وزيرة التضامن الاجتماعي: الخط الساخن استقبل 225 ألف اتصالاً خلال شهر    رئيس الوزراء يتفقد مشروعات خدمية بمحافظة المنيا    الموارد المائية: إزالة 87 ألف حالة تعد على مجرى نهر النيل    الزراعة: 6.9 مليون طن صادرات مصر الزراعية بحوالي 4.04 مليار دولار    عبدالحليم قنديل يكتب: لا يأس مع المقاومة    استشهاد شخصين في غارة إسرائيلية على سيارة شمال بيروت    انطلاق رشقة من الصواريخ من لبنان باتجاه إسرائيل    وزير مفوض: رسائل مهمة من كلمة الرئيس السيسي خلال منتدى أعمال تجمع البريكس    اليوم| المؤتمر الصحفي لمباراة الأهلي وسيراميكا بالسوبر المصري    موعد مباراة يوفنتوس ضد لاتسيو في الدوري الإيطالي والقنوات الناقلة    جدول مباريات اليوم.. الأهلي لحسم اللقب والزمالك من أجل برونزية اليد في أفريقيا.. ومرموش للصدارة    قبل إجراء القرعة.. كل ما تريد معرفته عن نظام الدوري المصري الجديد لموسم 2024-2025    السوبر المصري| اليوم .. مؤتمر صحفي حول مباراة الأهلي وسيراميكا    رفع 43 سيارة متهالكة ودراجة نارية من الشوارع خلال 24 ساعة    اليوم.. الحكم على إمام عاشور في واقعة التعدي على فرد أمن داخل مول تجارى    استئناف سائق أوبر المتهم بمحاولة خطف «فتاة التجمع» على حكم حبسه | اليوم    منة عدلي القيعي تحتفل بخطوبتها على يوسف حشيش    14 عبادة مهجورة تجلب السعادة .. عالم أزهري يكشف عنها    محافظ أسيوط يتفقد مبادرتي «بداية» و«الكشف المبكر عن الالتهاب الكبدي»    بالصور- إقبال على حملة "انطلق" لقياس الذكاء وتقييم مهارات الأطفال بجنوب سيناء    بشرة خير.. 5548 فرصة عمل جديدة فى 84 شركة ب11 محافظة    إعلام عبرى: انفجار الطائرة المسيرة بمنزل نتنياهو فى قيسارية أحدث دويا كبيرا    مركز سقارة ينظم دورة للعاملين بالمحليات عن دورة "الخريطة الاستثمارية لمصر "غدا    التصرف الشرعي لمسافر أدرك صلاة الجماعة خلف إمام يصلي 4 ركعات    جامعة الأقصر تنظم ندوة تثقيفية عن انتصارات أكتوبر    غدا النواب يناقش إنشاء المجلس الوطني للتعليم والبحث والابتكار    4 آلاف من أطباء الزمالة المصرية سجلوا لحضور النسخة الثانية من المؤتمر العالمي «PHDC'24»    حبس المتهم بقتل شقيقته في الحوامدية لرفضها العودة لطليقها    «8 زلازال في 20 يومًا».. عباس شراقي يكشف أسباب الزلزال المتكررة في إثيوبيا وخطورتها    تركيز من اللاعبين.. الزمالك يعلن الطوارئ لمواصلة إسعاد الجماهير في السوبر المصري    المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف شمال إسرائيل بالطيران المسير    على مدار يومين.. الصحة تطلق اليوم 10 قوافل طبية بالمحافظات    اليوم.. محاكمة إسلام بحيري لاتهامه بصرف شيك دون رصيد    الشيخ أحمد كريمة يوجه رسالة لمطرب المهرجانات عمر كمال    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 19 أكتوبر 2024    الجيش الملكي يعتلي صدارة الدوري المغربي مؤقتًا    أول تعليق لصاحب جواز سفر عُثر عليه بجوار يحيى السنوار بعد اغتياله.. ماذا قال؟    حالة الطقس من اليوم حتى الأربعاء 23 أكتوبر.. الأرصاد تكشف عن مفاجآت غير متوقعة    أسعار الذهب في مصر تقفز لأعلى مستوى منذ فبراير    فرنسا تحث على دعوة أوكرانيا للانضمام إلى حلف "الناتو" فورا    المخرج عمرو سلامة لمتسابقة «كاستنج»: مبسوط بكِ    رغم اعتراض ترامب.. قاضية تُفرج عن وثائق فى قضية انتخابات 2020    لا داعي للأدوية.. وصفات طبيعية كالسحر تخلصك من الإمساك في 30 دقيقة    تجمع «بريكس» يدعم إنشاء تحالف للطاقة النووية    بسبب الأجرة.. ضبط سائق تاكسي استولى على هاتف سيدة في القاهرة (تفاصيل)    «معندهوش رحمة».. عمرو أديب: جزء من القطاع الخاص لا يطبق الحد الأدنى للأجور    التقديم في سند محمد بن سلمان بالسعودية 1446    برج القوس حظك اليوم السبت 19 أكتوبر 2024.. حافظ على صحتك    ضبط مسجل خطر بحوزته 10.2 كيلو حشيش بالشروق    اللواء نصر موسى يحكي تفاصيل ساعة الصفر في حرب أكتوبر    كيف تطور عمر مرموش مع آينتراخت فرانكفورت؟.. المدير الرياضي للنادي الألماني يوضح    أفضل 7 أدعية قبل النوم.. تغفر ذنوبك وتحميك من كل شر    ليلة لا تُنسى.. ياسين التهامي يقدم وصلة إنشادية مبهرة في مولد السيد البدوي -فيديو وصور    حضور كبير في حفل تامر عاشور بمهرجان الموسيقى العربية.. كامل العدد    تامر عاشور ومدحت صالح.. تفاصيل الليلة الثامنة من فعاليات مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    منتج عمر أفندى يكشف حقيقة وجود جزء ثان من المسلسل    المخرجة شيرين عادل: مسلسل تيتا زوزو مكتوب بمصداقية ويناقش مشكلات حقيقية    عالم أزهري: الإسلام تصدى لظاهرة التنمر في الكتاب والسنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شخوص تتجاور في خطوط واضحة وحالات غامضة
نشر في نقطة ضوء يوم 04 - 08 - 2017

للمرة الثانية يعرض التشكيلي السوري غيلان الصفدي المولود سنة 1977 في مدينة سويداء، بصالة “آرت لاب” البيروتية آثاره الفنية الجديدة تحت عنوان “على العرض أن يستمر”، معبرا فيها بطريقته الخاصة عن أن الفن وسيلة فتاكة للتعبير، مهما كان هذا التعبير قاسيا، أو لا يلاقي استحسان البعض من الجمهور، أو لا ينسجم مع رغبتهم في رؤية نص فني مزركش بالورود ومُحصن بالنوايا الطيبة/الزائفة.
لن يكون من المبالغة البتّة العثور على مقاربة هائلة ما بين ما قدم الفنان السوري الموهوب غيلان الصفدي من أعمال فنية تحت العنوان الذي اختاره لمعرضه الجديد، وعنوان وكلمات وأجواء الأغنية الكلاسيكية في آخر ألبوم لفرقة “كوين” الإنكليزية الشهيرة، “على العرض أن يستمر”.
وعلى الرغم من اختلاف مناسبة النصين الفنيين، كلاهما يتكلمان عن الألم والإحساس بطيف الموت المُخيم بثقله على كافة مرافق الوجود مع حضور شرس للرغبة في الحياة.
ولئن كانت أغنية “الكوينز” مستوحاة من المرض القاتل الذي كان يفتك بجسد المغني الأساسي في الفرقة فريد مركوري، الذي استطاع أن يؤدي الأغنية حتى وهو على شفير الموت، فإن الفنان التشكيلي السوري استقى معالم ومفردات جميع أعماله المعروضة من الألم البشري، وبالأخص الحرب على سوريا، ومن حتمية “الأسود” وسلطته على جميع مرافق الحياة، حتى تلك المضيئة منها.
وفي حين تتكلم الأغنية عن الأقنعة المُجملة، وبراعة التمثيل الإيمائي، وما يجري أمام ومن وراء ستارة المسرح الوجودي، يقدم غيلان الصفدي أعمالا تنضح بالمهزلة الوجودية، لا سيما تلك التي أنتجتها الحرب من أحوال نفسية واجتماعية، وذلك من خلال شخوص رصّهم الفنان مع بعضهم البعض في رسومات واضحة الخطوط وغامضة الخفايا، وهم في أوج غربتهم عن بعضهم البعض.
ويقدم الفنان مشاهد العزلة والبرودة الشبحية في لوحات وكأنها مقتطعات من شريط مصوّر مأخوذ بالسرد أولا، ولا يجيء الجانب الفني والجمالي من الأعمال إلاّ لخدمة الأفكار المطروحة عبر شخصيات تمثل كل واحدة منها حالة مصدعة ما أو لها وجه شبيه بوجه الفنان، كما تحضر في اللوحات صور لشخصيات معروفة كشخصية “دون كيشوت”.
وتبرز في المعرض لوحة أراد فيها الفنان مقاربة لوحة شهيرة للفنان الروسي شاغال، ولكن من خلال منطق آخر تحول فيه الحلم في لوحة شاغال الأصلية إلى كابوس “أصيل” في لوحته، كما يعم تأثر الفنان بالنزعة الفنية التعبيرية السوداوية للفنان الألماني أوتو ديكس، ولكن بأسلوبه الخاص ومفرداته المستقاة من محيطه العربي والسوري بشكل خاص.
يقدم غيلان الصفدي معرضه هذا بكلمات تبعد أي التباس عن المغزى الذي أراد إيصاله للناظر إلى أعماله، يقول “في هذا الزمن الذي نعيش فيه، حيث تسيطر الحروب والعنصرية والدمار، وبالرغم من جوّ العزلة والوحدة التي نغرق فيها أكثر فأكثر، فنحن أبطال وسنظل كذلك على خشبة المسرح لتقديم مسرحية اسمها الحياة.. الممثلون الذين يتزاحمون في لوحاتي هم قادمون من ماض يخصني ومن مستقبل يعنيني، شخصيات قد أكون تعرفت عليها من خلف الستارة أو تحت أضواء العرض.. أحلامهم وكوابيسهم تدفقت في اللوحات لتمثلهم في المسرحة الكرنفالية القاتمة، أنتم (المشاهدون) فيها أيضا، في النهاية مهما كانت فداحة الأمر.. على العرض أن يستمر”.
وما يميز أعمال الفنان السوري هو أنها خلافا للعديد من الأعمال لفنانين آخرين لا تأخذ على عاتقها “فضح” حالات التردي خلال وبعد اندلاع الحرب السورية، وهي أيضا ليست بصدد الإشارة إلى اهتراء القيم بشكل عام وعلى مستوى الإنسانية جمعاء.
ويبدو أن ما أراد إظهاره هو إعادة عرض ما يُعرض أصلا على ساحة الوجود على أنه معلوم لدى الكل وليس بحاجة إلى من يلفت النظر إليه، وربما هنا يكمن صلب المأساة، وقد برع الفنان في التعبير عن ذلك عبر تقشف لوني مقتصر على الأسود والأبيض والرمادي.
والصفدي باستخدامه لتلك الألوان، إن جاز اعتبارها ألوانا، أخرج هول المأساة من محدودية الزمن والجغرافيا، إنها صور لكل مكان وكل زمان، وهي تذكرنا كثيرا بالصور الفوتوغرافية بالأسود والأبيض التي التقطها صحافيون سابقون كثر عن الحروب وآثارها، فكيفما نظرت إليها “الآن”، تجدها خارجة عن سلطة الزمن، تقف شاخصة بعين المُشاهد متحدية القابلية للذوبان في خرافة ارتأت تقسيم الوجود إلى ثلاثة أقسام متتالية: الماضي والحاضر والمستقبل.
وليس هذا فحسب، يكمن تميّز آخر في أعمال الصفدي، فمعارضه السابقة التي اعتمد فيها على استخدام كل الألوان لا سيما الألوان الحارة، لم تكن خارج الجوّ الإنساني المأزوم بالرغم من أنها أعمال أنتجت قبل الحرب السورية، ويكفي تذكر تلك النظرات الجاحظة في عدم “طفولي”، وتحملها أجسادا تختنق بألوانها، أما في هذا المعرض، حيث انكفأت الألوان بعيدا جدا بدت أعمال الفنان أكثر هدوءا وقبولا للجرح الذي يبدو أن نزيفه تأجل حتى جاءت الحرب السورية لتشرعنه وتضيف إليه أبعادا جارحة أخرى.
هكذا هو الوجود الآن في زمن انعدمت فيه أصول الرحمة، وبات من الضروري التكيف مع “انعدامها” كي تستمر الحياة بأي شكل من الأشكال، لعلها تعود بهيئات مختلفة، بلون أو من دون لون شريطة أن تعشعش فيها عصافير تُدمع من شدة الضحك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.