فى تقديرى أن ما حدث فى موقعة “تسعة تسعة” يوم الجمعة قبل الماضى يجب ألا يمر مرور الكرام بمليونيته المبهمة، وتناقضاته المفضوحة وحتى نهايته الدامية التى انتهت بالاعتداء على وزارة الداخلية ومديرية أمن الجيزة، والهجوم الغامض على السفارة الإسرائيلية، والذى لم تعلن مسئوليتها عنه، حتى الآن، أية جماعة أو فصيل من الثوار أو من يدعون أنهم من الثوار..! لقد كشفت الأسبوع الماضى عن السيناريو الذى ينفذه بعض المأجورين الذين قبضوا مقدماً ثمن إحداثهم للفوضى فى الشارع متسترين تحت عباءة الثورة والثوار، وهو السيناريو الذى لم يعد سراً، بعد أن طبعوه ووزعوه جهاراً نهاراً باعتباره دستورهم ومنهجهم، الذى ينتهجونه لتخريب المجتمع سلمياً - آى والله- هكذا يقولون: تخريب المجتمع سلمياً..!! ولأن أخطر ما كشفت عنه موقعة «تسعة تسعة» هو أن هناك من يحاولون سرقة أو خطف الثورة، بل خطف وسرقة مصر كلها فى عز الضهر.. فقد قررت أن أدعو على عجل لندوة فى مكتبى المتواضع للثوار الحقيقيين لثورة 25 يناير.. لأطرح عليهم مجموعة من التساؤلات لعل أهمها هو: ماذا هم فاعلون إزاء ما يحدث من فوضى فى الشارع المصرى باسم الثورة والثوار؟ وكيف يستعيدون الثورة ومصر كلها من الذين خطفوها وسرقوها عينى عينك فى عز الضهر..؟! وليس سراً أن معظم المشاركين فى الندوة جاءوا متأخرين عن موعدها المحدد.. فهذا طبيب جراح كان يقوم بعملية جراحية أنهاها وجاء ليشارك فى الندوة، وذاك رئيس شركة ملء السمع والبصر فى مجال الاتصالات، كان ينهى بعض الأعمال المهمة لشركته قبل أن يأتى مسرعاً ليشارك فى الندوة، فكلهم ثوار منتجون.. يعملون.. لهم مكان ومكانة فى مجتمعهم.. وليسوا كبعض «الثوار المزيفين» فى موقعة تسعة تسعة الذين لا عمل لهم.. ولا مورد رزق.. ومع ذلك ينفقون ببذخ ظاهر.. يشير إلى أن هناك من يدفع لهم الفاتورة..! وهناك ملاحظة لا أعتقد أنها قد غابت عن فطنة المصريين الوطنيين وهى لماذا يختار المندسون الأيام العظيمة فى تاريخ نضالنا الوطنى ليحولوها إلى أيام هَم وغَم وكرب عظيم وفوضى.. فقد اختار اللاعبون بالنار يوم ذكرى ثورة 23 يوليو ليزحفوا إلى مقر المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى محاولة، لا تخطئها العين، للصدام مع الجيش.. وبدلاً من أن يتحدث المواطنون عن إنجازات الثورة، بدأوا يتحدثون عن الأحداث المؤسفة لموقعة العباسية.. كما اختار اللاعبون بالنار يوم 9 سبتمبر، وهو عيد الفلاح ليثيروا حالة من الفوضى فى الشارع، ويهاجموا وزارة الداخلية ومديرية أمن الجيزة، ويدخلوا فى مواجهة دامية مع قوات الأمن فى محاولة لإضعافها ونشر الخراب بدلاً من الأمن والأمان.. أما أغرب ما يفعله المشبوهون والمندسون، بل الخونة، فهو ما يدعون إليه الآن على صفحات الفيس بوك للإعداد لمواجهة مع القوات المسلحة فى السادس من أكتوبر ذكرى انتصار أكتوبر المجيد.. بالله عليكم هل يتخيل عاقل فى الدنيا كلها، وليس فى مصر أو المنطقة العربية، أن هناك من يدعو للصدام مع القوات المسلحة فى ذكرى انتصارها واستعادتها لكرامة مصر والمصريين، وإعادة كل شبر من ترابنا الغالى الذى اغتصبه الصهاينة فى غفلة من الزمان..! إننى أدعو، من منطلق مسئوليتى المهنية والأخلاقية تجاه هذا الوطن العظيم، أن يتحمل كل مصرى مسئوليته تجاه ما يحدث.. فالصمت لم يعد مقبولاً، والعبث بالأمن القومى لهذا البلد لا يمكن السكوت عليه.. فالسكوت فى هذه اللحظات ليس من ذهب بل هو من صفيح صدئ يجلب علينا جميعاً الخزى والعار، إن تركنا العابثين بأمن الوطن يعيثون فيه فساداً.. إن كل الشباب الوطنى مدعو إلى الدخول على الإنترنت والتصدى للعملاء المشبوهين ودعواتهم المشبوهة للصدام مع القوات المسلحة، لأنهم لا يريدون لهذا الوطن الخير ولا أن تقوم له قائمة. كما أن على الثوار الحقيقيين لثورة 25 يناير، والذين واجهوا الرصاص بصدورهم العارية فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، أن يوحدوا صفوفهم، ويطهروا الثوب الأبيض للثورة من الدنس.. فما يحدث لا يشوه صورة الثورة والثوار فقط بل يشوه صورة مصر العظيمة المتحضرة صاحبة حضارة 7 آلاف سنة.. ألا قد بلغت اللهم فاشهد .