رغم اندلاع أحداث «درعا» فى سوريا وتصاعد أعمال العنف فى بعض المحافظات فإن الأمر لم يصل بعد إلى درجة الثورة فى غليانها، إنما مجرد احتجاجات تخرج على استحياء وتلبية فورية من الحكومة السورية لمطالب المتظاهرين وقد وعد الرئيس الأسد المظاهرة المليونية التى خرجت لتأييده بالحرية والديمقراطية وتحسين مستوى الحياة الاجتماعية، ولكن هل ستعصف الاحتجاجات التى برزت فى سوريا بحركة حماس وتقليص الدعم السورى لحزب الله؟ هذا ما ستكشفه التحركات الراهنة على الأرض السورية. على الرغم من ارتفاع وتيرة الاحتجاجات الشعبية فى سوريا إلا أنه لا يمكن تسميتها بالثورة خاصة أن الشرارة الأولى انطلقت من مدينة «درعا» احتجاجا على قانون الطوارئ المطبق فى البلاد منذ نصف قرن، وبدأ المتظاهرون برفع شعار حرية وكرامة ولا لقانون الطوارئ إلا أن قوات الأمن أطلقت النار لمدة دقائق لتفريقهم، لكن المتظاهرين انتشروا فى مدن أخرى مثل اللاذقية والتى شهدت احتجاجات وأعمال عنف راح ضحيتها حوالى 12 قتيلا. وقد دفع هذا المشهد لتجاوب الرئيس الأسد مع مطالب الشعب، حيث أصدر عدة مراسيم رئاسية تقضى بزيادة الرواتب والأجور للعاملين فى الدولة، وكذلك لأصحاب المعاشات للعسكريين والمدنيين، كما أصدر قرارات بتخفيض معدل ضريبة الدخل على الرواتب والأجور، فيما أعلنت المستشارة الإعلامية والسياسية فى رئاسة الجمهورية بثينة شعبان عن حزمة أخرى من الوعود منها تشكيل لجنة محاسبة لمرتكبى أحداث العنف فى درعا ضد المدنيين وإجراء تقييم واسع لأداء الحكومة والقيادات الإدارية والمحلية واتخاذ قرارات بشأنها ووضع آليات لمحاربة الفساد كما شملت الوعود الرئاسية دراسة إنهاء العمل بقانون الطوارئ وإصدار تشريعات تضمن أمن الوطن وإعداد مشروع لقانون الأحزاب وإصدار قانون جديد يلبى تطلعات المواطنين. وكانت مصادر رسمية قد كشفت عن اندلاع مواجهات طائفية بين الأقلية العلوية والأغلبية السنية فى مدينة اللاذقية السورية بالتزامن مع هجمات عشوائية مسلحة نفذها مجهولون مما أدى إلى دخول الجيش إلى المدينة. وقد أعقب ذلك انطلاق مسيرات مليونية فى دمشق تأييدا للرئيس الأسد ولقرارات الاصلاح السياسى التى أعلن عنها، ويتردد أن القيادات السورية بصدد إصدار حزمة من القرارات وصلت إلى حد إقالة الحكومة الحالية وكان مجلس الشعب قد دعا الرئيس بشار إلى توضيح الإجراءات التى تعزز المسار الديمقراطى فى سوريا وفى أول رد فعلى دولى على تصاعد الأحداث السورية دعا «بان كى مون» الأمين العام للأمم المتحدة إلى فتح تحقيق حول عمليات العنف ضد المتظاهرين ومحاسبة المسئولين عنها.. وحث السلطات السورية بالابتعاد عن العنف والالتزام بالتعهدات الدولية لحقوق الإنسان والتى من ضمنها حق التجمع السلمى.. كما دعت فرنسا سوريا الكف عن الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين ونددت بأعمال العنف التى أدت إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى خلال الأيام الماضية كما أعرب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية عن قلق واشنطن لاستخدام العنف والاعتقالات التعسفية التى تقوم بها الحكومة السورية لمنع الشعب من ممارسة حقوقه الأساسية. فيما دعا وزير الدفاع الأمريكى روبرت جيتس سوريا إلى أن تحتذى بالنموذج المصرى، حيث امتنع الجيش عن إطلاق النار وساعد الشعب على الإطاحة بحكم الرئيس السابق حسنى مبارك.. فيما تردد خلال الأيام الماضية بين الأوساط الفلسطينية أن النظام السورى أبلغ قيادة حركتى حماس والجهاد بأن وجودهما بالأراضى السورية أصبح غير مرحب به وطالبهم بإخلاء الأراضى السورية فورا ولم تنف أو تؤكد حركتا الجهاد وحماس ذلك، وكانت وثائق قديمة أظهرت حديثا فى هذا الاتجاه بين الرئيس السورى بشار الأسد ووفد من الكونجرس الأمريكى عندما قال إن حماس ضيف ثقيل وغير مرغوب فيه كما انتشرت شائعات تفيد أن الرئيس بشار الأسد أبدى استعداده للتخلى عن دعمه لحزب الله وحماس مقابل بقائه فى الحكم. وفى أول خطاب للرئيس الأسد ردا على الأحداث التى تشهدها بلاده قال إن القيادة السورية تأخرت فى إجراء الإصلاحات المطلوبة ولكنه وعد بالبدء فيها الآن. ووصف الأسد المتظاهرين بأنهم متآمرون على سوريا ويعملون لصالح جهات خارجية بهدف زعزعة الأمن، ودافع عن الأجهزة الأمنية التى تصدت لهم قائلاً: إنها لم تتحرك إلا بعد عمليات التخريب والقتل التى ارتكبتها هذه العناصر. ووصف أهل درعا بالشجاعة والكرامة وناشدهم بتطويق ما سماهم بالقلة المنحرفة التى أرادت حرق البلاد. وأكد دعمه لم الجراح والشمل للسير نحو الأفضل مشيرا إلى أن الشعب السورى لو أدرك الفكر الجديد الذى تسير نحوه القيادة السورية لانسجم معها وقال إن الثورات والإصلاحات التى تشهدها الدول العربية ستؤدى إلى تغيير مسار القضية الفلسطينية مؤكدا استحالة تكرار ما حدث فى تونس ومصر لأن يحدث فى سوريا.