ظهر منصب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين لأول مرة في عهد الإمام حسن البنا مؤسس الجماعة والذي نال منصب المرشد العام بحكم أنه كان وكيل المؤسسين.. المنصب يستغله الآن البعض للطعن في الاخوان والتخوين فيهم واثارة الجماهير ضدهم. يقول الدكتور عبد الرحيم علي المتخصص في شئون الحركات الإسلامية إن منصب المرشد العام يمنح لصاحبه حق الطاعة من قبل كل أخ من الإخوان المسلمين أيا كان موقعه ومن يختار المرشد العام هو مجلس شوري الجماعة حيث يأتي بالانتخاب وفق شروط محددة منها ألا يقل سن المرشح عن أربعين عاما وأن يكون قد مضي علي عضويته بالجماعة خمسة عشرة عاما علي الأقل وأثناء حكم مبارك اضطر الإخوان إلي تعديل نظام اختيار المرشد خوفا من الملاحقات الأمنية خاصة بعد أن تعرض الكثير من أعضاء مجلس شوري الجماعة للاعتقال علي يد جهاز مباحث أمن الدولة المنحل ولهذا أصبح ترشيح وانتخاب المرشد يتم عن طريق مكتب الإرشاد حيث تم بهذه الطريقة اختيار المرشد الحالي الدكتور محمد بديع. يضيف أن مهدي عاكف كان أول من أجري تعديلات علي اختيار المرشد حيث تم التوافق علي أن يتولي المرشد العام منصبه لمدة دورتين متتاليتين لا يحق له بعدها تولي اي مناصب تنفيذية في الجماعة مجلس الشوري العام المختار من جميع الأقطار.. ولهذا كان عاكف أول مرشد سابق في تاريخ الجماعة وكان المرشد العام للإخوان المسلمين يتم مبايعته حيث يقسم كل الإخوان في الشعب المختلفة حيث يتم ذلك في اجتماعات داخل كل شعبة ويتولي أمين الشعبة مهمة جعل الأعضاء يقسمون علي الولاء والطاعة للمرشد العام في السراء والضراء. لا مبايعة يقول الدكتور أسامة القوصي الداعية الإسلامي المعروف: إن من الأمور التي تذكر لمهدي عاكف المرشد السابق أيضا أنه أدخل تعديلا جوهريا علي القسم الخاص بعضوية جماعة الإخوان المسلمين حيث غير الصيغة من كونها مبايعة وقسم إلي صيغة عهد وميثاق فالأخ أصبح يتعهد بالالتزام بمنهج الإخوان وبدلا من السمع والطاعة أصبح الشخص يتعهد بالعمل بكتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم ونصرة الدعوة إلي الإسلام. يقول د. القوصي إنه يذكر لجماعة الإخوان أنها لم تتورط في اعمال العنف ونأت بنفسها عن هذا الطريق في كثير من الأحيان والمرشد العام للجماعة بعد انتخابه يبايعه أعضاء الجماعة وعليه التفرغ تماما لمهام منصبه للعمل بالجماعة. فلا يصح له المشاركة في أي أعمال أخري عدا الأعمال العلمية والأدبية بعد موافقة مكتب الإرشاد عليها ويظل المرشد في منصبه لمدة ست سنوات. قابلة للتجديدمرة واحدة ويختار المرشد العام نائبا له أو أكثر من بين أعضاء مكتب الإرشاد العام وفي حالة وفاته أو عجزه عن تأدية مهامه. يقوم نائبه بعمله إلي أن يجتمع مجلس الشوري العام لانتخاب مرشد جديد. وكذلك يمكن لمجلس الشوري العام ان ينحي المرشد إذا خالف واجبات منصبه. تولي منصب الإرشاد منذ تأسيس الجماعة وحتي اليوم ثمانية مرشدين كان أولهم مؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا: المرشد الأول ومؤسس الجماعة "1928 - 1949" ثم حسن الهضيبي: المرشد الثاني "1949 - 1973" ثم عمر التلمساني: المرشد الثالث "1973 - 1986" ثم محمد حامد أبو النصر: المرشد الرابع "1986 - 1996"ثم مصطفي مشهور: المرشد الخامس "1996 - 2002" ثم محمد مأمون الهضيبي: المرشد السادس "2002 - 2004" ثم محمد مهدي عاكف:المرشد السابع "2004م - 16 يناير 2010" ثم محمد بديع: المرشد الثامن "16يناير 2010 - حتي الآن" تقول الوثائق التاريخية إن تأسيس الجماعة تم في مارس 1928 حيث اجتمع البنا بستة أشخاص من العاملين في المعسكرات البريطانية وأعلنوا أنفسهم جماعة الإخوان المسلمين تحت قيادة حسن البنا الذي كان عمره آنذاك 22عاما. وقال وقتها نحتاج إلي أجيال ثلاثة لتنفيذ خططنا. الجيل الأول يستمع وهو جيل التكوين. والطاعة ليست شرطا في هذه المرحلة. الجيل الثاني يحارب وهو جيل التنفيذ وهنا تكون الطاعة "تسيير شئون الاخوان" التامة ملزمة وواجبة. أما الجيل الثالث فهو جيل الانتصار وتقوم فكرة البنا علي منهج ¢التربية¢. و¢التدرج¢ في إحداث التغيير المنشود. ويتلخص في تكوين ¢الفرد المسلم¢ و¢الأسرة المسلمة¢. ثم ¢المجتمع المسلم¢. ثم ¢الحكومة المسلمة¢. فالدولة. فالخلافة الإسلامية. وأخيرا يكون الوصول إلي ¢أستاذية العالم¢. حول مسألة السمع والطاعة للمرشد العام للإخوان المسلمين قال الدكتور عبد الله عابدين أحد كوادر الجماعة في منطقة شرق القاهرة إن صيغة القسم للمرشد العام تغيرت وأصبحت صيغة عهد والتزام لصالح الدين الإسلامي أي أن الالتزام بما يقوله فضيلة المرشد مشروط باتباعه صحيح الإسلام وتوافق كل ما يخرج عنه مع أحكام ومباديء الشريعة الإسلامية فالمسألة ليست طاعة عمياء حتي لو اختلف ذلك مع مباديء الشريعة وحتي في الأمور السياسية قد يختلف الإخوان مع مرشدهم والدليل أنه في حالة ترشح المهندس خيرت الشاطر في انتخابات رئاسة الجمهورية ثم من بعده الدكتور محمد مرسي أن المسألة جرت في تصويت داخلي واضح ولما جاء رأي الأغلبية مؤيداً لترشح أحد الإخوان لرئاسة الجمهورية أيد الجميع رأي الأغلبية رغم كون المرشد لم يكن مؤيدا لهذا الاتجاه. يضيف عابدين أن من يحاولون الزعم بأن الدكتور مرسي سيأخذ أوامره من المرشد إنما يحاولون تشويه صورة الإخوان المسلمين وهذا امر مرفوض وإلا كان النقباء الذين ينتمون للإخوان وفازوا في انتخابات الكثير من النقابات المهنية يأتمرون بأمر الإخوان وهذا لم يحدث أبدا وإلا كان أعضاء تلك النقابات قد ثاروا علي نقبائهم فالمرشد لديه وظيفة محددة وهي تسيير شئون الجماعة خاصة في مجال الدعوة الإسلامية لإنشاء جيل متفتح يتمسك بالقرآن والسنة كوسيلة وحيدة لنهضة الامة المصرية بشكل خاص والأمة الإسلامية بشكل عام والدليل الحي علي أن جماعة الإخوان تدار بشكل ديمقراطي بحت أن الكثير من وسائل الإعلام تناولت اخبارا تؤكد وجود تيار شاب معارض لقياداتهم من كبار الجماعة وحتي إذا كانت المعارضة تحرص علي احترام الكبار فإن هذا يعني أن المرشد ليس إلهاً داخل الجماعة كما يزعم الكثير ممن يحاولون النيل من الإخوان المسلمين. مدير الجماعة علي الجانب الآخر يقول الدكتور محمد المهدي أستاذ علم النفس بجامعة الأزهر إن التجارب العديدة تؤكد أن المرشد العام لا يدير جماعة الإخوان المسلمين كإله أو كشخص منزه عن الخطأ والدليل أن عدد الخارجين عن الجماعة في عصرها الطويل كان قليلا للغاية وهو ما يعني بالتالي أن تنفيذ كوادر الجماعة لرؤي وقرارات المرشد تتم بالتوافق وبالاقتناع التام ولم يثر التاريخ مسألة خوف الناس من المرشد العام للإخوان المسلمين إلا أثناء ولاية المرشد السابق مهدي عاكف الذي كان بالفعل الأكثر جدلا بين المرشدين بسبب التصريحات الإعلامية وصاحب أكثر عدد من الكلمات التي جرت علي الجماعة ويلات كثيرة منها "طز في مصر واللي جابو مصر" وإعلانه لإرسال 10 آلاف مقاتل من الإخوان لتنضم لصفوف المقاومة في لبنان. وتأييده اللا متناهي لحزب الله.ولكن المؤكد أن عاكف منح في الوقت نفسه إشارات عملية للناس أن المرشد لا يتعامل مع الجماعة بمنطق الإمام الخوميني أو منطق ولاية الفقيه كما هو الحال لدي الإيرانيين والدليل أنه - عاكف - كان الأكثر انفتاحا بالنسبة للشباب وسمح لهم بالنقد العلني للجماعة وقياداتها في مدوناتهم عبر الإنترنت ويذكر له أيضا أنه كان الوحيد من بين مرشدي الجماعة الذي أعلن وقت تنصيبه وأخذ البيعة كمرشد سابع في تاريخ الجماعة أنه سيترك المنصب بعد الولاية الأولي- 6 سنوات فقط بعد تعديل اللائحة- وأصر علي عدم التجديد رغم المشكلات التي دخلت فيها الجماعة وما أثاره قراره من خلافات علي المنصب لكنه أصر علي موقفه كما أصر أن يكون هو صاحب الإعلان عن اسم المرشد الجديد وألا لا يترك الجماعة بلا مرشد وتعهد أمام مكتب الإرشاد بتحمله تبعات هذا علي كتفه. يشير الدكتور المهدي إلي أن جماعة الإخوان المسلمين مطالبة اليوم قبل أي وقت آخر بالتدقيق جيدا قبل الخروج بأي تصريحات سياسية حتي لو كانت للإستهلاك الإعلامي خاصة وهناك قطاع عريض من المصريين أصبح بسبب الإعلام لديه حساسية مفرطة تجاه الجماعة ولهذا فعلي المرشد بشكل خاص مراقبة تصريحاته جيدا وعلي الجماعة ككل أن تنأي بنفسها عن مؤسسة الرئاسة وتترك الامر للحزب الذي ينتمي إليه وعدم الإسهاب في التصريحات التي تتحدث عن إقامة دولة دينية منعا لإثارة حساسية الناس خاصة بعد أن تحول مصطلح الدولة الدينية إلي كابوس يطارد المصريين عبر وسائل الإعلام العلمانية.