عندما يبتلى الله الأسرة بمرض فرد من أفرادها تسوء حالة الجميع.. وعندما يمرض طفل من أطفالها تنقلب حالة الأسرة بأكملها.. «داليا» ابنة العام الواحد.. صغيرة.. جميلة.. رقيقة.. تنام على صدر أمها من ينظر إليهما يظن أنهما كتلة واحدة.. تأخذها الأم فىحضنها تخاف عليها أن تمتد يد القدر تأخذها منها.. تجلس الأم فى ركن مظلم على كرسى خشبى فى قطار الصعيد القادم من سوهاج متجه إلى القاهرة تعودت أن تستقله هى وطفلتها آخر العنقود ليلًا لتصل صباحًا فى رحلة عذاب رحلة علاج طويلة تشعر بأنها لن تنتهى.. تنظر الأم من خلال نافذة القطار.. تنظر بعيدًا.. بعيدًا تسرح بخيالها وتتذكر جميع الأحداث التى مرت بها هى وطفلتها الصغيرة المسكينة.. جاءت الطفلة إلى الدنيا بعد ثلاثة أولاد وبنتين وبالرغم من وجود بنات فى الأسرة فإن داليا كانت الحبيبة لأمها ونورًا لعين أبيها.. تخاف عليها الأم من الهواء الطاير.. تضعها فى عينيها.. الأسرة مكافحة فقيرة.. الأب يعمل فلاحًا أجيرا بأرض الغير ينتظر نهاية اليوم ليحصل على أجره الذى لا يتعدى جنيهات قليلة لا تفى باحتياجات الأسرة الكبيرة فهم ثمانى أفراد.. الأم تحاول أن تساعد بقدر ما تستطيع فأفواه الأبناء مفتوحة والبطون جائعة.. الأسرة كلها تعانى وزادت المعاناة بمرض الطفلة الصغيرة.. تتذكر الأم ما حدث فالطفلة تملأ الدنيا بصرخاتها وضحكاتها تحاول أن تقلد أخيها الأكبر منها وتصرخ مثله، ولكن الصرخات تتزايد وتضيع الضحكات.. وتحولت الابتسامة إلى دموع.. لاحظت الأم أن زهرتها بدأت تذبل.. تتلوى بين يديها وتضع يدها على رأسها.. ويوم والثانى بدأت عين الابنة يظهر بها إحمرار، بل بدأت الدموع تتساقط بدون أى سبب، ثم ظهر تورم بالعين.. فجأة أصيبت الطفلة بارتفاع فى درجة الحرارة انخلع قلب الأم عليها.. حملتها ذهبت بها إلى الوحدة الصحية وصفت الطبيبة بعض القطرات والمراهم وطلبت من الأم أن تعود بها بعد يومين لتعاود فحصها مرة أخرى.. وهذه المرة أكدت الأم أن الابنة لم تنم طوال الليل وتصرخ وتبكى بسبب الألم ولاحظت أن نظرة عين الابنة غريبة.. نعم وجدت الطبيبة لمعة غريبة بعين الطفلة.. طلبت من الأم أن تحملها إلى المستشفى المركزى حتى تعرض على طبيب أخصائى عيون.. لم تنم الأم فى هذه الليلة من شدة خوفها على طفلتها الصغيرة المسكينة التى تعانى من الألم.. طلب منها الطبيب بالمستشفى سرعة إجراء أشعة على المخ والعين وكانت المصيبة التى تكمن داخل عين الطفلة أنها مصابة بورم بالعين وطلب منها الطبيب أن تحمل طفلتها وتستقل قطار الليل لتصل القاهرة فى الصباح وتتوجه بالطفلة إلى المعهد القومى للأورام للتأكد من ماهية هذا الورم.. كانت رحلة عذاب وألم.. أخذ الأب والأم الطفلة إلى المعهد وعند وصول الركب الحزين إلى المعهد بدأت إجراءات طويلة ومعقدة من التحاليل والأشعة للتأكد من نوعية هذا الورم وظهر ما لم يكن على بال أحد.. الابنة الصغيرة مصابة بورم سرطانى بالعين وإنها فى حاجة لبدء العلاج بجلسات الكيماوى والإشعاعى لحين البت فى إمكانية إجراء جراحة لاستئصال الورم حتى لا ينهش باقى جسدها الضعيف ويؤدى إلى هلاكها.. وكان على الأم أن تحمل طفلتها على صدرها كل أسبوع وتأتى إلى القاهرة لتلقى جلسات العلاج.. مشوار طويل من المعاناة والألم.. الألم من رؤيتها لفلذة كبدها وآخر عنقودها وهى تخضع للعلاج.. والألم على أطفالها الخمس الآخرين والتى تضطر إلى تركهم مع أبيهم الذى يعمل من طلوع الفجر وحتى غروب الشمس فى محاولة لتوفير قوت الأسرة اليومى.. ولكنه غير قادر على توفير مصاريف علاج الطفلة وانتقالها من وإلى محافظتهم فى أقصى جنوب الصعيد وتضطر الأم إلى مد يدها طلبا للمساعدة، فهل تجد؟ من يرغب يتصل بصفحة مواقف إنسانية.