شهد بيت السناري الأثري (بيت العلوم والثقافة والفنون بحي السيدة زينب، والتابع لمكتبة الإسكندرية) لقاء حواريا عن حالة الواقع الثقافي المصري تحت عنوان "تساؤلات حول الحراك الثقافي" وذلك في إطار برنامج "دعم التنوع الثقافي والابتكار في مصر"، وهو مشروع مشترك بين مكتبة الإسكندرية والاتحاد الأوروبي تم تطويره بهدف تنمية الجانب الثقافي في مصر. ويكتسب الحدث أهميته من كونه الأول ضمن سلسلة من ورش العمل المعدة خصيصًا لمناقشة وصياغة مسودة لسياسة ثقافية وطنية لمصر، وتقديمها إلى السلطات المعنية لطرحها للمناقشة والاعتماد. فمع اقتراب نهاية برنامج "دعم التنوع الثقافي والابتكار في مصر"، تأتي مرحلة إعداد مسودة سياسة ثقافية لمصر كإحدى الأهداف والنتائج الهامة التي أثمرت عن مشروع "النقاشات الثقافية" المندرج تحت البرنامج، والذي يختص ببحث السبل لتحسين القطاع الثقافي في مصر. حضر اللقاء عدد كبير من المثقفين والشخصيات العامة، وقام الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية، والدكتور خالد عزب، رئيس قطاع الخدمات و المشروعات بمكتبة الإسكندرية، بإلقاء الكلمة الافتتاحية، والترحيب بالسادة الحضور. تلى ذلك كلمة للدكتور إسماعيل سراج الدين تحدث خلالها عن حالة الواقع الثقافي المصري، والأحداث والتغيرات التي مرت، وتمر بها مصر والمنطقة، وأثر هذه التغيرات والأحداث على الحالة الثقافية في مصر. وقد قال الدكتور سراج الدين "أن الكوارث والأحداث التي مرت بها أوروبا في فترة الحربين العالميتين، والانهيار السياسي، كُل ذلك قد أدى إلى حدوث انطلاقة جديدة للحركات الشبابية والثقافية والفكرية خلال مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، والذي أدى بدوره إلى حدوث طفرة كبيرة." وأضاف سراج الدين "أن ثورات الربيع العربي، والانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، يمكن ان تكون بداية الانطلاقة لتفعيل عملية الإنتاج الثقافي، والبحث عن وسائل إضافية تسمح بالتفاعل مع الإنتاج الثقافي مجتمعياً." وقام الدكتور إسماعيل سراج الدين بدعوة الحضور إلى حضور مؤتمر "مستقبل الكتابة" والذي سيعقد بمكتبة الإسكندرية في نوفمبر/تشرين الثاني 2015. كما تحدث الدكتور حسام لطفي، أستاذ ورئيس قسم القانون المدني بجامعة بني سويف، عن الأطر التشريعية والقانونية والمعاهدات والمواثيق الدولية التي تحمي حقوق الملكية الفكرية، وأضاف أن الطفرة المعرفية التي حدثت نتيجة عدم الاحتياج إلى دور نشر، واللجوء إلى الانترنت لنشر المنتج الثقافي، أدى إلى إحداث مشكلة وهي عدم معرفة صاحب المنتج الثقافي، مما يهدد حقوق الملكية الفكرية. تلى ذلك مداخلة للدكتور محمود الضبع، تحدث خلالها عن الحالة الأدبية والكتابة الثقافية في مصر، وأن المشهد الثقافي الأدبي منذ السبعينيات يعاني حالة من الإهلاك الشديد، وأن القضايا والمشكلات التي نتحدث عنها الآن في مصر هي نفس القضايا التي تحدث عنها طه حسين في كتاباته. وأوضح ان المشهد الأدبي في مصر منذ نهاية السبعينات وحتى 2010، قد شهد ظهور ما يقرب 52 جماعة أدبية وثقافية، وأدى ظهورها إلى تعظم الدور الذي تلعبه دور النشر بسبب انسحاب وزارة الثقافة من المشهد الثقافي المصري. وتحدث الدكتور خالد الخميسي، عن المشاكل التي تواجه الحركة الثقافية في مصر، وأن أكبر هذه المشكلات هو عدم وجود تسجيلات أو إحصاءات للإنتاج الثقافي المصري، وعدد مقدميه، وأماكن تواجده، والفئات التي تُقبل عليه، كذلك عدم وجود دورة مالية ثقافية في مصر. وأن الحل يكمن في ثلاث نقاط: إدراك الناحية الرقمية للواقع الثقافي المصري، إعادة الدورة المالية الثقافية وأن هذا لن يأتي إلا من خلال تمويلات الأفراد وليس المؤسسات، وأخيراً كسر هيمنة الدولة والمؤسسات الرسمية والأمنية على الانتاج الثقافي في مصر. بينما قال الدكتور عمار علي حسن، أن أهمية الرأسمال الثقافي تكمن في قدرته على إيجاد تيار مدني قوي يواجه حالة التطرف الديني، وأن التعليم هو بداية عملية الإصلاح الثقافي في مصر، وأن الثورة المصرية أحدثت تغييراً غير مرئي إلا للعين الخبيرة، وأن هذا التغيير سيتم جني ثماره في المستقبل بما في ذلك آثاره الثقافية. وعلى الجانب الآخر أوضح الدكتور ماجد موريس، أن الأيام الأخيرة قد أفرزت عدة تيارات ثقافية داخل المجتمع المصري، وأن التعليم قد أفرز عدة ثقافات موازية بسبب اختلاف المؤسسات التعليمية ما بين عامة، وخاصة، ودولية، وأزهرية. وأشار إلى أن هناك عدة منظومات ثقافية ولا يمكن وضع الشباب المصري في إطار واحد، كما أكد على أهمية الثقافة كعنصر من عناصر تحقيق الديمقراطية وبناء دولة مدنية حديثة. واختتم سراج الدين اللقاء بكلمة عبر خلالها عن امتنانه وشكره للحضور، وأكد علي أن مثل هذه الانشطة الحوارية هي بداية جادة لتطوير الوضع الثقافي في مصر وأهمية الدور الذي تلعبه مختلف الأطراف المعنية.