كيف تُحقِّق "التعليم" الانضباطَ المدرسي في 2024- 2025؟    تعليم المنوفية يعلق على تجمع أولياء الأمور وأبنائهم فى مدرسة المساعيد    بالصور.. وزير التعليم يتفقد 6 مدارس بالأقصر لمتابعة انتظام الدراسة    تكليفات رئاسية جديدة اليوم للحكومة (فيديو)    صعود جديد فى سعر جرام الذهب، عيار 21 وصل لهذا المستوى    اعتماد نتائج أعمال شركات «النصر والعامرية للبترول والبتروكيماويات المصرية» خلال 2023-2024    فوز فريقين من "هندسة المنصورة" بالمركزين الأول والثاني في مارثون جامعة بنها للابتكارات    حماس: تطور رد المقاومة في لبنان والعراق واليمن يعزز صمود شعبنا ويربك الاحتلال    مصر تحذر مواطنيها من السفر إلى إقليم أرض الصومال    السفير الصينى بالقاهرة: العلاقات بين بلدينا تمر بأفضل مراحلها فى التاريخ    الدوري الإنجليزي، برايتون يتقدم على نوتينجهام فورست 2-1 في الشوط الأول    "لما تتكلم عن الزمالك اتكلم باحترام".. نجم الأبيض السابق يوجه رسالة نارية لأحمد بلال    إحالة 150 محضر مخالفات تموينية في الدقهلية للنيابة العامة (صور)    نزلات معوية بأسوان.. الصحة تكشف آخر التطورات بعد المرور على 163 منزلًا    الجنايات تعاقب "ديلر العجوزة" بالسجن المؤبد    لندب خبير.. تأجيل محاكمة متهمي "ولاية الدلتا الإرهابية" ل 11 نوفمبر    أول تعليق ل تامر حسني بعد حفله بالساحل الشمالي (صور)    يسرا تحيي ذكرى وفاة هشام سليم: يفوت الوقت وأنت في قلوبنا    أول تعليق من تامر حسني بعد حفله بالساحل الشمالي    كريم الحسيني: «محمد رمضان أصابني بذبحة قلبية»    صحة الشرقية تختتم فعاليات البرنامج التدريبي لمسئولي خدمة المواطنين    إنفوجراف| كل ما تريد معرفته عن متحور كورونا الجديد «XEC»    المقاولون العرب يضم الفلسطيني طارق أبوغنيمة    نور الشربيني تتوج بلقب بطولة باريس للإسكواش    مسؤول أمني إسرائيلي كبير: الوضع الحالي في الضفة الغربية يقترب من نقطة الغليان    ب 6 ملايين و669 ألف جنيه.. افتتاح مدرسة كفر الدير الإعدادية بالشرقية    من يدفع ثمن اختراق البيجر في لبنان؟.. المنطقة على فوهة بركان نشط    بعد حذف مشاهد المثلية.. منع فيلم أحمد مالك «هاني» من العرض في مهرجان الغردقة    سياسيون: «قمة المستقبل» تعكس جهود القيادة المصرية في تمكين الشباب    رئيس جامعة حلوان يشارك في مؤتمر دولي بفرنسا لتعزيز التعاون الأكاديمي    الرئيس السيسى يتابع خطط تطوير منظومة الكهرباء الوطنية وتحديث محطات التوليد وشبكات النقل والتوزيع ومراكز التحكم ورفع مستوى الخدمة المقدمة للمواطنين بشكل عام.. ويوجه بمواصلة جهود تحسين خدمات الكهرباء بالمحافظات    ضبط فتاة زعمت تعدى 5 أشخاص عليها لزيادة نسب المشاهدات    التعليم العالي: بحوث الإلكترونيات يطور منظومة تصوير بانورامي ثلاثي الأبعاد    أونروا: مخيمات النازحين تعرضت اليوم لأول موجة أمطار فى خان يونس جنوب غزة    بعد عرضه في أسبوع جوتة للأفلام..«باي باي طبريا» حيلة الإنسان الفلسطيني بالأرشيف والذاكرة للتغلب على الاحتلال    الانتهاء من نقل أحد معالم مصر الأثرية.. قصة معبد أبو سمبل    الجامع الأزهر يتدبر معاني سورة الشرح بلغة الإشارة    مراسل «إكسترا نيوز»: إسرائيل تتعنت في إدخال المساعدات لغزة (فيديو)    البورصة تواصل ارتفاعها بمنتصف التعاملات مدفوعة بمشتريات عربية وأجنبية    الصحة تنظم ورشة عمل لبحث تفعيل خدمات إضافية بقطاع الرعاية الأساسية    خبير علاقات دولية: نتنياهو يزيد التصعيد كلما زار بلينكن المنطقة    شقيق زوجة إمام عاشور يثير الجدل بسبب الاحتفال بدرع الدوري.. ماذا فعل؟    أدعية للأم المتوفاه.. دار الإفتاء تنصح بهذه الصيغ (فيديو)    محافظ مطروح يتابع انتظام الدراسة بجميع الإدارات التعليمية    فرصة لشهر واحد فقط.. موعد حجز 1645 وحدة إسكان ب8 مدن جديدة «التفاصيل»    بداية جديدة لبناء الإنسان.. فحص 150 مواطنا بقافلة طبية بالأقصر    المنوفية تستعد لتدشين المبادرة الرئاسية "صحة وطن"    بالبالونات والشيكولاتة، مدرسة ابتدائية بالغربية تستقبل التلاميذ في أول أيام العام الدراسي (بث مباشر)    متصلة تشتكي: ابني طلب يحط إيده على منطقة حساسة.. وداعية ينصح    الأونروا: تفاقم الأزمة في غزة مع تعرض مخيمات النازحين لأول موجة أمطار    بعد إنقاذهم حياة سيدة تعرضت لعدة طعنات.. رئيس جامعة قناة السويس يُوجه الشكر للأطقم الطبية بالمستشفى    تحت أعين الأهلي.. العين الإماراتي يواجه أوكلاند سيتي النيوزلندي في كأس القارات    بداية فصل الخريف: تقلبات جوية وتوقعات الطقس في مصر    انتظام الطلاب داخل مدارس المنيا في أول يوم دراسة    مواعيد مباريات الأحد 22 سبتمبر - سيتي ضد أرسنال.. ومنافس الأهلي في إنتركونتيننتال    "كلامه منافي للشرع".. أول تعليق من على جمعة على تصريحات شيخ الطريقة الخليلية    خطيب المسجد النبوي يُحذر من الشائعات والخداع على وسائل التواصل الاجتماعي    بيرسي تاو: نسعى للفوز على الزمالك في السوبر الإفريقي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(واسينى الأعرج) الإنسان فى مصر
نشر في أكتوبر يوم 28 - 11 - 2010

أصبح من السهل أن تكون كاتباً يُشار إليه بالبنان، وتنال أرفع الجوائز، وتحتل صفحات الجرائد وشاشات التلفزة، ولكن من الصعب أن تكون إنسانا ينال حب واحترام أناس لم يسعفهم القدر ليجتمعوا بك فى مكان واحد، ولم يكن بينكم ما يجمع أصحاب المصالح والمكاسب الشخصية المتبادلة.
ومن الممكن أن تقع تحت الحصار الفكرى وتخضع لتهديدات القتل، وقد تفقد أحدا من أحبابك على يد الظلاميين، ولكن ليس من السهل أبدا أن تتعايش مع من يصافحونك وعلى أيديهم دماء شهداء الثورة وشهداء الفكر. أشياء كثيرة من الصعب أن تحققها بمفردك وخاصة إن كنت تعيش فى المنفى بعيدا عن وطنك الذى لم يدرك قيمتك العالية، بينما تجد أن هذا المنفى يعطيك قدرا وددت يوما أن تنال بعضه فى وطنك الذى كعادته لا يحفل بالأنبياء.
«سينو» وحده فعل هذا «واسينى الاعرج» هذا الروائى والأستاذ الجامعى فى السربون والحائز على أرفع الجوائز الأدبية حقق المعادلة الصعبة حافظ على إنسانه الطفل بداخله، فهو بيننا «سينو»، يضج بضحك طفولى عندما مازحته بأكثر الكلمات غرابة من الممكن أن يجعلها روائى على لسان بطلة رواية من أجمل أعماله «أنثى السراب» قائلة: يا «مهبول» هذه الكلمة التى تكررت مرارا فى روايته لتأخذ بعدا وجدانيا مفعما بالعشق هكذا هو واسينى، صادق القلم والقلب والكلمة، تجلى صدقه فى أعماله، فلم يتوار خلف شخصياته، بل كان بشخصه وفكره واسمه الصريح مشاركا البطولة مع شخوصه كان فى شرفات بحر الشمال وسيدة المقام وأنثى السراب كان بفكره الذى استوعب تجاور الحضارات لا صراعها، ليتجاوز عقد الماضى فى روايته الأخيرة التى حاز عنها جائزة زايد للآداب (كتاب الأمير: مسالك أبواب الحديد) هذا العمل الذى وكما أعاد به الأمير عبد القادر الجزائرى إلى الحياة كبطل من البشر، فقد أعاد به أيضا الأمل والحياة إلى الأطفال المرضى بالسرطان عندما تنازل عن حقوقه لصالح جمعيات الأطفال صرعى السرطان.
واسينى الأعرج الذى تخلى عن ريع عمل من أجمل وأكمل ما أبدع، رفض أن يتولى وزارة من الوزارات فى بلده حفاظا على مواقفه التى لم يقبل أن تخضع للتغيير أو للتدجين مثلما فعل غيره:«لا رغبة لى فى ممارسة السياسة المحضة. أما أصدقاء الطريق أراهم اليوم يركضون كى يقتنصوا حقائب وزارية أو أقل منها شأنا، غيّروا اتجاهاتهم كلّيا».
فضل «واسينى» أن يكون قلما وقلبا ينثر المعرفة جنبا إلى جنب مع الحب الذى تلمحه فى كل حديث حياتى أو رسالة قصيرة. وإن لم تكن قارئا لأعماله فلن تفوتك فرصة القرب من هذا القلب الذى رفض الخضوع للمرض متحديا النهاية التى كان قاب قوسين أو أدنى منها. قام «سينو» ليكتب خلوده مرات ومرات:« أوصلتنى التجربة مع الموت إلى حال من فقدان الوزن، و لم يعد يعنينى كثيرا الموت و لا أصبح يخيفنى هو مرحلة فقط، ما يخيفنى فعلا فيه هو أن يباغتنى وأنا بعد أريد أن أكتب أكثر، أريد أن أقول أشياء كثيرة قد يحرمنى من تلك اللذة وتلك الرغبة فى البوح».
«فعلا كانت السماء الممطرة بالنسبة إلى هى الكتابة، هى التى أنقذتنى، كنت فى سيدة المقام: أطلب من الله أن يبقينى حيا حتى أتمها، فكنت أتحرك فى المدينة مغيّرا الشوارع والأمكنة وعندما أتممتها، حمدت الله، وبدأت رواية أخرى هى: ذاكرة الماء «هكذا كانت الرغبة فى الحياة مرتبطة بالكتابة عندى و كل ما كتبته من التسعينات إلى اليوم هو رهان على الحياة.. حياة المدن».
وهكذا تعود واسينى فى أعماله على أن يتعاطى التاريخ، يخرجه متأدبا فى حلية روائية، يعيد إلى الأذهان ما تعودت على تجاهله. ليكون نسيج العمل الروائى لديه مزيجا من اللحظة التاريخية بتداعياتها السياسية والاجتماعية، مع لمسة ابداعية فنية يمزج فيها الحب بالثورة، والعنفوان بفساد مناضلين الغفلة الذين تكالبوا على نهش الوطن بعد أن تحرروا من عدوهم الخارجى، ليتخذوا من رفقاء الأمس أعداءً يصوبون نحوهم أسلحة غنموها من حرب التحرير قصص الحب كانت وسيلة «واسينى» الأثيرة لتمرير أفكاره وخبرته عن سنوات الكفاح المسلح مع الإشارة إلى الفساد الأخلاقى والإدارى فيما بعد.
تصالح واسينى مع نفسه ومع الحياة ومع المنفى على الرغم من تراث الوجع الذى كان إرثه الوحيد من وطن وقع تحت الاحتلال أكثر من مائة عام، وكان نصيب واسينى أبا شهيدا فى ثورة 1959، ثم وبعد التحرير كان إرثه أصدقاء حوكموا واخترقتهم رصاصات الظلم لأنهم من زمرة الذين يشتغلون بالكتابة. ومثلما لم يقو عليه المرض، لم يقو عليه الظلاميون الذين وضعوه على قائمة الاغتيالات فى بداية التسعينات مثل العديد من حملة منارة الثقافة والتنوير ويستمع واسينى بنفسه إلى خبر اغتياله فى الإذاعة ويراه منشورا فى الصحف، ليعلم أن الموت قد تخطاه إلى بريء آخر كان كل ذنبه مشابهته «واسينى الأعرج» فى الاسم: « واسينى الأحرش» ولربما بعض الملامح.
واسينى هذا المولود صباح عيد الأضحى حاملا الفرح ليحمل اسم «سيدى محمد الواسينى»، هو نفسه واسينى الانسان الذى لم ينزلق فى كبوة المثقفين عندما تنابزوا بالألقاب إثر مباراة كرة قدم قائلا: «إن مصر ليست عدوًا للجزائريين، ولا يوجد من بين ال80 مليون مصرى عدو واحد لنا «لا أدرى لماذا نربط العلاقات الثقافية بأزمة مصر والجزائر، والتى تسببت فيها الرياضة»، ومصر فى النهاية ليست عدواً لنا إنه موقفى الذى وقفته دائمًا منذ بداية الأزمة المصرية الجزائرية، وقد شتمت عليه، ولكنى لست مهتمًا فأنا مقتنع بموقفى، ولم أدخل فى أى مهاترة ضد الشقيقة الكبرى هذا هو «واسينى» الإنسان، أما «واسينى» الروائى والدكتور الجامعى فلا يخفى على أحد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.