يسعى الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى إلى استخدام اتفاق بروكسل لحل أزمة الديون فى منطقة اليورو- والذى تم التوصل إليه بعد جهود قادها مع المستشارة الألمانية انجيلا ميركل- فى تحقيق مكاسب داخلية بإظهار قدرته على التصدى للأزمات، فهل من الممكن فعلا أن يساهم هذا الاتفاق فى رفع شعبية ساركوزى المتدنية ومساعدته إذا ما نوى الترشح فى الانتخابات الرئاسية المقبلة فى التغلب على الاشتراكى فرانسوا هولاند الذى يبدو مصمما على تحقيق أمل الاشتراكيين فى العودة إلى قصر الإليزيه للمرة الأولى خلال 17 عاما؟!.. فى مقابلة تليفزيونية بعد ساعات من قمة بروكسل التى انتهت بالاتفاق على خطة لإنقاذ اليورو، قال ساركوزى: «اتخذنا قرارات مهمة جنبتنا الكارثة». وفى محاولة لإثبات أن ساركوزى هو الرجل الوحيد القادر على قيادة فرنسا خلال هذه الأزمة وليس هولاند الذى يتهمه اليمين بأنه لا يتمتع بالكفاءة لرئاسة فرنسا فى الأزمات،أوضح وزير المالية فرانسوا باروان أن ذلك الاتفاق أنقذ اليورو، مشددا على أن مساهمة الرئيس الفرنسى كانت «حاسمة». ومن جانبه، أشاد كريستيان جاكوب رئيس كتلة الحزب اليمينى الحاكم (الاتحاد من أجل حركة شعبية) فى الجمعية الوطنية بساركوزى قائلا: «بإمكاننا أن نكون كلنا فخورين برئيس جمهورية فى هذا المستوى فى فترات كهذه». وفى المقابل، حاول اليسار التقليل من نتائج قمة بروكسل، وأعرب النائب ميشال سابان المقرب من هولاند عن قلقه من اللجوء إلى الصين لتقديم السيولة لدعم اليورو، وهو ما يؤيده ساركوزى. وبصرف النظر عن مدى فاعلية اتفاق بروكسل، فإنه من المستبعد أن ينجح ساركوزى فى رفع شعبيته مع إعلانه عن إجراءات تقشف جديدة من أجل الحفاظ على تصنيف البلاد السيادى عند مستوى AAA، إضافة إلى مطالبة مواطنيه بأخذ خيار رفع الضرائب فى الاعتبار، وهو ما انتقده هولاند واصفا إياه بخيار غير عادل. وتشير نتائج استطلاعات الرأى- حتى كتابة هذه السطور- إلى أن هولاند (57 عاما) سيتمكن من الفوز فى الانتخابات الرئاسية المقررة فى إبريل ومايو المقبلين فى ظل تراجع شعبية ساركوزى إلى أدنى معدلاتها خلال الأشهر القليلة الماضية بسبب تباطؤ النمو الاقتصادى. وقد أظهر استطلاع للرأى أجراه معهد «سى إس آى» مؤخرا أن نسبة فوز هولاند تصل إلى 62% خلال الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، وذلك بالرغم من انتقاد اليمين له لافتقاره إلى الخبرة الحكومية حيث إن هولاند لم يشغل أى منصب وزارى خلال مشواره السياسى. يسلك فرانسوا هولاند، الأمين العام السابق للحزب الاشتراكى (1997- 2008) والنائب الحالى بالبرلمان عن منطقة كوريز، خطا اشتراكيا ديمقراطيا معتدلا وتعهد فى حال انتخابه رئيسا للبلاد بمواجهة البطالة وارتفاع تكاليف المعيشة والمستويات المرتفعة للدين العام الفرنسى. وعندما سئل عن الصورة التى يود أن يجسدها رئيسا للجمهورية، أجاب: «أريد أن أكون عكس ما عليه نيكولا ساركوزى»، أى أنه يريد أن يعيش كرئيس حياة عادية على عكس أسلوب البذخ الذى عرف به الرئيس ساركوزى. وكان هولاند قد فاز بترشيح الحزب لخوض الانتخابات الرئاسية بحصوله فى الجولة الثانية من الانتخابات التمهيدية على 56% من الأصوات مقابل 44 حصلت عليها مارتين أوبرى زعيمة الحزب الحالية. وكانت هذه هى المرة الأولى التى يعتمد فيها الحزب الاشتراكى مبدأ الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشحه للانتخابات الرئاسية، أى إجراء انتخابات مفتوحة لكل الناخبين الذين يضعون أنفسهم فى خانة اليسار، وهى طريقة غير معهودة لاختيار مرشحى الرئاسة فى فرنسا. ورأى المراقبون أن هذه الانتخابات التى شارك فيها أكثر من 2.5 مليون ناخب، قد اكسبت الحزب الاشتراكى شرعية قوية فى الشارع السياسى الفرنسى وعززت من فرصه فى انتخابات العام المقبل. وخلال الاجتماع العام الذى عقده الحزب للإعلان رسميا عن ترشيحه لهولاند لخوض الانتخابات، خاطب هولاند الحاضرين واثقا من فوزه قائلا: «نحن على موعد فى السادس من مايو من أجل النصر. نحن على موعد مع الجمهورية التى تأملونها. نحن على موعد مع فرنسا التى أريد أن أخدمها معكم».