كان الليل في عصر أم كلثوم عاشقا ومراهقاً بالحب والوجد والغرام والصبابة والهيام!! في هذه الأيام يحتفل عشاق الطرب الاصيل بمرور 311 عاماً علي ميلاد سيدة الغناء العربي أم كلثوم.. لقد أنعم الله علينا بالليل وأنعم علينا بأم كلثوم.. كان الليل في عصر أم كلثوم عاشقاً ومراهقاً بالحب والوجد والغرام والصبابة والهيام والرغبة في الوصال مع من نحب، كان الليل في عصر أم كلثوم أخضر ومن بعدها تصحر!! كان الليل خلال غناء أم كلثوم يتوقف ليستمع إلي شدوها.. ولا يهم إن كان الليل يقف خلفها أو أمامها.. المهم ان الليل لا يسرع الخطي الي الفجر الا بعد ان تتوقف ليستمع الي شدوها.. ولا يهم إن كان الليل يقف امامها أو خلفها.. المهم ان الليل لا يسرع الخطي الي الفجر إلا بعد ان تتوقف أم كلثوم عن الغناء، كانت أم كلثوم في الغناء شلالاً.. وأصبح الغناء بعد أم كلثوم شللاً!! لم نعد نري في حقول الغناء شجراً.. أو نخلاً.. مثلما كنا نري في زمن أم كلثوم بل اصبحنا نري عشباً له صوت يشبه الأنين عندما يمر عليه الريح.. في عصر أم كلثوم كنت لا أعرف لي بيتا وأخاف ان اتوه عن منزلي ولا أعرف بيتي لانني أكاد اسكن »أبيات« القصائد التي تشدو بها أم كلثوم وعندما عرفت الهوي عشقت أهل الهوي وأحببت القمر في هلت ليالي القمر.. أنا أخاف من الاسترسال في الكلام عن أم كلثوم وعصر الحب في زمانها.. الأمر الذي يجعلني أنسي أو أكاد أنسي مسلسل أم كلثوم الذي أعاد الينا الليل الأخضر وقت عرضه بعدما أوشك الليل أن يتصحر.. نادرة هي اللحظات التي أحب أن أحياها.. مثلما كنت أحياها في زمان مضي وغاب وكنت اسمع ان العرب يسهرون مع المسلسل مثلما كانوا يسهرون مع ام كلثوم عندما كانت تنير ليليهم بالغناء الجميل.. ولم يحرص الناس علي ليلة مثلما كانوا يسهرون مع أم كلثوم عندما كانت تغني، مرت ليالي أم كلثوم كأنها خيال.. أو أطياف أحلام الف ليلة وليلة وأم كلثوم كانت في حياتنا »أمة« علي الرغم من أنها كانت تحيا وحيدة بعدما رحل عنها أبوها وأمها وأخوها، وعرفنا مع أم كلثوم معني الوحدة والفقد، ولا ننسي الدكتورة »نعمات احمد فؤاد« وكتابها البديع عن أم كلثوم.. لقد كانت في عصرها »أمة« وكوكباً يدور في فلكه شموس وأقمار.. كان من حظها أنها جاءت في عصر النجوم والكواكب والاقمار الذين أضافوا إليها ومهدوا لها الطريق.. مثل مصطفي أمين وكامل الشناوي وأحمد رامي ومحمد القصبجي، ولا شك أن الذي ضاعف من عبقرية أم كلثوم أو تلك الصبية القروية القادمة من ريف المنصورة الي المدينة الكبيرة القاهرة.. إنها لم تجد الدنيا قد أعدت لها مكاناً واستقبلتها بل قامت أم كلثوم بحفر مجراها مثل مياه النيل.. كما قامت بتمهيد طريقها الوعر في عصر كله أقمار وشموس ونجوم وكواكب، كانت ام كلثوم في البدايات مجرد ضوء نحيل إلي أن استطاعت بعبقريتها أن تصبح في مسيرتها مثل النيل كما أصبحت بين النجوم. كوكب الشرق أم كلثوم. الهروب من زمن الهيافة الأحد: أنا أبحث الآن عن لغة »سرية« أعبر بها عن المعاني العبثية في داخلي، وفشلت في العثور علي هذه اللغة الخفية التي تجعلني اتحدث بها إليكم، وسبب ذلك هو شعور غريب يجعلني أشعر بأنني كائن »نمطي« وأنا أريد التفرد كما أنني أخاف علي نفسي من الانحراف وأخاف علي لغتي من الانجراف وأخاف علي تفكيري من التشتت أو التشرد وأنا في هذه الأيام لم أعد أقرأ أو أسمع الا كلمات قبيحة، وأسأل أمي أين جاءت، وأسأل أيضاً عن ظاهرة تأنيث الكلام فمثلاً كلمة »الاشكال« اصبحت الإشكالية، وجهاز فض المنازعات اصبح آلية فض المنازعات، وليس بعيداً أن اقرأ أو أسمع عن جهاز فض المنازعات بأنه أصبح شركة »متعددة الجنسيات« وأسمع وأقرأ عن »الفاعليات« وآليات السوق، وما علي المتحدث الذي يريد أن يوهمنا بثقافته وعلمه إلا أن يقول: إن المسألة في رأييّ وفي تقديري هي قضية شفافية »لوجستية« ولا بأس أيضاً من ذكر بعض الكلمات التي تحولت من ذكر بعض الكلمات التي تحولت من ذكر إلي أنثي ولا أعرف من هو الطبيب الذي قام بهذه العملية، عملية تحويل الكلمة الذكر الي أنثي مثل كلمة العقل التي أصبحت عقلانية وكلمة الصدق التي تحولت الي مصداقية وأنا أعرف الفرق بين الصدق والمصداقية التي هي الصدق في كل قول او فعل وكلمة احتفال التي صارت »إحتفالية« ورحم الله ذلك الشاعر الذي قال يوماً »وما التأنيث لاسم الشمس عيب ولا التذكير فخر للهلال« ويبدو أن الكلمات كانت في الاصل أنثي لا تعرف التذكير وأراد المتحدثون في زماني هذا ان يعيدوا الكلمات الي أصلها وهو التأنيث وهات يا عصر الكلام عن عصر المعلوماتية والملوخية!! توفيق صالح.. آخر الحرافيش الاثنين: في هذه الأيام التي نحتفل بها بذكري ميلاد الأديب الكبير نجيب محفوظ تذكر أصدقاء عمره الذين مازالوا علي قيد الحياة ونرجو لهم الصحة والعمر المديد بإذن الله.. من هؤلاء المخرج الكبير توفيق صالح الذي ولد في الاسكندرية في 72 اكتوبر عام 6291 وكان والده يعمل طبيبا بالحجر الصحي في الموانيء، وقضي طفولته متنقلاً بين عدة مدن ساحلية الي ان استقرت العائلة في الاسكندرية تعلم في كلية فيكتوريا حيث كان يوسف شاهين زميله علي مقاعد الدراسة، ثم درس الأدب الانجليزي في جامعة الاسكندرية وحصل علي البكالوريوس عام 9491، وفي عامه الدراسي الأخير قام بإخراج مسرحية »رصاصة في القلب« لتوفيق الحكيم وتم عرضها في جمعية الصداقة الفرنسية، ثم أرسل الي بعثة في باريس لدراسة السينما، وبعد عودته تعرف علي نجيب محفوظ الذي كان يعمل بالتأليف السينمائي وقتها وتعاونا معاً علي كتابة نص »درب المهابيل« عن نص لتوفيق صالح.. ثم عملا معاً علي كتابة السيناريو للفيلم الذي انتج عام 5591. كان يوسف شاهين يقول إنه تعلم الفيلم السياسي من توفيق صالح، أما نجيب محفوظ فيقول عنه: لا يختلف اثنان علي موهبته وقدرته الفنية وثقافته، وأنا اعتبر أفلامه علي قلتها »7 أفلام روائية« من أفضل الأعمال في تاريخ السينما المصرية وقد اختيرت اربعة افلام منها من أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية. الحرافيش وأنا أما عن علاقته بالحرافيش فيقول إن أحمد مظهر هو الذي أطلق عليها هذا الاسم وكانت تضم: صلاح جاهين والكاتب الساخر محمد عفيفي الذي كان يعتبره (أوسكار وايلد) مصر وكانوا يجتمعون في الفيلا التي اشتراها الحفناوي عازف الكمان الشهير ثم اصبحوا يجتمعون في منزله لفترة يقول: كان نجيب يحب أكل العدس الذي تصنعه زوجتي ويفضل الفول علي أي طعام، كنا نفضفض في هذه الجلسات في بعض المشاكل الخاصة والشأن العام ويتخللها الكثير من النكات والقفشات التي يجيدها محفوظ تماماً وهو مشهور بضحكته التي تجلجل في المكان وكنا نذهب بالسيارة في طريق سقارة لسماع أم كلثوم وعبد الوهاب، وكان نجيب يحب اغنية عبد الوهاب »من أد إيه كنا هنا«. ويضيف: نجيب طيب القلب، متسامح، وبسيط للغاية ومستمع جيد، حدثنا عن بداياته وكيف احتفظ بنشاطه الأدبي نتيجة لانتظامه في مواعيده منذ القدم، فكان يلعب بمقدار ويذاكر بمقدار وحافظ علي وظيفته طوال حياته وكانت بمثابة صمام أمان حتي عهد اليه ثروت عكاشة بمنصب في وزارة الاوقاف، وحين بلغ راتبه 6 جنيهات نصحه أصدقاؤه بالزواج، وحين تزوج لم نعلم إلا بعد مرور عامين، وهو ملتزم للغاية لا يتحدث عن أي علاقة نسائية له منذ كان شاباً.. إنه إبحار في حياة من منحونا لحظات من السعادة لا تنسي!!