إن تقييم وتحليل الوضع الراهن لما يسمى بقطاعات البحث العلمى فى مصر لا يسر عدوا ولا حبيبا، فالتطور التكنولوجى للمؤسسات البحثية شبه متوقف ومخرجات المشروعات البحثية لا شىء تقريبا. ليس بسبب أحداث الثورة طبعا أو المطالب الفئوية.. ولكن الحقيقة أن الأمر يمتد لحقبة ما قبل الثورة، حيث حكومات الفساد والإفساد لم تكن تضع البحث العلمى ضمن اهتماماتها وكانت تختار قياداته ليس على اعتبارات الكفاءة والقدرة على الإدارة العلمية الحديثة. وإنما على اعتبارات الولاء والانتماء للحزب البائد.! والسؤال الذى يطرح نفسه الآن هل تغير شىء بعد مرور عام على ثورة 25 يناير؟!. الحقيقة لا.. فكل القيادات تقريبا لا تزال تقبع فى أماكنها وبعضها يأمل فى الاستمرار بعد أن غير جلده وصبغ شعره وأصبح بقدرة قادر ثوريا يلعن أسياده فى حكومات العهد البائد بعد أن خلع برقع الحياء عن وجهه الخالى أصلا من أى حياء، فبعض هؤلاء كان يخطب ود جمال مبارك ويتمنى نظرة أو ابتسامة أو كلمة ندامة!! فالأمر الآن بات محصورا ما بين قيادات تنتمى للعهد البائد قلبا وقالبا ومراكز قوى إدارية تستعصى إزاحتها حتى على «تيمور لنك» نفسه وليس على مجرد وزير يعلم أنه مؤقت وسيذهب بمجرد تشكيل وزارة جديدة.. لكن الأهم هو تنظيف قطاعات الإدارة العلمية من مراكز القوى المعارضة الفاسدة والتى تتعامل مع الباحثين والعلماء بمنطق أنهم موظفون وليس مبدعين. أيها السادة هل تصدقون أن بعض القيادات الإدارية بوزارة البحث العلمى ليس لديها مؤهلات علمية سوى دبلوم تجارة تم تحسينه بعد ذلك إلى مؤهل عال عن طريق ما يسمى بمعهد الكفاية الإنتاجية وما أشبهه من المعاهد التى وضعت أساسا حتى يتمكن هؤلاء الوصوليون من مماليك السلطان للترقى إلى مراكز مرموقة وقد ساعدهم على ذلك شبكة من العلاقات العنكبوتية أو صلتهم بأماكن صناعة القرار خاصة أن منهم من كان يرتبط ارتباطا وثيقا بقيادات الحزب الحاكم حتى أصبح هؤلاء الموظفين الفاسدين المتحكمين والآمرين الناهين يخطب ود الجميع بما فيهم حتى رئيس أكبر هيئة علمية فى مصر.. وبالمناسبة أن رئيس تلك الهيئة وهو على درجة وزير كان مرشحا قياديا فى لجنة السياسات فى حزب الفساد لحكومة العهد البائد وكان هذا المسكين رغم ما حصل عليه من أموال فهو لا يزال مسكينا، والأغرب أنه كان مسرورا جدا أن اسمه جاء متطابقا مع اسم إحدى القيادات البارزة فى الحزب المنحل.. أما بعد الثورة فكان هذا القيادى فى البحث العلمى دائما ما يقول إن عهد مبارك لم يكن سيئا إلى هذه الدرجة- أى أنه يقصد أن الثورة لم يكن لها مبرر- يا سبحان الله أصبحت الثورة فى نظر هؤلاء القيادات المباركية لا لزوم لها وغير مبررة؟!. أيها السادة هذه عينة لبعض القيادات المهمة فى وزارة البحث العلمى.. ونحن نخشى أن يكون ولاء هؤلاء لعصر ما قبل الثورة من الفساد والمفسدين، حيث إن معظمهم تم تعيينه بقرار جمهورى موقع عليه من المخلوع الفاسد.. ونحن نعلم أنه كان لا يمكن تعيين أحد فى مثل هذه المناصب القيادية المهمة إلا إذا كانت تقاريرهم الأمنية على ما يرام من ناحية الولاء لمبارك وحزبه والرضا التام عن مشروع التوريث وتشجيعه.. خاصة هؤلاء الذين عينوا من قبل مبارك فى السنوات الخمس الأخيرة وحتى قيام الثورة. ورغم أن الوقفات والاعتصامات التى حدثت بعد الثورة والتى أظهرت العديد من السلبيات وفضحت كثيرا من مشروعات الفساد والإفساد التى تصل إلى حد الجرائم التى يعاقب عليها قانون العقوبات فى كل مواده حيث الفساد وصف بأنه مالى وإدارى وأخلاقى. وهذا الأمر لا ينسحب على وزارة بعينها، وإنما يتطابق مع الكثير من الوزارات والتى لا تزال ترزح تحت نير سلطة هؤلاء الموظفين من قراصنة العهد البائد وأقل وصف لهم أنهم شر البرية أو السرطان الذى يستعصى على الاستئصال إلا من جراح ماهر يستطيع بتر رؤوس هذه الأورام الوبائية التى انتفخت وتورمت بالمال الحرام من دم الشعب المطحون. إن أكبر خطر يهددنا من هؤلاء الموظفين الفاسدين أن لهم قدرة على إقناع رؤسائهم بكل ما يريدون حتى لو أرادوا للشمس أن تطلع من الغرب.. فهم يجيدون فن التسلق والتملق والتزلق وسعة الحيلة والقدرة على توظيف القانون لخدمة أغراضهم الدنيئة والهروب من ملاحقة الأجهزة الرقابية فهم يتمتعون بخبرات شيطانية اكتسبوها وأتقنوها طوال مدة عملهم الوظيفى فى خدمة نظام الفساد والإفساد البائد.