يؤكد تاريخ جماعة الإخوان المسلمين المعزولة بقرار من الشعب بعد قيام ثورة 30 يونيو عقب عام كامل من الفشل فى الداخل والخارج سعيهم للانفراد بمفاصل الدولة ومحاولة أخونتها لتحقيق حلمهم الذى طال أكثر من 80 سنة اصطدموا خلالها بالأنظمة الحاكمة المختلفة وتورطوا فى قتل بعض الوزراء والمسئولين فى الدولة إلى أن جاء فصيلهم الثانى «القطبيون» نسبة إلى مرشدهم سيد قطب الذى دعا إلى الكفاح المسلح فى وجه المسئولين لأسلمة مصر، فقتلوا النقراشى والخازندار وتورطوا فى محاولة مقتل جمال عبد الناصر بالمنشية بالإسكندرية مما حدا به إلى القبض على كبار كوادرهم وسجنهم ونفذ حكم الإعدام فى سيد قطب وأعلن حظر نشاط جماعة الإخوان المسلمين، ثم مقتل السادات بعد إعلان اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل على يد الجماعة الإسلامية بالاتفاق مع الإخوان وقام مبارك بسجنهم وحاربهم أمن الدولة وحدَّ من نشاطهم السياسى وسجن كل من قام أو حاول معاودة النشاط السياسى المعادى لوسطية الإسلام فى مصر. لهذه الجماعة المحظورة منذ عهد عبد الناصر شباب يسمون «شباب الإخوان» كانوا جميعهم مؤيدين لخطوات الجماعة إلى أن تفرقوا بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو إلى عدة جبهات ما بين مؤيد لقرارات القيادة الإخوانية ومعارض لها ومن وقف بين الفريقين وآثر الابتعاد عن الحياة السياسية بعد سقوط الرموز الكبرى. وقد التقت «أكتوبر» بعدد من شباب الإخوان وسألناهم عن ارتباطهم بالجماعة فى بادئ الأمر وهل مازال منهم من على عهده معهم أو كانوا على النقيض أو كانوا على الحياد والانعزال السياسى؟ وقد أجمع كل من التقيناهم على عدم ذكر اسمه كاملًا ليحتفظ بما هو عليه من توجه ورفضوا إعطاءنا صورًا لهم لنشرها، ولكنهم أجازوا ذكر الاسم الأول، أما الاسمان التاليان (الأب والجد) فطلبوا ذكر الحرفين الأولين لهما.. وقد احترمنا رأيهم. بداية يقول «محمود س . أ» طالب جامعى: إننى أفخر لأن أكون فردًا فى جماعة الإخوان المسلمين التى قدمت الكثير فى صورة مساعدات مالية وعينية إلى جانب الوعظ والإرشاد، هذه المساعدات من قيمة اشتراك الأعضاء فكل حى به مجموعة كبيرة من أعضاء الجماعة يدفعون اشتراكات نشترى بها مساعدات للناس، بالإضافة إلى الدعوى فنحن ندعو إلى الله لكل من لم يتهاون فى فرائضه وسننه وكل تيارات المجتمع وإذا دعتنا الضرورة لحمل السلاح فإننا نفعل لتطهير المجتمع من الفساد والمفسدين. حلم الخلافة ويقول «ط .ع.ن» فنى كهرباء ما حدث لجماعة الإخوان خسران معركة وليست الحرب، فأمامنا طريق طويل من النضال حتى نحقق الخلافة التى دعا إليها مرشدنا الأول حسن البنا والذى اغتالته يد الإرهاب.. وكل من جاء بعده من المرشدين جعلوا هذا الحلم نصب أعينهم ونحن من ورائهم سائرون. وسنعمل على مهادنة الدول الكبرى حتى يتحقق الحلم ووقتها سيكون لنا مواجهة مع من يمنعنا فسنكون أقوياء فى العدد والعدة والمال. وعندما تقام الخلافة وهو فى وقت ليس بالقريب يكون أردوغان الحليف الاستراتيجى لنا قد انتهى أمره فى تركيا ونتمنى أن يأتى مثله أو يكون الخليفة من مصر. أما «أحمد ش .أ» طالب ثانوى تجارى، فيقول: لن تأتى جماعة متكاملة العناصر والاتباع مثل جماعة الإخوان إذ أنها تتميز بالنظام من كل كوادرها وما أدى إلى ذلك هو رسوخ مبدأ السمع والطاعة، ويعتبر مكتب الإرشاد وهو حكومتنا ومرشده هو رئيسنا وهنا يعد خروجا على نظام المجتمع، لأن المجتمع فى مصر أغلبه فاسد وجب على أهل العلم ومنهم جماعة الإخوان أن يعيدوهم إلى رشدهم، وأسعى أن أكون كادرًا وقياديا فى الجماعة لأحقق ما تريده الجماعة من أتباعها تجاه مصر والإسلام. «إسماعيل ج . د» مهندس حديث التخرج يقول: كنت معجبًا بجماعة الإخوان وخدمت بين صفوفها بعض السنوات لكن منذ اكتشافى أن ما كانوا يقولونه يختلف على أرض الواقع.. فبعد ثورة 25 يناير التى تأخروا عن المشاركة فيها وبعد تأكدهم من نجاحها، قالوا إننا لن ندخل انتخابات الرئاسة فإذا بى أراهم تراجعوا، ورشحوا خيرت الشاطر، ثم محمد مرسى بعد أن منع القانون الشاطر من الترشح، وكان هذا أول الرجوع فى كلامهم أحسست معه أن هذه الجماعة سياسية بالدرجة الأولى ارتدت عباءة الإسلام فقررت أن أخرج منها. «رجب م . أ» ممرض فى أحد المستشفيات الخاصة يقول تركت الجماعة لما رأيته وسمعته عنهم من الكذب فهم يقولون شيئا ويأتون بعكسه ويجبرون أتباعهم على السمع والطاعة دون نقاش أو اختلاف.. وكان انسحاب كبار أعضائها كالهلباوى وحبيب وعبد الستار مثالا حيا على ديكتاتورية هذه الجماعة.. وكانت الطامة الكبرى فشلهم فى إدارة الدولة مما جعل الناس يتذمرون منهم ويخرجون عليهم رافضين حكمهم فى أخونة الدولة التى لم تعهد حكما يرتدى عباءة الإسلام ويخفى رغبة الاستحواذ وإبعادأغلب المصريين عن المشهد السياسى ومشاركتهم الحكم. لذلك كله قررت أن أترك هذه الجماعة ودخلت حزبا ذا ثقل سياسى فى المجتمع ينضم إليه المسلمون والمسيحيون وغيرهم من التيارات المصرية المختلفة دون استحواذ. «رمضان ع .ط» طالب بإحدى كليات الآداب بالقاهرة يقول: قررت ترك الجماعة منذ أن قامت ثورة 30 يونيو بخلعهم من حكمهم الفاسد الذى فصلوا فيه دستورا لا يجوز الطعن عليه ومجلس شورى خاص بهم مارس مهام مجلس الشعب، وذلك كله بالمخالفة للقوانين الدستورية فى العالم.. وبعد ثورة 30 يونيو وتفويض الشعب للجيش بالخلاص من الجماعة خرج أتباعها فى مظاهرات دموية واعتصامات سبوا فيها وهددوا بحرق مصر.. كل هذا جعلنى أرفض الجماعة. «جر رجلين» «أحمد ن .ع» طالب بكلية الحقوق (ليسانس) يقول: أعجبنى فى البداية توجهات جماعة الإخوان ومساعدة من يحتاج والمعاملة الطيبة مع الجميع بابتسامة اكتشف أنها صفراء بعد ذلك: وأن المساعدة هى «جر رجلين» للانضمام للجماعة أو إعطائها أصواتهم لمن يرشح نفسه منهم فى الشعب أو الشورى أو المحليات. وفى نفس الوقت لم أجد من الأحزاب المدنية ما يشبع رغبتى فى ممارسة السياسة بما يرضى الله لكن «الإخوان» خيبت ظنى ولم تحقق لى ما أطلبه فآثرت ترك العمل السياسى بالمرة فلا أريد أن أكون طمعانا فى سلطة مرتديًا عباءة الدين افرق بين هذا وذاك.. ولا أريد أن اشارك فى حزب مدنى فيه تيارات أختلف معهم عقائديًا أو سياسيًا وقررت الانكفاء على دراستى والبحث عن فرصة عمل وأشاهد المعترك السياسى عن بعد. «سيد أ.ق» موظف حديث التعيين يقول: قضيت فترة من عمرى جنديًا فى صفوف جماعة الإخوان لم نسمع إلا للرأى الواحد ونخضع له وأحسست أن إرادتى الدينية والسياسية قد سلبت منى وهذا ما سبب لى إحباطًا ولكنى تحملت من أجل تحقيق الحلم الذى وعدونا به وهو «الخلافة الإسلامية» وما رأيته منهم من كلام معسول وطيبة وابتسامة فى الحديث اختلف كلية بعد اعتلائهم حكم مصر إذا لم ينجح مرسى فى انتخابات الرئاسة كل ذلك وغيره من ضرب المسالمين عقب عزل مرسى وقتل المواجهين لهم واستقدام جماعات تكفيرية من خارج مصر والتعاون مع حماس وإمدادهم بانتحاريين وغير ذلك جعلنى أكره هذه الجماعة وأندم على ما عملت معهم سنوات.. وفى نفس الوقت ما زال رأيى فى الأحزاب الأخرى مثل الحزب الوطنى الذى انتفخ وقبض على زمام البلد سنوات عديدة وأصابتنى الحيرة ودعوت الله أن يوفقنى إلى ما يريحنى فكان فضل الله علىّ اعتزال الحياة السياسية برمتها المتأسلمة منها والمدنية وكلهم يخدمون الغرب وإسرائيل وأنا الآن أفضل مما كنت عليه ولم أشعر بندم قط فقد استرحت من هم كان يؤرقنى طويلًا. «فاطمة أ.س» خريجة خدمة اجتماعية وربة منزل - تقول: كنت مهووسة بجماعة الإخوان وقد نقل إلىّ زوجى هذا الحب الجارف لها وحاولت قدر استطاعتى عمل ما أكلف به من أعمال كتجنيد أخوات للجماعة وببعض المال من الجماعة ساعدت بعض الفتيات اللاتى لا يملكن مالًا لتجهيزهن وكذلك بعض السيدات الفقراء.. وعندما قامت ثورة 25 يناير فرحت ولكن لم أخرج أنا وزوجى فى بداية الأمر ولما سألته قال لم تأتنى أوامر من قائدى بالخروج وتمنيت لو كان الأمر بيدى لخرجت منذ أول يوم.. ولما أعلنت الجماعة عدم ترشيح أحد منها للرئاسة زاد احترامى لها. ولكن ذاب هذا الاحترام عندما هددوا بحرق مصر إذا لم يفز مرسى (نقضوا عهدهم) ولما دان الحكم للجماعة حلمت بالإسلام يرفرف فى كل شق فى مصر وإن حلم الخلافة قرب تحقيقه لكن كل هذا ذاب وتلاشى عندما قررت الجماعة الاستحواذ وحدها على الحكم وعملوا دستورًا لا يطعن أحد عليه ومجلس شورى موازيًا لشورى الإخوان حكم مصر بدلًا من مجلس الشعب الذى ألغاه القضاء المصرى.. ولما رأيت الشعب خرج على مرسى لفشله تم عزل مرسى وقيام ميلشيات الإخوان بضرب المسالمين وحرق وقتل المعتصمين.. قررت فورًا ترك الجماعة وتركت زوجى منضمًا لها.. ولم أشأ أن انضم لحزب آخر غير إسلامى نظرًا لثقافتى الإسلامية.. فآثرت الانعزال والمتابعة عن ذلك.