تكاد تطير من السعادة.. تجرى هنا وهناك.. تعطى الأوامر لبنات الأسرة بفرش حجرة الابنة الحبيبة.. ترص بيدها ملابس العروس إنه يوم فرحها.. اليوم الذى انتظرته طويلا.. طويلا.. انتظرته عشرين عاما منذ رزقها الله بابنتها الجميلة.. حلمت كثيرًا بهذا اليوم.. كانت تجلس بعيدًا وتنظر إلى طفلتها وتتمنى أمنيات وتحلم أحلاما.. كانت تحلم بها عروسا تلبس الثوب الأبيض ويأخذها الفارس على حصانه.. الفارس الذى يستحقها وظنته عندما تقدم يطلب يدها إنه الذى يستحقها.. ولكن ماذا فعل بها.. تركها فى بداية المشوار وهرب. تنظر إلى السماء وتدعو الله أن يقف بجوارها وجوار ابنتها الحبيبة.. وتتذكر ماذا حدث لها.. وتخرج من فمها آهات وآنات وقبل أن تخرج تشق صدرها وتجرحه.. قلب الأم يتمزق عشرات، بل مئات المرات كل يوم من أجل ابنتها وحبيبتها.. لا يعلم مدى حزن الأم عليها إلا الله.. تقول إنها حبيبتها وصغيرتها.. هى قطعة من قلبها.. الآهات والآنات توقظ الأم من أحلى نومة يكاد عقلها يطير.. ماذا أصاب الابنة الحبيبة.. ما هذا الشحوب الذى تراه الأم على وجهها.. أول الأمر ظنت أنها حامل، ولكن الشواهد تؤكد أنها ليس بحامل، ولكن أوراقها النضرة بدأت فى الذبول مما يؤكد أن هناك سببا لذلك.. بدأت الأم تلاحظ حال الابنة وتسأل عما أصابها.. الابنة لا تعرف، ولكن سرعان ما بدأت تشكو التعب والآلام والصداع.. الزوج فى أول الأمر كان يتعاطف معها ويسأل عن حالها ويربت على كتفها مرة والثانية، ولكن بدأ الملل يتملكه ويسيطر عليه حتى أنه أهملها، بل طلب منها الإقامة فى بيت أسرتها حتى تزول الأعراض التى ظهرت عليها.. وجاءت تعيش مع أمها وأبيها.. قلب الأم يحدثها بأن هناك شيئا ما أصاب الابنة وبالفعل كما توقعت فما حدث بعد ذلك كان كابوسا بكل المقاييس بدأت آناتها وآهاتها تتزايد بشكل كبير وحاد، بل فقدت الابنة جزءا من وزنها.. أصيبت بارتفاع بدرجة الحرارة.. حاولت الأم تخفيف الآلام بالمسكنات وبعض الأعشاب الساخنة.. نعم ساعدتها بالفعل على التغلب على بعض هذه الآلام.. ولكن ما هو إلا يوم واحد وعاودتها الآلام، ولكن هذه المرة كانت شديدة لم تستطع الابنة معها النوم على ظهرها أو وضع رأسها على الوسادة من شدة الآلام كانت دموعها وحالتها تمزق قلب أمها وأبيها.. الذى طلب من الأم اصطحابها إلى الطبيب للفحص والكشف.. علاج لم يأت بنتيجة.. الابنة مازالت تشكو.. عادت للطبيب مرة أخرى، خاصة أن الصداع يكاد يفتك برأسها وأصبحت غير قادرة على أن تفتح عينيها أو حتى ترى أمامها.. طلب الطبيب من الأم عرضها على أخصائى عيون لعلها تشكو من شىء ما يتعلق بالنظر.. حاول الأب أن يفهم ما يدور وهو خائف، ولكن الطبيب أكد له أن هذا مجرد إجراء للاطمئنان.. جر الأب ساقيه وهو ممسك بابنته وذهب بها إلى طبيب العيون الذى فحصها، ثم حولها إلى طبيب مخ وأعصاب لأن هناك شكا فى إصابة الابنة بمرض ما بالمخ، خاصة بعد إصابتها بنوبات قىء متكررة.. الأب لا يملك المال الذى ينفقه على علاج الابنة طلب من زوج ابنته أن يساعده ويتحمل تكاليف العلاج والأطباء، ولكنه هرب وتركها وحيدة لأسرتها.. هرب من تحمل المسئولية أو حتى الوقوف بجانبها فى مرضها ومواساتها، بل الأكثر من ذلك قام بطلاقها بعد أن أبرأته من المؤخر والنفقة.. وكان على الأب الاستدانة ليذهب بها إلى الطبيب الذى طلب إجراء تحاليل وأشعة سريعة، بل طلب أيضًا أن يتم حجزها بأحد المستشفيات لتكون تحت الملاحظة، وما هو إلا يوم والثانى وظهر ما لم يكن فى الحسبان إنها مصابة بورم بالمخ وتحتاج إلى إجراء جراحة استكشافية لأخذ عينة من الورم وتحليلها وكانت المصيبة الكبرى أن التحليل أكد أن الورم سرطانى وأنها فى حاجة لعلاج إشعاعى وكيماوى وتم تحويلها إلى المعهد القومى للأورام ودخلت حجرة العمليات أولا لإجراء جراحة استئصال الورم وأصبحت تتردد على المعهد كل شهر لعدة أيام لتلقى جلسات الكيماوى، وتحولت أحلامها وأحلام أمها الوردية إلى كابوس أسود فقد طارت الأحلام فى الهواء ولم يبق لهما إلا الدموع والآلام.. الأم تبكى حال ابنتها العروس التى لم تتجاوز الثانية والعشرين.. والابنة تعيش فى ذهول فهى لم تحلم فى يوم من الأيام بهذه الحياة التعسة التى تعيشها الآن، ولكنه قضاء الله ولا راد لقضائه.. الابنة تحتاج إلى مصاريف كثيرة والأب المسكين يضطر إلى الاستدانة وتضطر الأم إلى مد اليد والبحث عمن يساعدها فى توفير المصاريف واحتياجات المرض.. عيناها تدمع وقلبها يبكى على ابنتها وترسل تطلب من يساعدها، فهل تجد؟ من يرغب فليتصل بصفحة مواقف إنسانية.