أهل الكتاب هم أصحاب دين سماوى قائم على كتاب سماوى كاليهود والنصارى، والقرآن الكريم حدد لنا علاقتنا بأهل الكتاب قائمة على المنهج الذى وضعه الله لنا. وتتضح هذه العلاقة من القرآن والسنة فى المجادلة بالحسن وحسن المعاملة وإباحة الزواح والمصاهرة، واتفق العلماء على أن تهنئة الأقباط بأعيادهم حق لهم ،مدللين بمواقف عدة تكشف احترام الدين الإسلامى لأصحاب الديانات الأخرى. فى البداية أكد الدكتور أحمدى طه الأستاذ بجامعة الأزهر، أنه يجب على الإنسان المسلم أن ينظر إلى الناس على أنهم أخوة له فى الإنسانية، فهم جميعا أبناء آدم وحواء وأن اختلفت بهم العادات والتقاليد والعقائد، لافتا إلى أن القرآن الكريم خاطب الجميع فى قوله تعالى) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (وشدد على أن سيدنا محمد ( صلى الله عليه و سلم ) جاء بدين يحترم المعتقدات الدينية الأخرى ولا يسفهها، والله تعالى يقول فى كتابه "يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم" وكان ( صلى الله عليه و سلم ) والكلام على لسان د. طه من عاداته أن يذهب إلى أهل الأديان الأخرى فى المدينة ويشاركهم أفراحهم وأحزانهم وكان عليه الصلاة والسلام يزور مرضاهم، حتى أنه وقف عندما مرت عليه جنازة يهودى فقال له الصحابه، يا رسو الله " إنها جنازة يهودى قال أليست نفسا" فالإسلام قال إن أصحاب الديانات الأخرى لهم ما لنا وعليهم ما علينا من الحقوق والواجبات ما داموا لا يحاربوننا ولا يعادوننا. وأوضح الأستاذ بجماعة الأزهر أن تهنئة الأخوة الأقباط فى أعيادهم حق لهم باسم الإنسانية والأخوة فى الوطن وليست مبتدعة كما يجب ألا نعكر صفوهم بأعيادهم وألا ننكرها عليهم فالرسول ( صلى الله عليه و سلم ) أمر المحاربين فى الفتوحات ألا يهدموا صومعة وديرا ولا كنيسة وهذا ما فعله عمر بن الخطاب عندما فتح بيت القدس وأمنهم لافتا إلى أن هذا ما يجب علينا فعله هذه الأيام. فى حين أكد الشيخ على وصفى إمام جامع عمرو بن العاص وعضو جبهة علماء الأزهر أن تعامل المسلم مع غير المسلم أمر يفرضه الإسلام وبشكل يليق بالدين الإسلامى الذى يتبعه وبالأخلاق الكريمة حتى يكون قريبا من الرسول ( صلى الله عليه و سلم ) حيث قال "إن أقربكم منى مجلسًا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا"، ومن الأخلاق الكريمة أن تعامله معاملة حسنة فعلى المسلم أن يسأل على جاره غير المسلم، فقال الرسول ( صلى الله عليه و سلم ) ما زال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه. وتابع أن نظرة الإسلام إلى النفس الإنسانية عامة وشاملة وأمر بحفظها ويقول تعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) فالنفس البشرية لا يجوز إهانتها أو ظلمها أو التعدى على حقوقها، موضحًا أن الإسلام لا يعرف الاستثناء بسبب اللون أو الجنس أو الدين وحرمة الدم عظيمة سواء مسلم أو غير مسلم فقال تعالى " ولا تقتلوا النفس التى حرمها الله إلا بالحق". ودلل الشيخ وصفى بعدة مواقف قائلًا إنه وقف قيس بن سعده، وسعد بن حنيف لجنازة مجوسى يعبد النار، والنبى ( صلى الله عليه و سلم ) حين دخل المدينة اعترف باليهود الذين يعيشون فيها حيث كتب عهدًا يسمى صحيفة "المدينة"وكتب فيها أن لليهود دينهم الذى يدينون به وأنهم لا يكرهون على دينهم، وفعل ذلك عمر بن الخطاب مع المسيحيين فى بيت المقدسب فكتب بينهم صلحًا قال فيه " أمان لأهل بيت المقدس، أنهم لا يكرهون على دينهم ولا تكسر صلبانهم ولا تهدم كنائسهم وأنهم آمنون على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، وفعله صلاح الدين أيضًا عندما فتح بيت المقدس حيث أخرج المسيحيين من ظلم البيزنطيين ورفع عنهم الظلم حتى أن اخته دفعت فدية لألف مسيحى حتى لايكونوا عبيدا. وأضاف أن ما يظهر التسامح بين المسلمين والمسيحين أن عمرو بن العاص عندما دخل مصر، وكان الروم قد نفوا بطريك النصارى بنيامين فبعث عمرو للبحث عنه فى الصحراء وإعاده قائلًا له: "احكم فى أهل ملتك وأدر لهم أمورهم"، كما دلل إمام جامع عمرو بن العاص بمواقف أخرى تؤكد العدل الذى يقيمه المسلمون حتى ولو على قبطى من مصر،ذهب القبطى لعمر بن العاص يشكوه فجاء عمرو وابنه، وكان واليا على مصر، فقال له عمر، كيف تعامل الأقباط فى مصر، قال: أحقق العدل.. قال قد جاء رجل يشكوك أنت وابنك بأن عبيدا ضربه.. فقال للقبطى تعالى واضرب عمرو بن العاص فضربه حتى شفيت نفسه. وكذا موقف على بن أبى طالب، وكان أميرًا للبلاد، وقد اختصمه يهودى فى درع، كل منهم يدعى أنه يملكه، فقال القاضى يا أبا الحسن عليك بالبينة، فقال أملك شيئا، لكن الدرع درعى وأنت تعلم ذلك فقال: نعم أعلم أنه درعك لكن البينة.. فقال: ليست معى بينة فقال القاضى: إذن هى لليهود وكافلها انتهى من الحكم.. قال على بن أبى طالب: لقد فضلتنى على هذا الرجل وأخشى أن يكون ظن أنك قد تحكم لى.. فقال: وأين المجاملة.. فقال: كنت تنادينى بلقب "أبا الحسن" وكنت تناديه باليهودى.. فأسلم اليهودى لما رآه من عدل للمسلمين. وعلى هذا والكلام على لسان الشيخ وصفى فالنبى قدوة لنا ويجب احترام المسيحيين وعدم ظلمهم، والبر بهم والإحسان إليهم، وعدم مجادلتهم إلا بالتى هى أحسن، وعدم الاعتداء عليهم، وعدم إقصائهم وإكرام الجار المسيحى ولهم حقوق على المسلم كحق الحياة وحق الأمن فى البلاد وحق العلم وحق العمل وحق التملك وحق الجوار وأنهم لا يظلمون وأن يأكل معهم فى طبق واحد، ومن يفعل غير ذلك بأن ظلمهم أو انتقص حقهم أوقتلهم أو هدم كنائسهم أو كسر صلبانهم، فإن النبى خصيمه يوم القيامة وفى رواية لا تحل لهم شفاعة النبى يوم القيامة.