تبدأ اليوم- الأحد- الاجتماعات المكثفة للجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد فى سباق مع الزمن للانتهاء من إعداد المسودة الأخيرة لمواد الدستور.. رغم أن هناك بعض التيارات والاتجاهات داخل الجمعية تطالب بضرورة أن يأخذ أعضاء الجمعية التأسيسية وقتهم كاملا فى المناقشات والمداولات والتوافق على بعض المواد التى مازالت محل خلاف بين أعضاء التأسيسية أنفسهم. ويقوم بعض أعضاء الجمعية التأسيسية بالتطوع بإطلاق التصريحات الصحفية حول موعد الانتهاء من الدستور كاملا.. بل إن بعضهم تطوع أن يؤكد أن انتخابات مجلس الشعب القادم ستكون فى مارس 2013.. مما يحدث نوعا من البلبلة بين المواطنين والرأى العام ولباقى أعضاء الجمعية.. الذين يشكون للمستشار حسام الغريانى من كثرة تصريحات زملائهم حول أعمال الجمعية التأسيسية.. رغم أن الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية وعضو الجمعية عمرو موسى قد أكد فى تصريحات صحفية على هامش اجتماعات الجمعية أن عنصرالوقت مهم جدا لإنجاز مواد الدستور الجديد.. ولكن المهم هو المنتج النهائى- على حد قوله. وقال عمرو موسى إن الدستور يجب أن يكون رصينا ولكل المصريين وليس لفصيل سياسى واحد وأن أحدا لا يمتلك الجمعية «بالهيصة والزيطة» وأن لا أحد يعترض على وجود الشريعة الإسلامية فى الدستور الجديد.. فنحن جميعا نسعى للبناء والتنمية وأننا عندما نختلف حول المادة الثانية من الدستور فإن ذلك ليس معناه رفضنا للشريعة، ولكن خلافا حول صياغة المادة مع صياغة أخرى. وأشار عمرو موسى فى اجتماع الجمعية التأسيسية الأخير إلى أهمية التوافق على مواد الدستور جميعها وأنه لا يجوز خروج دستور من الجمعية غير متوافق عليه، وطالب بضرورة إعادة تشكيل لجنة الصياغة التى يهيمن عليها تيار يريد أى يفرض رأيه.. وأن اللجنة يجب أن تشتمل على أساتذة فى القانون الدستورى لأن هناك بعض «الركاكة» فى صياغة بعض المواد وأن ذلك سيؤثر على هذه المواد. *** وقد حدثت مواجهة ساخنة بين عمرو موسى ومحمد البلتاجى الذى اعتبر أن كثرة التعديلات هى تعطيل لإصدار مواد الدستور، ولكن من ناحية أخرى أعلن عمرو موسى أن هذه التعديلات إنما هى تعديلات إيجابية وأن احتجاج القوى المدنية على تشكيل التأسيسية لا يعنى رفض ما يصدر عنها، وأن هناك مواد لابد من التوافق حولها. وكان تعليق المستشار حسام الغريانى على كل هذه المناقشات الساخنة التى دارت فى الاجتماع الأخير أنه كلما زاد عدد أعضاء لجنة الصياغة، كان المنتج أقل جودة فى الصياغة. وقال إننا لا نريد أن ننتج دستورا لمصر لم نتفق عليه نحن أولاً.. وقد طالب رئيس الجمعية الأعضاء بضرورة تقديم اقتراحاتهم على المسودة الأخيرة التى تم توزيعها عليهم، وقد بدأ د.محمد محسوب وزير المجالس القانونية ورئيس لجنة الصياغة بالجمعية بإلقاء الضوء على بعض المواد التى تم الانتهاء منها وتصل إلى 102 مادة، وأبرز التعديلات التى تم الانتهاء منها ولم يتم الانتهاء حتى الآن من وضع الديباجة ولا الأحكام الختامية والانتقالية بشكل نهائى. ومن أبرز التعديلات التى قالها محسوب فى المادة الأولى: إن جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة وهى موحدة لا تقبل التجزئة ونظامها ديمقراطى والشعب المصرى جزء من الأمتين العربية والإسلامية ويعتز بانتمائه لحوض النيل والقارة الأفريقية وامتداده الآسيوى ويشارك بإيجابية فى الحضارة الإنسانية. وقد دارات مناقشات ساخنة حول هذه المادة الأولى وصياغاتها. وقد كشفت المسودة الأولى عن مواد جديدة لم تعرفها الدساتير المصرية من قبل فى دساتير 1923 والدساتير المؤقتة الصادرة فى أعوام 1954و 1956 و1958 و1964 والدستور الدائم فى عام 1971، وهى على سبيل المثال المادة الخاصة بأن مبادئ شرائع المصريين المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية وشئونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية.. كما نصت المادة الرابعة على أن الأزهر الشريف هيئة مستقلة وأن هيئة كبار العلماء تختار شيخ الأزهر ولا يكون إعفاؤه من غيرها.. وأن يؤخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية. وأن تحمى الدولة الوحدة الثقافية والحضارية واللغوية للمجتمع المصرى وتعمل على تعريب التعليم والعلوم والمعارف طبقا للمادة 11، أما المادة 12 فنصت على إن إنشاء الرتب المدنية محظور. ولأول مرة نصت المادة 51 فى فقرة جديدة على أنه يحظر على أجهزة الأمن التدخل المباشر أو غير المباشر فى الشأن السياسى أو التأثير فى الانتخابات العامة، أو الاستفتاءات وتكفل الدولة سلامة الانتخابات وحيدتها ونزاهتها وتلتزم بإدراج اسم كل مواطن بقاعدة بيانات الناخبين دون طلب منه متى توافرت فيه الشروط وينظم القانون مباشرة هذه الحقوق. *** إننى أعتقد أن الجلسات القادمة للجمعية التأسيسية هى جلسات حاسمة تجاه عدد من المواد التى مازالت محل خلاف بين القوى السياسية وأننا يجب التوافق حولها حتى يخرج الدستور معبرا عن كل المصريين ويحقق العدالة والكرامة والحرية للجميع.