يعد فن الرواية من حيث المضمون. معرضا للمعلومات والأفكار والقيم المرتبطة بحركة الحياة من الأحداث الفاصلة من تاريخ الأمم والأسماء التى تصنع هذا التاريخ. وقد عبرت روايات كبار الأدباء العرب عن قيمة أم كلثوم فى حياتنا الثقافية والفنية. فى رواية خان الخليلى لأديب نوبل نجيب محفوظ دار هذا الحوار بين صديقين على قهوة من حى خان الخليلى: - ما رأى الأستاذ أحمد عاكف فى الغناء؟ أيفضل القديم أم الحديث؟ - الغناء القديم هو الطرب الذى يأسر أنفسنا بغير عناء - وأم كلثوم وعبد الوهاب؟ - عظيمان فيما يرددان من وحى القديم. - أم كلثوم عظيمة ولو نادت ريان يا فجل - أما صوتها فلا اختلاف عليه، ولكن حديثنا عن الغناء من الناحية الفنية - الأستاذ أحمد راشد يعجب بالغناء الحديث بل أشاد بالموسيقى الإفرنجية - يا اخواننا. أمة محمد ما تزال بخير، هل سمعتم ولو مره، إنجليزيا يغنى ياليل ياعين؟ الحقيقة أن من يفضل أغنية إفرنجية كمن يشترى لحم الخنزير مثلا - اسمعوا القول الفصل، أجمل ماتسمع الأذن سى عبده الحامولى إذا غنى ياليل، وعلى محمود إذا أذن الفجر، وأم كلثوم فى امتى الهوى، وما عدا هؤلاء فحشيش مغشوش بتراب. ويدور هذا الحوار بين المطرب على صبرى والبلطجى المطرب حسن فى رواية «بداية ونهاية» لأديب نوبل - الراديو احتكرته أم كلثوم وعبد الوهاب وهيهات أن يكون لناعيش فى هذا البلد ولكن عليك بحفظ أغانى عبد الوهاب - لا أكاد أحفظ منها شيئا - لابد مما ليس منه. وطقاطيق أم كلثوم أيضا هذا حكم الزمان. وجاء فى رواية «ميرامار» لمحفوظ أن العلاقة بين سكان البنسيون لا تتجاوز حدود التعارف الرسمية. حتى اقتربت الليلة الأولى لموسم أم كلثوم فيعلم عامر وجدى أنهم سيسهرون حول الراديو وأنها ستكون ليلة طيبة عامرة بالشباب والغناء. ثم يعود فى نفس الرواية فيذكر « سهرة أم كلثوم ليست مجرد استماع لغناء واستمتاعا به ولكنها أداه تواصل اجتماعى وتعاون إنسانى تحرر من الروتين والملل. وعلى هذا الرأى يجمع السكان المختلفون فى كل شىء وفى رواية «الشوارع الخلفية» لعبد الرحمن الشرقاوى جاء على لسان البطلة. - اما الليلة فى المقابلة رجاء غنت حتة دور. والغبى ولها أم كلثوم لازم تغنيه لكم تانى. ويثور البك ويزفر بضيق قائلها . - أم كلثوم لما بقى كل واحدة تغنى لها كلمتين تبقى أحسن من أم كلثوم. و يقول الناقد الأدبى مصطفى بيومى فى كتابة «أم كلثوم فى الأدب المصرى» إن أم كلثوم كانت تشكل جانبها مهما من عالم إحسان عبد القدوس وفى سياق هذا الاهتمام الطاغى تترك الفنانة الكبيرة بصمتها فى نسيج العمل والتأثير على بناء الشخصية. أما الدور الوطنى لأم كلثوم بعد هزيمة 1967 فقد تناوله الأديب فتحى غانم فى احدى رواياته المتميزة. لم تكن أم كلثوم مجرد صوت جميل يتغنى بأجمل الكلمات وأعذب الألحان فحسب إنما كانت ظاهرة وحالة فريدة فى ثقافتنا العربية الحديثة. وقد أكدت هذه المعانى إبداعات كبار كتاب الرواية العربية، نجيب محفوظ واحسان عبد القدوس وعبد الرحمن الشرقاوى وفتحى غانم ويوسف إدريس وبهاء طاهر وصنع الله إبراهيم وعلاء الديب وجمال الغيطانى وغيرهم. كانت أم كلثوم مادة فى الحواديت التى كتبها الكبار. كبار الأدباء ليقرأها الكبار كما كانت أيضا موحية للكتابة فى كل الأشكال الأدبية والفنية الموجهة للكبار والصغار أيضا.