هل انتهى خطر القاعدة بموت زعميها أسامة بن لادن، و ما مصير أفغانستان والحرب على الإرهاب هل مازالت حرب إلزامية أم إختيارية، وما هو مصير التعاون المخابراتى بين الولاياتالمتحدة والحلفاء فى جميع أنحاء العالم؟ مجموعة من الاسئلة التى تدور فى ذهن عدد من الباحثين المهتمين بالشأن الأفغانى و العسكرى خاصة فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب. فيما يتعلق بتأثير مقتل بن لادن على الحرب على الإرهاب، نشر مجلس الشئون الخارجية –وهو مركز بحثى فى الولاياتالمتحدة – مجموعة من آراء باحثيه على رأسهم ريتشارد هاس مدير المجلس الذى يرى أن مقتل بن لادن يشكل انتصارا كبيرا على الإرهاب الدولي، حيث يمثل علامة فارقة فى ما تبقى من النضال المستمر لاجتثاث بؤر الإرهاب، فمقتل بن لادن يبعث برسالة إلى كل الإرهابيين بأن الولاياتالمتحدة قادرة على الدفاع عن نفسها إلى أبعد مدى ضد من يحاول إيذاءها، إلا أنه أضاف بأن مقتل بن لادن لايضع حدآ للتهديدات الإرهابية نظرآ لأن ظاهرة الإرهاب ظاهرة غير مركزية فى تمويلها والتخطيط لها وتنفيذها، حيث توجد مجموعات مستقلة تعمل من اليمن و الصومال وغيرها من الدول. فضلا عن أن باكستان لا تعد شريكاُ كاملاً فى الحرب على الإرهاب حيث يقطنها بعض من أخطر الإرهابيين فى العالم، كما أن بعض المسئولين فى الحكومة الباكستانية يتعاطفون مع الإرهاب و يرفضون العمليات التى تشنها الولاياتالمتحدة على معاقلهم. ونتيجة لذلك نفذت الولاياتالمتحدة عملية بن لادن بشكل منفرد لضمان نجاحها. من جانبه يرى «راى تاكيه» –باحث فى شئون الشرق الأوسط– أن وفاة بن لادن تعد نهاية رمزية لحقبة كان يمثلها التطرف الإسلامي، فقد جاء مقتله فى فترة تحول يمر بها الشرق الأوسط خاصة الدول العربية التى اندلعت فيها ثورات لتثبت عكس ماطالب به من أن العنف هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق العدالة فقد قامت الشعوب العربية فى مصر و تونس بثورات سلمية أدت إلى إقالة الطغاة من مناصبهم وتجاوزت أيديولوجية بن لادن. ويتفق ستيفن كوك –باحث فى شئون الشرق الأوسط- مع تاكيه بأن الوطن العربى تخطى أيديولوجية بن لادن ويرى أن التوجه السلمى الذى انتهجته الثورات العربية يعد خطرًا على أيديولوجية القاعدة التى تتخذ العنف كأيديولوجية عقائدية. وبالنسبه للوضع فى أفغانستان، طرح ريتشارد هاس رؤيته أمام لجنة الشئون الخارجية فى الكونجرس حول كيفية التعامل مع أفغانستان بعد مقتل بن لادن، حيث يؤكد بأن أفغانستان لن تستقر بدون استقرار باكستان وذلك لأن اعتقال بن لادن بالقرب من العاصمة إسلام اباد يؤكد وجود معاقل للإرهاب هناك فضلا عن وجود ترسانة نووية و حكومة ليست قوية لمواجهه تنامى الجماعات الإرهابية مما يشكل نقطة ضعف فى استمرارية الحرب على الإرهاب. ويشير هاس إلى زيادة الاهتمام إنتهاج التوجه الدبلوماسى فى حل الأزمة الافغانية من خلال 3 مسارات الأول يشمل الحكومة الافغانية وحركة طالبان؛ حيث يوجد توجه نحو نوع من «الشورى» جديدة من شأنه دمج حركة طالبان فى الهيكل الرسمى لأفغانستان. والثانى يشمل كل من الهند وباكستان. والثالث يشمل الدول المجاورة والإقليمية، بما فى ذلك إيران، وبعض الدول الأخرى مثل الصين وروسيا والمملكة العربية السعودية، ويضيف هاس أنه يؤيد المحادثات بين الولاياتالمتحدة وزعماء طالبان الذين على استعداد للمشاركة. كما يؤيد القرار الذى اتخذته وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون فى فبراير الماضى لإسقاط الشروط المسبقة لمحادثات مع طالبان حيث تعد خطوة فى الاتجاه الصحيح. إلا أنه ينبغى أن نفهم طالبان أننا سنهاجمهم إذا كانوا منتسبين إلى الإرهابيين . و فى النهاية يرى هاس بأنه من غير المرجح أن يكون المستقبل مشرقا فى أفغانستان فى أى وقت قريب. وفى سياق متصل، نشرت مجلة الفورين أفيرز الأمريكية تقريرآ لريتشارد فلكرينز –باحث فى مجلس الشئون الخارجية- حيث يرى فيه فلكر أن مقتل بن لادن يعد القرار الأسهل للرئيس أوباما لأن ما سيواجهه سيكون أصعب بكثير من هذه المرحلة خصوصاً مع تراجع الدور الذى سيشهده التعاون المخابراتى الذى شهدته المرحلة السابقة من أجل القبض على بن لادن. كما يتفق مع هاس بأن مقتل بن لادن لن يؤدى إلى تراجع العمليات الإرهابية بل على العكس سيزيد الأمور تعقيدًا.