تلعب مجالس الأعمال المشتركة فى معظم دول العالم، دورا مهما وأساسيا لتعزيز التعاون الاقتصادى والتجارى بين الدول بعضها وبعض إلا أن الوضع فى مصر يختلف، فبالرغم من وجود 30 مجلس أعمال مصرى مشترك، كالمصرى الأمريكى، والمصرى الفرنسى، وأخيرا المصرى التشيكى، إلا أن معظم تلك المجالس غير مفعلة باستثناء واحد، وربما اثنين على الأكثر، وهو ما يطرح تساؤلا مهما هل تلعب تلك المجالس دورها الغائب فى تنشيط حركة الاقتصاد ودفع عجلة التنمية فى تلك الفترة الحرجة من تاريخ مصر؟*محمد عبده: كانت تعمل وفق توجهات حكومية *عادل العزبى: الثقافة المصرية تروج لمفاهيم خاطئة ......بداية تجدر الإشارة إلى أن الدكتور محمود عيسى وزير التجارة والصناعة اتفق مؤخرا مع بافيل كافكا سفير جمهورية التشيك بالقاهرة على تشكيل مجلس أعمال مصرى- تشيكى مشترك للاستفادة من مناخ الاستثمار فى البلدين، وتوقع الوزيرالانتهاء من تشكيله منتصف الشهر القادم، حيث إن هذه المجالس تعتبر سفارات متنقلة لإقامة أنشطة تجارية واستثمارية وسياحية بين البلدان المختلفة. وقد أكد محمد عبده رئيس شعبة المستلزمات الطبية باتحاد الغرف التجارية أن كل ما تم إقامته فى الفترة الماضية سواء مجالس تصديرية أو نقابات أو مجالس أعمال كانت تعمل وفق التوجهات العامة للحكومة، وفى إطار تحقيق المصالح الشخصية للقائمين على هذه المجالس تاركين خلفهم المصلحة العامة، مشيرا إلى أن إنشاء مجالس الأعمال فى مصر لا تحكمها معايير مهنية بينما تقوم على أساس العلاقات بين الوزراء ورجال الأعمال. وأوضح أن أكبر الصفقات التى حققتها مجالس الأعمال خلال الفترات الماضية هى عمليات الدعم يليها الصفقات التجارية التى تدخل تحت قبضة أشخاص معينة قائمة بدور الرائد فى هذه المجالس والذين يلتفون دائما حول المسئولين فى سفرياتهم خارج البلاد، حيث يقومون بالترويج لمنتجاتهم وشركاتهم دون غيرهم. وطالب عبده بضرورة إعداد نظام داخلى لمجالس رجال الأعمال ينظم العمل ويوحده ليعود بالفائدة الاقتصادية على رجال الأعمال من جهة والقطاع الحكومى والمجتمع من جهة أخرى. وأشار رئيس شعبة المستلزمات الطبية إلى أن هناك عوائد اقتصادية وتجارية لا يستهان بها من تشكيل تلك المجالس من خلال زيادة حجم التبادل التجارى بين رجال الأعمال وكافة الأطراف العربية والأجنبية التى يتم الشراكة معها سواء كان استثماراً أو تصديرا أو استيرادا. وقال عادل العزبى نائب رئيس اتحاد المستثمرين بالغرف التجارية وعضو مجلس الأعمال المصرى القبرصى: إن مجالس الأعمال المشتركة تختلف عن جمعيات رجال الأعمال الخاصة والمجتمع المدنى الذين يهتمون بالشئون العامة وليست الشئون الاقتصادية والمالية فى عدة نواح، أهمها: أن مجالس الأعمال المشتركة تكتسب قوتها من كونها مشتركة وهى تعنى الشراكة بين بلدين أو إقليمين مختلفين يشكل مجلس الأعمال حلقة وصل بين مجتمع الأعمال فى كلا البلدين، وبالتالى فإنه يكون تحالفا يسعى لتحقيق المكاسب الإقليمية أو الوطنية للطرفين، موضحا أن المشكلة ليست فى هذه المجالس المشتركة ولكن فى الثقافة المصرية التى أصبحت تروج لمفاهيم خاصة، على رأسها أننا نتكلم أكثر مما نفعل، وما انعكس على أداء هذه المجالس لأنها تركز على أن الكم أهم من الكيف يعنى أن أعضاءها لا يهتمون سوى بعقد الاجتماعات دون جدوى حقيقية. وقال محمد بطاح تاجر وعضو مجلس إدارة غرفة القاهرة إن جميع مجالس الأعمال فى مصر تعمل تحت إشراف وزارة التجارة والصناعة وأن 50% من أعضائها معينون من قبل الوزير، موضحا أن هذه المجالس تسير على نهج الوزارة وتعليماتها فتفعيل دور أى مجلس أعمال لا يتم إلا إذا تم اختيار الأعضاء بالانتخاب من قبل التجار المشتركين به. وطالب بطاح بتعديل اللوائح التجارية لتنشيط حركة الاستثمار وإزالة كافة المعوقات أمامها، مشيرا إلى أن مجالس الأعمال فى أى دولة بمثابة حلقة الوصل بين الجهات التنفيذية والمستثمرين على خلاف ما يحدث فى مصر، وأكد الدكتور علاء عز رئيس المجلس التصديرى باتحاد الغرف التجارية أن مجالس الأعمال المصرية ليس لها كيان فعلى بعكس الغرف المشتركة التى لديها فريق عمل لمتابعة الأعمال يوميا، أما المجالس فتعتمد على مجموعة من الأشخاص يعملون على إقامة تبادلات تجارية واستثمارية مع مجتمعات الأعمال الأخرى، موضحا أن مجلس الأعمال الناجح هو من له غرفة مشتركة، كما هو معمول به فى مجالس الأعمال الفرنسى الذى يعمل فى إطار منظومة تعاون مع الغرفة الفرنسية. وأوضح عز أن مجتمع الأعمال حريص على خلق المناخ المواتى لجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية لإقامة مشروعات تنموية تسهم فى الارتقاء بمعدلات أداء الاقتصاد المصرى وتفتح فرص تشغيل عمالة جديدة،مؤكدا حرص الحكومة على استكمال عمليات الإصلاح الاقتصادى وتحسين بيئة الأعمال والاستثمار ومساندة القطاع الخاص الوطنى. وأوضح الدكتور مختار الشريف الخبير الاقتصادى أن مجالس الأعمال أداة من أدوات ثقافة المجتمع، فهى قناة من قنوات التعبير عن أصحاب المصالح، حيث إن القرارات التى تخرج من اجتماعات هذه المجالس تعبر عن وجهات النظر الموجودة ولا تعبر عن آراء القطاعات الاستثمارية غير الموجودة. وقال الشريف إن أفكارنا موجودة فى كل دول العالم لكن هناك اختلافاً فى التطبيق العملى وخير دليل تقاعس هذه المؤسسات فى حل مشاكل وقضايا العمالة فى مصر خلال السنوات الماضية. وطالب الشريف من مجالس الأعمال ومكاتب التمثيل التجارى بضرورة إعداد خطط تحرك سريعة لتنفيذ بعض الآليات لدعم وتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين مصر والدول الأخرى خلال المرحلة المقبلة بهدف التغلب على الآثار السلبية الناتجة عن الأوضاع الحالية على الاقتصاد المصرى وتأثيرها على معدلات الاستثمار والتصدير، وأضاف الشريف أن رجال الأعمال المصريين، لهم طبيعة خاصة جدا تميزهم عن غيرهم، وهى عدم التخصص فى النشاط الاقتصادى، حيث يعد ذلك نقطة قصور بالنسبة لهم، كما أنهم لم يتجهوا إلى الاستثمار المباشر فى الصناعة، وركزوا على الأنشطة التجارية ذات العائد السريع. وهو ما يحدث داخل مجالس الأعمال. وأوضح الخبير الاقتصادى أن العديد من العمال والحكومات وغيرهما يتطلعون إلى قيام رجال الأعمال بتقديم التنمية الاجتماعية إضافة إلى السلع والخدمات وفرص العمل، إضافة إلى تصحيح إخفاقات الحكومات، أو القيام بما لم تستطع تلك الحكومات القيام به. من التزام أصحاب النشاطات التجارية بالمساهمة فى التنمية المستدامة.