يحظى عيد الربيع بمكانة خاصة فى كثير من دول العالم، وفى الوقت الذى تحتفل فيه مصر غداَ بمناسبة «شم النسيم» بطقوسها المميزة، نرى العالم يشاركنا الاحتفال بعيد الربيع على اختلاف مسمياته وطقوسه من دولة لأخرى وتمتد هذه الاحتفالات لفترة طويلة حتى أنها تستمر شهراً فى الصين و50 يوماً فى الهند.. ولاتخلو مظاهر الاحتفالات بعيد الربيع من الطقوس الغريبة كتخويف العفريت فى الصين، وعدم كنس المنازل جلباً للخير فى اليابان، وحرق تمثال هوليكا فى موكب جماعى بالهند، وذهاب التلاميذ والمعلمين إلى مدراسهم بالبيجامة فى هولندا، والتخلص من المتعلقات القديمة لطرد النحس فى تايلاند.. بينما يحتفل الفيتناميون بهذه المناسبة فى المقابر. البداية من الصين حيث يحظى عيد الربيع بأهمية كبيرة، ويعد من الأعياد القومية والتراثية والدينية وتقوم احتفالات الصينين به لمدة شهر كامل كونه يأتى فى أول السنة.. وفى هذا التوقيت يشعل الناس الألعاب النارية لتخويف العفريت وهو معتقد أسطورى عقائدى عند الصينيين وقد انتقلت هذه العادة من جيل إلى جيل.. وفى العيد يلتئم شمل العائلات التى تتبادل فيما بينها التهانى ويحتفل المواطنون فى أنحاء الصين بإقامة عروض شعبية كبرى احتفالاً بنهاية العطلة.. ومن مراسم إحتفالات أعياد الربيع فى الصين تقديم نوع خاص من الخبز ويُعد عيد الربيع موسماً لصيد الأسماك وتقوم كل عائلة صينية فى المدن أو الريف بلصق ورقة على باب البيت مكتوب عليها بيتين من الشعر لونها أحمر ابتهاجاً بعيد الربيع وأيضاً يقومون بزخرفة الأبواب بعيد الربيع بالألوان المبهجة ورسم صور للأساطير الخرافية الصينية وقبل أن ينتهى عيد الربيع فى الصين يقترب عيد الفوانيس ليحتفل الصينيون بمعارض المعابد ومهرجانات الزهور.. وهذه المعارض تقدم كل أنواع التسلية بما فى ذلك فنون وحرف شعبية ومأكولات وعروض فنية ورقصات شعبية.. ويقول رجال الدين الصينيون إن اقتراب الاحتفال بعيد الفوانيس بنهاية احتفالات عيد الربيع تجعل الصينيين يعودون إلى أشغالهم مفعمين بطاقة وحماسة شديدة. غرائب الاحتفالات أما فى اليابان للربيع احتفالاته الخاصة والغريبة أيضاً حيث يتوقفون عن عادة الكنس أمام منازلهم فى عيد الربيع لاعتقاد اليابانيين أن هذه العادة تؤدى إلى الخير والبركة والسلامة والاستقرار.. كما يقوم اليابانيون بارتداء ملابسهم الشعبية «الكيمونو» فى عيد الربيع.. ويتناولون «الموشى» وهو من الأطعمة القديمة فى التراث اليابانى ويتم تحضير الموشى من دقيق الأرز بعد خلطه مع مواد أخرى. وفى الهند.. عيد الربيع هو «عيد الهولى» وتستغرق الاحتفالات بعيد الربيع فى الهند 50 يوماً ويعتبر عيد الربيع «الهولى الهندى» لجميع الثقافات الهندية وتقام الاحتفالات الرسمية بعيد الهولى على يومين ففى اليوم الأول وعند غروب الشمس يوقد الهنود ناراً كبيرة وقبل. إشعال النار يحمل الهنود تمثالاً كبيراً «لهوليكا» مصنوعاً من الخشب واليوديا فى موكب جماعى ترافقه مجموعة من المغنيين والعازفين يذكرون ويمدحون «هولى» فى أشعارهم وأغانيهم ويضعون التمثال وسط النار ويطوف مساعد الكاهن حوله سبع مرات قبل حرقه.. وفى اليوم الثانى من الصباح وحتى الظهر يقوم الهنود وجميع دياناتهم ومذاهبهم برش الغبار الملون على بعضهم البعض ويقومون برش ماء ملون على الآخرين.. وعند غروب الشمس فى نفس اليوم يقومون بتوزيع الحلوى على بعضهم البعض ويتعانقون ثلاث مرات متمنين لبعضهم الصحة والسلامة.. يذكر أن الاحتفالات بالهولى تبدأ من شهر فبراير وتنتهى فى منتصف إبريل ولكن تصل الاحتفالات ذروتها فى يومين فقط. أما احتفالات أعياد الربيع بهولندا فتتسم بطابع خاص وفقاً للعادات التى يتبعها الهولنديون فى الأيام الأربعة للاحتفالات بعيد الربيع ويطلق على عيد الربيع بالهولندية «باصادافين» وهى تعد إجازة رسمية فى كل هولندا ويسبق أيام الاحتفال بعيد الربيع نشاط كبير بمحلات الحلويات والشيكولاتة حيث تبيع هذه المحلات أنواعاً متعددة المذاق والألوان من الشيكولاتة على شكل بيض ودجاج ولابد أن يحصل الأطفال فى هولندا على هذه الشيكولاتة.. وإن لم يحصل عليها يكون حظه سيئاً طوال العام.. ويحصل الطفل على هذه الشيكولاتة سواء من أبويه أو الجدة أو الجد ويحتفظ الطفل بهذه الشيكولاتة للعام التالى كما تتبع المدارس الهولندية طقوساً خاصة قبل العيد وهى حضور التلاميذ للمدرسة مرتدين البيجامة وكل تلميذ بحوزته إفطاره الذى يجب أن يحتوى على بيضتين ملونتين ويشارك المعلمون ومديرو المدارس الأطفال فى هذا الإفطار الجماعى مرتدين أيضاً البيجامة.. ولا يحتوى هذا اليوم على أى دروس مدرسية. أما عن المنازل فيزينها الهولنديون بالزهور والنباتات الطبيعية كما يقومون بتلوين كميات كبيرة من البيض.. وفى الأسواق ينتشر بيع نوع خاص من الأسماك الصغيرة المملحة والتى يتناولها الهولنديون وهى تعرف بأسماك الهارن وتؤكل نيئة معها البصل الأخضر والخبز الأبيض.. ولاتصدر الصحف فى الأيام الثلاثة لهذه الاحتفالات.. وذلك إيماناً من الهولنديين بأن أجازة الربيع يجب أن تكون أجازة حقيقية فلا أحد يخرج من بيته إلا لزيارة أقاربه والاحتفال داخل المنازل. ترجع الاحتفالات بأعياد الربيع فى تركيا إلى عهد الدولة العثمانية وكانت تستمر عدة أيام إلى أن أصبحت يوماً واحداً فقط.. ويعتبر أبناء الشعب التركى أن عيد الربيع تجديد للحياة والصفاء والنقاوة فى العالم.. كما يعتبره الأكراد «الشيعة» يوماً مقدساً كليلة القدر وليلة البراءة وذكرى مولد الإمام على.. كما يعد عيد الربيع إجازة رسمية فى جميع المصالح الحكومية والمدارس.. وتقام احتفالات كبيرة فى مدن جنوب شرق تركيا. وفى فيتنام لعيد الربيع طقوس غريبة حيث يقوم الفيتناميون فى عيد الربيع بالذهاب للمقابر لزيارة أجدادهم وشيوخ القوم.. وبعد زيارة المقابر يتبادلون والأطعمة مثل الشيكولاتة والمربى والخوخ ويُعد عيد الربيع فى فيتنام إجازة رسمية لمدة ثلاثة أيام ويحتفلون به به أسبوعاً كاملاً. يوم التطهير وفى 13 إبريل من كل عام يحتفل التايلانديون بعيد الربيع وتقام بهذه المناسبة مهرجانات لمدة ثلاثة أيام باسم مهرجان المياه ويُعتبر عيد الربيع فرصة ليجتمع أعضاء الأسرة التايلاندية وفى هذا اليوم يقوم الكبار برش الماء المعطر على يد الصغار وبمباركتهم وبعد ذلك يذهبون إلى بيوتهم.. ويسمى عيد الربيع «سانج ران» وهو يوم التطهير حيث يقوم التايلندون بالتخلص من جميع الأشياء القديمة غير المفيدة وفق معتقداتهم لكى يذهب النحس عنهم. وأيضاً من أشهر الطقوس رش الماء على بعضهم حيث يعتقد الشعب التايلندى أن هذا قد يذهب النحس عنهم ويمنحهم السعادة ويذهب التايلنديون إلى المعابد لتقديم الطعام إلى الرهبان والكهنة ويقومون بتنظيف صور وتماثيل بوذا معتقدين أن ذلك يمنحهم السعادة طوال العام. وأما فى أسبانيا فيخرج الشعب إلى الميادين العامة للاحتفال بأعياد الربيع حيث يُقام العديد من الكرنفالات والرقصات وإرتداء الدمى ويسمى مهرجان الدمى بفالينسيا. وكذلك تحتفل إيطاليا بالربيع حيث يخرج الإيطاليون فى المتنزهات العامة لحضور المهرجانات الراقصة ويرتدى الكثير منهم الملابس التراثية والشعبية ويتناولوا الشيكولاتة.. أما فى أمريكا يذهب الأمريكيون إلى الشواطئ فى حفلات موسيقية صاخبة من أجل الرقص والانطلاق بالمراكب واليخوت فى البحر.
