بعد تصاعد حدة الأزمة بين روسيا والغرب بسبب تدخلها فى أوكرانيا وضمها لشبه جزيرة القرم، هل تدخل روسيا فى حرب مع الغرب على الغاز؟ هذا السؤال، أثارته تهديدات الرئيس الروسى فلاديمير بوتين الذى وجه رسالة إلى قادة الدول الأوروبية محذرا فيها من أن بلاده قد توقف إمدادات الغاز لأوكرانيا إذا لم يحل هذا البلد مسألة ديونه العالقة ومشاكله المالية وهو ما قد يهدد إمدادات الغاز لأوروبا، مطالبا الدول الأوروبية بالمساهمة فى حل الأزمة الاقتصادية لأوكرانيا، وذلك بعد أن رفعت روسيا أسعار الغاز الذى تضخه لأوكرانيا، وهو ما يراه المحللون سلاحا ذا حدين لأنه إذا كان الغاز الروسى يغطى 25% من حاجات دول الاتحاد الأوروبى، فهناك بعض الدول الأوروبية تستورد كل احتياجاتها من الغاز الروسى حيث تعد ألمانيا من أكبر مستهلكى الغاز الروسى إذ تستهلك أكثر من 80 بليون متر مكعب من الغاز سنويا ولم تستطع تقليص اعتمادها عليه رغم محاولتها ذلك منذ سنوات. ويقول خبراء إن مشاكل أوروبا ستزداد لأن إنتاج الغاز الطبيعى فيها سيتراجع وسينخفض احتياطى الغاز فى هولندا وبريطانيا والنرويج مما يعنى أن استهلاك أوروبا من الغاز سينمو إلى 700 بليون متر مكعب عام 2020، ويشير رئيس قسم الغاز والفحم والكهرباء فى وكالة الطاقة الدولية «لازلو فارو» إلى أن أوروبا ستظل لعقود أخرى أكبر مستهلكا للغاز الروسى ذلك أن تحقيق زيادة حادة فى الإنتاج المحلى على حساب استخراج الغاز الصخرى سيكون صعبا جدا. وفيما يتعلق باستبدال الغاز الطبيعى الروسى فى أوروبا بالغاز الصخرى الأمريكى، يرى خبراء أنه رغم أن الولاياتالمتحدة لديها ما يكفى من الغاز الذى يمكن تصديره إلا أنه لا تتوافر البنية التحتية اللازمة لنقل الغاز المسال وهى الطريقة الوحيدة الكفيلة بنقله إلى أوروبا بحرا. ورغم هذا، قد تدفع التهديدات الروسية الدول الأوروبية للاستغناء عن الغاز الروسى وإيجاد بدائل أخرى، وهو ما ترغب فيه سلطات الاتحاد الأوروبى التى تسعى إلى تقليل وارداتها من الغاز الروسى بأكثر من 25% بحلول نهاية العقد الحالى وتأمين إمدادات بديلة، وهو ما سيخفض قبضة موسكو على الطاقة فى المنطقة. وفى المقابل، فإن مصلحة روسيا تستلزم استمرارها فى تزويد الاتحاد الأوروبى بالغاز على اعتبار أن اقتصادها الهش حاليا لا يزال يعتمد إلى حد كبير على عائدات صادرات الطاقة، و 70% من صادرات روسيا من النفط والغاز الطبيعى تتوجه إلى أوروبا مما يدر على موسكو عائدات تصل إلى حوالى 50% من حجم ميزانيتها الاتحادية. ومن جانبه، علق سيرجى جلازييف مستشار الرئيس الروسى على مسألة الخسائر المتوقعة فى حالة فرض عقوبات على روسيا، مشيرا إلى أن خسائر الاتحاد الأوروبى قد تصل إلى تريليون يورو وقد تصل خسائر ألمانيا، على سبيل المثال، إلى 200 مليون يورو فى حين تصل خسائر دول البلطيق إلى ما يعادل الناتج المحلى الإجمالى بها. وأضاف جلازييف أن كلا من روسيا والدول الغربية وإن بديا فى صراع مع الآخر إلا أنهما سيحرصان على أن تظل الأزمة محصورة فى حدود لا تتجاوزها إلى الإضرار بالمصالح المشتركة.