جاءت المصالحة الفلسطينية بين حركتى فتح وحماس بمثابة جهاز كشف للكزب والزيف الاسرائيلى والأمريكى فى آن واحد، بعد أن أعلنت الأولى رسميا إلغائها لجلسة كانت مقررة مع الجانب الفلسطينى من أجل استئناف مباحثات السلام بين الجانبين بدعم أمريكى. تحرير الحاج عضو المجلس الثورى لحركة فتح، استهجنت موقف إسرائيل و أمريكا من المصالحة الفلسطينية، مشددة أن هذا الأمر هو شأن داخلي، مؤكدة مضى الأشقاء الفرقاء فى تحقيق استعادة الشعب الفلسطينى. وقال الحاج فى تصريحات خاصة ل «مجلة أكتوبر»: «نقول للإسرائيليين لا تتدخلوا فى شئوننا، وسنواصل تنفيذ المصالحة على الأرض»، مضيفًا: « لم نتفاجأ من موقف إسرائيل بهذا الصدد بوقف المفاوضات، لتثبت من جديد أنها عدوة السلام»، مؤكدًا أن هذا يكشف زيف إسرائيل فى حرصها على تحقيق السلام فى الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن إسرائيل خسرت فرصة ثمينة لاستئناف العملية السلمية وصولاً إلى السلام الشامل والعادل، ومعربة عن أسفها من الموقف الأمريكى. وأكد خلال اتصال هاتفى أن القيادة الفلسطينية لن تلتفت إلى تصريحات الإسرائيليين والأمريكيين تجاه المصالحة بين حركتى فتح وحماس، واستعادة الوحدة الوطنية ، وطى صفحة الانقسام، كاشفًا النقاب عن أن السلطة الفلسطينية ستتجه إلى خيارات أخرى، مبينًا أن الخيارات المفتوحة أمام القيادة للرد على الموقف الإسرائيلى، والتى يتم دراستها حالياً حل السلطة والتوجه إلى الأممالمتحدة ، ورفع القضية فى محكمة لاهاى الدولية لملاحقة الإسرائيليين كمجرمى حرب، ملمحًا إلى أن الأسابيع المقبلة ستحمل فى طياتها أحداث ساخنة. من جانبه اوضح د. محمود الهباش، وزير الأوقاف والشئون الدينية بحكومة رام الله، أن القيادة الفلسطينية لا ترفض تمديد المفاوضات، مبيناً أن تمديدها يتطلب رؤية قائمة على أسس واضحة تشمل وقف الاستيطان، وإطلاق سراح الدفعة الرابعة من قدامى الأسرى الفلسطينيين، ملمحاً إلى أن تتركز المفاوضات فى الاعتراف بحدود 67، وترسيمها لإقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة، معتبراً أن مستقبل التفاوض « مرهون بالموقف الإسرائيلي» وأكد الهباش عرقلة إسرائيل للمفاوضات من خلال تعطيل الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى، ومواصلتها لبناء المستعمرات، وعدم التطرق للدخول لحدود الدولة الفلسطينية للدخول فى مفاوضات جادة. ولفت إلى أن المفاوض الفلسطينى أقوى من ذى قبل، معزياً ذلك إلى استناده على الشرعية الدولية التى اعترفت بفلسطين فى الأممالمتحدة ضمن حدود 67، وحصولها على عضو مراقب، والسماح لها فى الانضمام إلى منظمات الأممالمتحدة. من جهته، أعرب أسامة القواسمى، المتحدث الرسمى باسم حركة فتح بالضفة الغربية ، فى اتصال هاتفى ب «بمراسلنا» عن مخاوف السلطة الفلسطينية من وصول مستقبل المفاوضات إلى طريق مسدود قبل موعد انتهاء المدة المحددة فى التاسع والعشرين من نيسان/ أبريل الجارى، موضحًا أن مستقبل المفاوضات يتهددها الفشل فى ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلى بالتعنت والهروب من الحقوق والثوابت الفلسطينية، ومواصلته للاستيطان، الذى يعتبر «سرطان» يهدد الدولة الفلسطينية القادمة. وحول قبول الرئيس الفلسطينى محمود عباس لتمديد المفاوضات لشهور أخرى، نفى القواسمى تفكير الرئيس عباس بتمديد المفاوضات فى حال عدم وقف الاستيطان، و وقف التهويد، و عرقلة نجاح الدفعة الرابعة من الأسرى ، مؤكداً مواصلة الإدارة الأمريكية الضغط على عباس لقبول تمديد المفاوضات، مشدداً على تمسك القيادة بمطالبها لتحقيق ذلك، وواصفاً المفاوضات بأنها « ستكون على المحك». وتوقع القواسمى مرور السلطة بأزمة مالية خانقة فى حال فشلت جهود الإدارة الأمريكية لتمديد المفاوضات، أو البحث عن بديل للرئيس عباس فى تكرار سيناريو الرئيس الراحل ياسر عرفات. فيما بين أحمد شاهين ، كاتب ومحلل سياسى فلسطينى فى غزة، أن مرحلة التفاوض معقدة بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى بسبب تعنت الأخير، وعدم استعمال أمريكا أوراق ضغط على إسرائيل لتقديم تنازلات من أجل المضى قدمًا فى مفاوضات حقيقية، ملمحاً إلى أن الإدارة الأمريكية تحاول ابتزاز السلطة والضغط عليها للقبول بتمديد المفاوضات ، فى حين إسرائيل تكسب المزيد من الوقت لمواصلة الاستيطان، وتهويد القدس، والاستمرار فى جرائمها بحق الشعب الفلسطينى، مضيفًا: «الرئيس عباس يحاول فرض شروط على تل أبيب والبيت الأبيض من خلال التمسك بالمطالب الفلسطينية بالإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى ذوى الأحكام العالية، ووقف الاستيطان بشكل قاطع وفورى»، مضيفًا أن إسرائيل « تعتمد أسلوب المراوغة بالمفاوضات». وبخصوص ما هو مطلوب فلسطينياً، قال شاهين: « هناك متطلبات فلسطينية يجب اتخاذها على صعيدين الدولى والمحلى، داعيًا إلى التحرك دبلوماسيًا، والتوجه إلى الانضمام فى منظمات الأممالمتحدة، والتحرك عربيًا وعدم الاكتفاء بنتائج قمة الكويت، وتحقيق ملف المصالحة وإنهاء الانقسام الفلسطينى على المستوى المحلى. أما ذو الفقار سويرجو، مدير إذاعة صوت الشعب التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطينبغزة، فصرح بأن الدور الأميركى جاء بالمقاييس الإسرائيلية والتى تهدف إلى حماية وجود الأخيرة استراتيجيًا على حساب الحقوق الفلسطينية الثابتة، وتابع:«أى اتفاق سيتمخض عن المفاوضات لن يتجاوز الحكم الذاتى ومن ثم سنعود إلى المربع الأول»، مضيفاً أنه لا آفاق حقيقية لأى عملية سلمية فى الوقت الحالى بسبب اختلال موازين القوى. وفى سياق الحديث عن مخاوف فلسطينية من فرض حصار اقتصادى على السلطة، أوضح سويرجو أنه فى حال عدم موافقة السلطة على تمديد المفاوضات لن يقدم الإسرائيليون والأميركيون على هذه الخطوة، ووصفها ب «ورقة تهديد رخيصة»، مستدركًا أن الإدارة الأميركية ستحاول شراء ذمم فلسطينية اقتصاديًا ومن طرف واحد، حتى يسهل ابتزاز السلطة سياسيًا. وقال: «لن توافق السلطة على اتفاق إطار والاعتراف بيهودية الدولة، لأن ذلك سيجهز عليه سياسيًا، وستكون بمثابة « دعوة لحضور جنازة القيادة الفلسطينية»، مؤكدًا أن الرئيس عباس يلعب فى المربع الوطنى ولن يخرج عنه على الإطلاق، مشيرًا إلى أنه أذكى من أن ينحدر إلى مستنقع الخيانة الذى سيكلفه نهاية مستقبله السياسى وحياته. وأما حركة حماس فرأت على لسان سامى أبو زهرى، الناطق باسمها، أن عباس يدور فى حلقة مفرغة، و يسعى وراء أوهام، مؤكدًا عبثية المفاوضات، وأنها مضيعة للوقت، ومكسب لإسرائيل فى إضفاء الشرعية على الاستيطان. ودعا أبو زهرى القيادة الفلسطينية إلى ترك المفاوضات، والالتحاق بصفوف المقاومة على حد قوله، مبينًا أن لا أحد خوله بالتفاوض مع الجانب الإسرائيلى، محذرًا من تقديم تنازلات لاستئناف المفاوضات تحت غطاء الشرعية الدولية. وكانت إسرائيل قد أعلنت موقفها رسميًا من المصالحة بين حركتى فتح وحماس بإلغاء جلسة كانت مقررة ليلة الأمس بشأن محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين بدعم أمريكى.