كتبت : روضة فؤاد ... لم تكن الانتخابات البرلمانية الإيرانية التى أجريت مؤخرا سوى جولة جديدة من جولات الصراع المحتدم بين المرشد الأعلى آية الله على خامنئى والرئيس أحمدى نجاد، والتى بدأت منذ أكثر من عام، حيث أظهرت نتيجة الانتخابات أن الموالين لخامنئى فازوا بأكثر من 75% من الأصوات، فى حين فشل أنصار نجاد فى تحقيق نتائج جيدة، لدرجة أن شقيقة الرئيس الصغرى «بروين» فشلت فى الفوز بمقعد فى منطقة «جارمسار» مسقط رأس نجاد، ليثبت خامنئى أنه الرجل القوى فى إيران بلا منازع. وعلى الرغم من أن البرلمان الإيرانى لا يملك تأثيرا كبيرا على العديد من سياسات البلاد خاصة فيما يتعلق بقضايا العلاقات الخارجية والبرنامج النووى، إلا أن نتيجة تلك الانتخابات ستضعف من سلطة نجاد، وهذا ما أشارت إليه صحيفة «جارديان» البريطانية فى سياق تحليلها لنتيجة الانتخابات الإيرانية فذكرت أن نتائج الانتخابات أظهرت صعوبة موقف نجاد بعد الهزيمة المحرجة لشقيقته الصغرى أمام منافسها المحافظ، وأكدت الصحيفة أن نجاد سيعيش فترة صعبة لما سيواجهه من برلمان أكثر عداء فى الفترة المتبقية له فى الرئاسة، وأن السخط السياسى فى الداخل والضغوط الدولية ستجعل النظام ضعيفا. ولن تضعف تلك الانتخابات من نفوذ نجاد فى الفترة المتبقية من رئاسته فقط، بل ستؤثر بشكل كبير على خططه فى الانتخابات الرئاسية القادمة، حيث إن نجاد لا يستطيع الترشح لفترة ثالثة على التوالى، فقد كان يسعى للترويج لمرشح يخلفه بعد ذلك، مثلما فعل بوتين فى روسيا، هذا المرشح هو مدير مكتبه «رحيم مشائى»، وهو أيضا صهر ابنه، ويطلق المحافظون على مشائى لقب «رأس التيار المنحرف». ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أن نتيجة هذه الانتخابات قد تؤدى مستقبلا للقضاء على منصب الرئيس، حسبما قال «على أكبر موسوى خوئينى» العضو الإصلاحى السابق فى البرلمان لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، واستشهد خوئينى بقول المرشد الأعلى فى أكتوبر الماضى بأن إيران ستكون أفضل حالا فى ظل حكم النظام البرلمانى الذى ينص على أن يتم انتخاب رئيس الوزراء من قبل أعضاء البرلمان، وتابع قائلا: أما وقد سيطر أنصار خامنئى على البرلمان، فقد لا تجرى الانتخابات الرئاسية المقبلة، وبدلا من ذلك يختار البرلمان رئيسا للوزراء. الجدير بالذكر أن الصراع بين المرشد الأعلى والرئيس بدأ عندما حاول نجاد أن يحل محل خامنئى فى الهرم السياسى المعقد فى إيران، الذى يتولى فيه المرشد السلطة المطلقة منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية، وبعد فوز نجاد بفترة ولاية ثانية عام 2009- وهو الفوز الذى أيده خامنئى فى البداية- أثار تزايد نفوذ الدائرة المقربة من الرئيس انزعاج المرشد الأعلى وأنصاره، ويتهم أنصار خامنئى نجاد بالسعى لتقويض مكانة المرشد الأعلى بإقحام نفسه فى قضايا دينية تعتبر تقليديا مجالا محفوظا للمرشد الأعلى.