.. وبدأت رحلة علاج طويلة ولكن بلا فائدة.. اضطرت للذهاب به إلى طبيب متخصص كما نصحها الأهل والجيران وعندما فحصه الطبيب وسأل أسئلة كثيرة عرف منها أن أخته الصغرى «دينا» مصابة بلوكيميا حادة فى الدم.. هنا طلب منها الطبيب اصطحاب «أحمد» إلى مستشفى السرطان ليفحصه الأطباء.. سألته عن السبب.. أكد لها أن هذا زيادة فى الاطمئنان ولكنه كان يخفى عليها أن الطفل مصاب بسرطان بالغدد الليمفاوية بالبطن.. اصطحب الأب الركب الحزين طفليه وزوجته وجاء بهم إلى مستشفى 57357 وبعد فحصه وإجراء تحاليل وأشعة.. أخبرهم الأطباء أن الطفل فى حاجة لتلقى جلسات علاج إشعاعى وكيماوى.. وقد كان عامان من الألم والمرض والحزن والأسى بل والقهر، فالمصاريف كبيرة على أسرة فقيرة، الأب سائق باليومية ودخله لا يتعدى 400 جنيه ويعول الطفلين المريضين والزوجة وعامان فى شرع المرض كأنهما عشرات السنين، الأم أرسلت تطلب المساعدة والوقوف بجانبهم. من يرد يتصل بصفحة مواقف إنسانية.