لم يكن غريباً أن يطلق النواب في مجلس الشعب علي زميلهم الدكتور بدر حلمي لقب نائب الوحدة الوطنية لأن هذا اللقب لم يأت علي سبيل المجاملة أو المصادفة، فهو يتمتع بثقافة إسلامية رفيعة اكتسبها من خلال صداقاته لعدد كبير جداً من المسلمين علي مدار سنوات طويلة، كما أنه قام بالحصول علي مبالغ مالية كبيرة من خلال علاقاته بالوزراء وكبار المسئولين لدعم بناء وترميم المساجد والكنائس في محافظة المنيا ورغم كونه نائباً معيناً إلا أنه قام بافتتاح مكتب خاص لخدمة المواطنين ويقدم خدماته للمسلمين والأقباط علي حد سواء. لكل هذا جاء حوارنا مع د. بدر حلمي شاملاً وواقعياً وتناول عددا من القضايا الشائكة التي يخشي الكثيرون من مجرد الاقتراب منها. بوصفك نائباً للوحدة الوطنية كما يطلق عليك.. لماذا ترد علي من يرددون بأن هناك فتنة طائفية بين المسلمين والأقباط علي أرض مصر؟! النسيج المصري له طبيعة خاصة ومن الصعب جداً إحداث أي فتنة بين المسلمين والأقباط فيها نظراً للتنشئة والتكوين وكل من يأتي لمصر من السائحين أو المسئولين الأجانب يؤكدون أنهم لا يستطيعون التفرقة بين مسلم ومسيحي إلا عند دخول أحدهما إلي المسجد والآخر للكنيسة.. وأحب أن أؤكد علي ان الفتنة الطائفية نغمة دخيلة علينا وقد كانت حوادث الاعتداء علي دور العبادة في الصعيد اختباراً حقيقياً لقوة هذا النسيج الوطني وقد كنت أحد المسارعين للمشاركة مع إخواني المسلمين في التصدي لهذه الهجمات الإرهابية التي استهدفت نشر الفوضي علي أرض مصر. إلي أي مدي ترتبط عملية الترشيح لأي انتخابات بديانة المرشح؟!! وهل يضع المرشح القبطي هذا الأمر في اعتباره قبل اتخاذ قرار بخوض الانتخابات؟!! لابد أن يكون لكل شخص سواء كان مسلماً أو قبطياً ويريد أن يرشح نفسه في أي انتخابات باع طويل في العمل السياسي وتكون له بصمة سياسية وهي غير البصمة الاجتماعية، فليس ببناء الجوامع والكنائس ينجح المرشح ولكن بالعمل العام والالتحام مع القاعدة الجماهيرية لسنوات طويلة لأن العمل العام هو الذي يجعل الناخب يستشعر من هو الأصلح والمثل الصعيدي عندنا يقول: (العين تبكي علي النافعة بس).. وأنا في حياتي السياسية والنقابية لم أشعر بعامل الدين في نجاحي ورئاستي للجنة الصحية بمجلس محلي محافظة المنيا ثم نقيباً للصيادلة فيها وهنا أؤكد علي حقيقة أن الأوطان قبل الأديان بمعني أننا كلنا مصريون وأن مصر أولاً وثانياً وأننا كلنا نسيج واحد وأن لاعبرة في أي وظيفة سوي بالكفاءة فقط وهنا نشيد بقرار الرئيس مبارك بجعل يوم السابع من يناير عيداً وطنياً لكل المصريين واعتباره أجازة رسمية كل عام. يردد البعض أن هناك قرارا يحظر بناء أو تجديد الكنائس في مصر؟! بكل صراحة أقول أن أكبر كمية كنائس بنيت في مصر كانت في عهد الرئيس حسني مبارك وهذه الكنائس وبيوت العبادة حينما تبني فإنها تدل علي مدي سماحة الدين الإسلامي الذي هو دين الوسط وإذا كانت هناك حالات رفض لبناء الكنائس فهي حوادث فردية نتيجة اختلاف الثقافات والشخصية والتكوين الاجتماعي والبيئي للموظف الذي تذهب إليه المجموعة الراغبة في ذلك ولا توجد قرارات أو تعليمات خاصة بهذا الشأن. هل يوجد حظر علي تولي الأقباط للمناصب العليا في الدولة؟! بالعكس، فالأقباط موجودون في أعلي المناصب سواء بالانتخاب أو التعيين وكل من يبذل الجهد ويشارك في العمل العام وخدمة الوطن سيجد الفرص متاحة أمامه. وماذا عن ادعاءات أقباط المهجر بوجود فتنة طائفية في مصر؟! حينما نريد التعرف علي تصرفات بعض أقباط المهجر فلابد أن نقيسها بالمناخ الذي يعيشون فيه فهناك قد نسمع مانخجل منه في مصر لأن هناك مناخاً (انفلاتياً) فيجعلون من الأبناء الصغيرة قضايا كبيرة علي غير الحقيقة وللأسف فإن كل معلوماتهم مبنية علي القصص والروايات وليست نقلاً عن شهود عيان وإن كان هؤلاء يطالبون بإلغاء (الخط الهمايوني) فشكلا أنا معهم في إلغائه ولكن عملياً حينما ننظر للواقع نجد أنه فعلاً قد ألغي بقرار من الرئيس مبارك بتحويل بناء الكنائس إلي المحافظين فأصبح هذا الخط الهمايوني عملياً لا وجود له، وأصبحت المطالبة بإلغائه نوعاً من المزايدة السياسية غير مرغوب فيها. وما تقييمك للدور الوطني للأقباط علي الساحة السياسية في مصر؟! الأقباط منذ قديم الأزل وحتي الآن وطنيون وهذه حقيقة لا شك فيها وللعلم فإن وطنيتهم لسيت مقصورة علي مصر فقط بل يمتد أثرها إلي الأمة العربية كلها ونحن أقباط مصريون ندين بالمسيحية لكن ثقافتنا الاجتماعية اسلامية اكتسبناها من المجتمع الذي نعيش فيه، ودليل وطنيتنا أننا نسيج واحد ولذلك رفضنا الذهاب للقدس إلا عند تحررها جنباً إلي جنب مع إخواننا المسلمين وهذا يدل علي أن الدين ليس له علاقة بالوطنية. بصفتك أحد كبار الصيادلة في مصر.. كيف تتصدون لمافيا الشركات الأجنبية التي تريد احتكار الصناعة وضرب الشركات الوطنية ورفع الأسعار مما يثقل كاهل البسطاء من محدودي الدخل؟! يشرفني أن أكون أحد الذين يطاردون مافيا شركات الدواء الكبري التي تحاول رفع أسعار الدواء وقد نجحت خلال الدورة البرلمانية الحالية في أن أوقف ماكانت تسعي إليه هذه المافيا من نقل مهمة تسعير الدواء من وزارة الصحة وإسنادها إلي مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار وهذا الأمر لو تم لكانت له تداعيات خطيرة وآثار سلبية كبيرة علي سوق الدواء في مصر وبذلك نجحنا في الحفاظ علي التوازن بين الكسب المعقول لشركات الدواء ووصوله للمرضي بأسعار معقولة لا تثقل كاهل البسطاء. مستقبل صناعة وأسعار الدواء داخل مصر بعد بدء تطبيق اتفاقية الجات في بداية العام المقبل؟! الجات منظومة عالمية ومصر كدولة اشتركت فيها وأؤكد أن الصراخ والعويل علي الجات وآثارها ليست بهذه الخطورة التي يتصورها الكثيرون لأن الزيادة في أسعار الدواء بعد الجات لن تكون إلا في أسعار الأدوية الجديدة فقط، وهذا يعني أن هناك (7000) صنف دواء لن تزيد أسعارها وهو عدد الأدوية الموجودة في مصر رغم أن منظمة الصحة العالمية لا يوجد بها سوي 435 صنفاً مسجلاً فقط كما أن اتفاقية الجات فيها بنود أخري مهمة أبرزها أنه في حالة وجود الأوبئة في أي دولة فمن حق السلطات بها وضع تسعيرة جبرية للدواء. ماذا عن تقييمك لمساحة الحرية التي يتمتع بها النواب تحت القبة وهل هي مقصورة علي نواب المعارضة والمستقلين دون غيرهم من نواب الأغلبية؟! كل النواب تحت القبة سواء كانوا أغلبية أو معارضة أو مستقلون يتحدثون بحرية كاملة داخل قاعة المجلس واللافت للنظر أن المعارضة للحكومة أصبحت تأتي من داخل الحزب الوطني ممثلاً في نوابه ولعل أكبر الأدلة علي ذلك الدكتور زكريا عزمي صاحب الأداء البرلماني الرفيع وناظر مدرسة المعارضة الوطنية الحقيقية.