وصف انسحاب القوات الأمريكية من العراق بأنه أكبر عملية لوجيستية منذ الحرب العالمية الثانية، حيث تم سحب أكثر من مليون قطعة من المعدات الحربية إلى واشنطنوأفغانستان فيما أعلن رئيس الوزراء نورى المالكى المنتهية ولايته استعادة العراق لاستقلاله واكتفى نائب الرئيس الأمريكى «جوزيف بايدن» بالقول إن العراقيين سيكونون على مايرام بعد سحب قواتنا المقاتلة من بلادهم، ولم يُعرف بعد ما إذا كانت الكتل العراقية سوف تتفق قريبا على تشكيل الحكومة العراقية خاصة فى ظل تمسك المالكى برئاسة الحكومة وهو الأمر الذى يهدد فى حال استمراره بتوتر الوضع فى العراق. انتهت القوات الأمريكية العاملة فى العراق من شحن 2.2 مليون قطعة عتاد من بينها آلاف الدبابات وحاملات جند مصفحة وشاحنات وهو ما يعد إنهاء لأكبر عملية لوجيستية منذ الحرب العالمية الثانية وقد تم شحن المعدات إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية باستثناء ثلاثة آلاف طن من الذخيرة إلى أفغانستان، وقد جاءت هذه الخطوة قبل إعلان الرئيس الأمريكى باراك أوباما انتهاء العمليات القتالية فى العراق، كما أكد أن مستوى العنف تراجع تدريجيا وأن القوات الأمنية العراقية تقوم بعملها جيداً أو حتى أفضل مما كنا نتوقع، واعتبر أوباما أن العراقيين يشهدون صعوبات سياسية طبيعية فى ديمقراطية ناشئة لكنه عبّر عن تفاؤله عكس ما عبّر عنه كبير الأعضاء الجمهوريين فى مجلس الشيوخ الأمريكى السيناتور «ريتشارد لوغار» عندما وصف قرار أوباما بسحب القوات بأنه خاطئ. وبين ما تشهده الساحة العراقية من تفاؤل وتشاؤم بشأن تحسن الأوضاع الأمنية والسياسية مازال الموقف يراوح مكانه فى دائرة الغموض فيما يتعلق بتشكيل الحكومة العراقية، وترصد بعض الشخصيات الأمريكية المراقبة للوضع فى العراق شهرين آخرين لتشكيل الحكومة ولكنهم حذروا من الحاجة إلى فترة أطول تؤدى فى نهاية الأمر إلى جمود سياسى يفضى بدوره إلى المطالبة بإجراء انتخابات جديدة للخروج من المأزق الراهن. فيما تشير المصادر العراقية إلى أن المفاوضات بين القادة السياسيين والكتل العراقية قطعت شوطاً كبيراً، وأن الأمر ربما يتطلب مهلة من أربعة إلى ثمانية أسابيع على أقل تقدير، وتضيف المصادر أما إذا تجاوزت الأزمة لما بعد شهر أكتوبر المقبل فإن ذلك يعنى الدعوة لإجراء انتخابات أخرى وهو ما يهدد بانفجار الوضع السياسى فى العراق. وفى المقابل أوضح رئيس الوزراء نورى المالكى أن عراق ما بعد الاحتلال سيكون عراقاً فند سياسة المحاور فى إشارة إلى اعتبار نهاية العمليات العسكرية وإعلان الرئيس أوباما عن ذلك بأنه استعادة العراق لاستقلاله، وقال المالكى إن قوات الجيش والأمن العراقية قادرة على حفظ الأمن وأن القوات الأمريكية الباقية وقوامها خمسون ألف عسكرى ستكون مهامها استشارية على أن يتم الانسحاب النهائى عام 2011. وقد شهدت شوارع بغداد انتشارا واسعا لقوات الجيش والشرطة العراقية والأجهزة الأمنية قبل يوم واحد من انتهاء انسحاب القوات الأمريكية من العراق فى إطار الاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين وتأتى عملية الانتشار الأمنى تحسباً لوقوع عمليات داخلية تستهدف مناطق مدنية وأمنية خلال انسحاب القوات الأمريكية، فيما أشارت مصادر أمنية إلى أن الأوامر قد صدرت بإعادة فتح جميع الشوارع الرئيسية والفرعية فى بغداد مع إجراء التحصينات للمواقع الحساسة ومؤسسات الدولة والوزارات مع الإبقاء على إغلاق المنطقة الخضراء لبعض الوقت، وعلى الرغم من صعوبة الوضع السياسى والأمنى فى العراق إلا أن واشنطن تعهدت خلال زيارة نائب الرئيس الأمريكى بايدن للعراق منذ أيام بدعم ومساندة الشعب العراقى والإشراف على برامج إعادة الإعمار. وفى اتجاه ذى صلة تحاول عدد من الدول العربية والجامعة العربية التقريب فى وجهات النظر بين الكتل العراقية للإسراع فى تشكيل الحكومة العراقية ومن المتوقع أن تتضح هذه الوساطات مع منتصف الشهر المقبل عندما يطلب العراق خلال اجتماعات وزراء الخارجية العرب تمسكه بعقد القمة العربية فى العراق.