الوقت الذى اعتبر فيه النيجيريون العام المنتهى هو الأسوأ نتيجة أعمال العنف التى اجتاحت البلاد وأودت بحياة المئات، جاءت بداية العام الجديد 2012 محملة بمزيد من الدماء مع وقوع سلسلة اعتداءات استهدفت عدة كنائس نيجيرية بعد ساعات من الإنذار الذى وجهته جماعة بوكو حرام إلى المسيحيين الذين يعيشون فى شمال نيجيريا ذى الغالبية المسلمة دعتهم فيه لضرورة مغادرة المنطقة خلال ثلاثة أيام وأوقعت الاعتداءات أكثر من 80 قتيلًا فى أنحاء متفرقة من البلاد واضطر المئات إلى الفرار من شمال شرق البلاد بعد أن أعلنت بوكو حرام مسئوليتها عن الهجمات. ظهرت جماعة بوكو حرام والتى تعنى «التعليم الغربى محرّم» فى عام 2004 وهى ترفض التعليم الغربى وتطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية فى كل الولايات النيجيرية وقد استمرت فى نشر أفكارها بصورة سلمية حتى يوليو 2009، وعلى إثر مقتل زعيمها محمد يوسف على يد الشرطة دون محاكمة تحولت بوكو حرام إلى استخدام العنف وبدأت فى تنفيذ سلسلة من الهجمات الإرهابية، وازداد التهديد الذى تمثله جماعة بوكو حرام منذ شهر أغسطس 2009 بعدما أصدرت بيانًا أعلنت فيه أنها تسير على خطى حركة طالبان الأفغانية وتوعدت بتنفيذ المزيد من الهجمات فى شمال وجنوب نيجيريا. ومنذ ذلك التاريخ وبوكو حرام مستمرة فى تنفيذ عملياتها التى تستهدف كنائس وأقسام شرطة ومنشآت عامة وتعمل على تنفيذ هذه العمليات فى المناسبات الدينية. وكانت الجماعة قد كثفت من هجماتها فى الآونة الأخيرة ضد المسيحيين الذى يعيشون فى شمال نيجيريا حيث أسفرت الهجمات الأخيرة عن مقتل العشرات، كما نسبت إليها السلطات النيجيرية الكثير من الهجمات من بينها الهجوم الانتحارى فى أغسطس 2011 الذى استهدف مقر الأممالمتحدة فى العاصمة أبوجا، مما جعل اللجنة الفرعية التابعة للأمن الداخلى فى الكونجرس الأمريكى فى أواخر نوفمبر الماضى تضيف بوكو حرام للقائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية. ورغم أن العنف الذى ضرب نيجيريا ليس مقصورًا على عنف جماعة بوكو حرام باعتبار أن الدولة كانت ومازالت مسرحًا للاضطرابات والصراعات القبلية والحروب الأهلية إلا أن تصاعد وتيرة الهجمات أجج المخاوف من حرب طائفية فى بلد يبلغ تعداده 160 مليون نسمة، ويكاد عدد المسلمين فيه يوازى عدد المسيحيين، ويشكل المسيحيون الغالبية فى الجنوب فى حين أن معظم سكان الشمال من المسلمين حيث يتخوف البعض من أن يؤدى التوتر الذى تشهده نيجيريا على خلفية تلك الهجمات ضد الكنائس إلى حدوث صدام مسلح قد يؤدى بدوره إلى حرب أهلية خاصة بعد أن تم إحراق أحد المبانى التابعة لمسجد وإضرام النار فى مدرسة إسلامية مجاورة له فى أول موجة عنف تستهدف المسلمين فى الجنوب، وذلك بعد أن أصدر ائتلاف مجموعة كنائس نيجيريا بيانا بأنه فى حال تواصلت هذه الهجمات فى 2012 فإنه لن يكون أمامهم خيار آخر سوى الدفاع عن النفس وأنهم سيردون على أى اعتداءات جديدة محتملة مما يهدد بحرب أهلية فى حال ما لم تتدخل الدولة فى وقت يخشى فيه المحللون من وقوع المزيد من الهجمات خلال الأسابيع المقبلة، إضافة لما تشهده البلاد حاليًا من إضراب عام مفتوح دعت إليه النقابات للاحتجاج على ارتفاع أسعار الوقود بعد أن رفعت الحكومة الدعم عنه ابتداءً من أول يناير 2012 فاستغلته مجموعة من المحتجين واقتحموا مسجدًا بعاصمة ولاية ايدو وحاولوا إضرام النار فيه مما اضطر السلطات لإعلان حالة الطوارئ فى بعض المناطق. من جانبه أكد الرئيس النيجيرى جوناثان جودلاك أن أعمال العنف التى تتعرض لها البلاد فى الوقت الراهن هى أسوأ من تلك التى شهدتها البلاد إبان الحرب الأهلية فى الستينيات، مشيرًا إلى أنه خلال تلك الحرب الأهلية كان بالإمكان معرفة وتوقع من أين يأتى العدو؟ واصفًا الحالة التى تواجه بلاده حاليًا بأنها أكثر تعقيدًا من ذى قبل.