لا ترسلونا إلى الموت.. كانت هذه إحدى العبارات التى كتبت على اللافتات التى حملها لاجئو جنوب السودان فى إسرائيل خلال تظاهرهم أمام منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، احتجاجًا على قرار طردهم من إسرائيل وإعادتهم إلى بلادهم، والذى كان من المقرر تنفيذه فى الأول من الشهر الحالى إلا أنه تم تمديده من قبل المحكمة المركزية فى القدس لمدة أسبوعين للبت فى الأمر من جديد وذلك بعد تقديم منظمات مساعدة اللاجئين فى إسرائيل دعوى قضائية تطعن فى القرار الصادر عن سلطة الهجرة والسكان الإسرائيلية. ووفقا للقرار، كان من المفترض أن يبدأ الترحيل بدفعة من 700 شخص، بينهم 400 طفل فى الوقت الذى أشارت منظمات حقوق الإنسان فى دعواها إلى أن اللاجئين السودانيين والذين يبلغ عددهم نحو ألف شخص سيواجهون خطر الموت فى جنوب السودان. وبالرغم من أنه بعد قبول المحكمة لهذه الدعوى، نقل الموقع الإلكترونى لصحيفة «هآرتس» عن مصدر رفيع المستوى فى وزارة الخارجية الإسرائيلية أن وزير الخارجية، أفيجدور ليبرمان، أرسل مذكرة إلى الدائرة يكشف فيها أن وزارته قررت إعادة النظر فى ترحيل هؤلاء اللاجئين، إلا أن وزارة الداخلية أعلنت رفضها ذلك حيث قالت إنها لا تجد هذه الخطوة مجدية بل ترى فيها وسيلة لتشجيع المزيد من السودانيين على التسلل إلى إسرائيل. وكانت «هآرتس» ذكرت أن إسرائيل تنسق مع جنوب السودان حول آلية تنفيذ سيناريو الطرد رغم أن الأممالمتحدة والولايات المتحدة مددتا مؤخرا فترة الحماية الجماعية لمواطنى جنوب السودان حتى مايو 2013 على خلفية تقارير الأممالمتحدة التى أكدت استمرار الأوضاع الخطيرة والقتال المتواصل وانتهاكات حقوق الإنسان والنقص فى المواد الغذائية فى جنوب السودان. ويبدو أن لاجئى جنوب السودان فى إسرائيل يدفعون ثمن توطد العلاقات الدبلوماسية والإستراتيجية بين إسرائيل والدولة الحديثة العهد والتى وصلت إلى درجة موافقة جنوب السودان على إقامة سفارة لها فى إسرائيل يكون مقرها فى مدينة القدسالمحتلة وليس العاصمة الإسرائيلية تل أبيب فى استفزاز صارخ للدول العربية والإسلامية وخلافا لباقى دول العالم التى ترفض نقل سفاراتها للقدس كونها مدينة محتلة ومحل خلاف. فقد ذكرت صحيفة «يديعوت احرونوت» الإسرائيلية أن السفير الإسرائيلى فى دولة جنوب السودان دان شاهام حصل خلال اجتماعه مع نائب رئيس جنوب السودان ريك ماشار أواخر الشهر الماضى على موافقة رسمية من دولة جنوب السودان على بناء سفارة لها فى إسرائيل بمدينة القدس. وليس خافيا أن هذا يأتى من منطلق رد الجميل لإسرائيل حيث كانت الدولة الصهيونية تمد دولة الجنوب بالمساعدات التى تحتاجها من أجل المضى قدمًا فى مخططات الانفصال عن السودان. كما كانت من أول الدول التى اعترفت بدولة جنوب السودان فى العاشر من يوليو 2011 وسرعان ما أعلن بعدها وزير الخارجية الإسرائيلى افيجدور ليبرمان عن إقامة علاقات دبلوماسية بين الطرفين، بالإضافة إلى تعيين سفير لها فى جوبا . وقد ذكرت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية فى وقت سابق أن إسرائيل تعتزم إنشاء قاعدة جوية فى ولايتى الوحدة وأعالى النيل بجنوب السودان، وكذلك تمويل إنشاء خزان لتوليد الطاقة الكهربائية بمنطقة «نمولى». وفى تأكيد للعلاقات المتبادلة بين الدولتين، أكدت الصحيفة أن الحكومة الإسرائيلية سوف تقوم بإنشاء مدرسة كبرى لتعليم اللغة العبرية لمواطنى دولة جنوب السودان فى العاصمة جوبا، بالإضافة إلى وضع خطط لرحلات حج للمسيحيين من جنوب السودان إلى الأماكن المقدسة بإسرائيل.