يسرع السودان الخطي صوب انفصال قاسٍ لكن الشبان يمثلون بارقة أمل لانهاء الدائرة المميتة للحرب الاهلية والقبلية التي عانت منها لعقود أكبر دولة افريقية من حيث المساحة. ولم يعش السودان في ظل الديمقراطية سوي سنوات قليلة منذ استقلاله عن بريطانيا عام 1956 وعاني المجتمع المدني من وطأة الحكومات الشمولية المتعاقبة. وأتاح اتفاق السلام بين الشمال والجنوب عام 2005 مساحة محدودة من الديمقراطية ونص علي اجراء استفتاء في 2011 حول استقلال الجنوب الذي تعتقد الاغلبية أنه سينفصل ولن يمتثل لجهود الشمال الحثيثة لاعاقة التصويت سعياً للاحتفاظ بالموارد النفطية للجنوب. لكن رغم استمرار حكومتي الشمال والجنوب في دق طبول الحرب بالخطابة العدوانية توحدت جهود الشبان في السودان في أول تحرك من نوعه عبر الحدود لتوجيه رسالة مفادها أنهم لن يصبحوا جنود مشاة في أي صراع جديد. وقال اديسون جوزيف وهو من مواطني الجنوب ويعيش في الخرطوم "الشبان هم أول من يتم استدعاؤهم خلال الحرب وسيكونون أول من يدفع الثمن... رسالتنا بسيطة وهي أننا لن نقاتل". واجتمعت في الخرطوم أكثر من 22 منظمة شبابية من جميع أنحاء السودان من الشمال والجنوب والشرق واقليم دارفور في الغرب واتفقت علي برنامج مشترك للعمل من أجل السلام والتعايش بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء المقرر الأحد المقبل .وأكدت المنظمات التزامها أيضا بالعودة الي المناطق الخاصة بها لنشر الرسالة. وتتباين اراء أعضاء المنظمات بشأن ما يريدونه من الاستفتاء. فهناك مجموعة "شباب من أجل الانفصال" كما توجد مجموعات أخري تنادي بالوحدة. لكن الشبان في هذه المجموعات يضربون مثلاً يحتذي به أمام القادة المتنافسين الاكبر منهم سناً في الحزبين الحاكمين في الشمال والجنوب فهم يتجاهلون الاختلافات بينهم ويعملون معاً لتحقيق هدف واحد هو تجنب الحرب. وقالت وداد درويش من مركز ثقافي للشبان في شمال السودان ان هناك من يؤيد الانفصال وهناك من يؤيد الوحدة لكن الجميع متفق علي الرغبة في أن يكون الاستفتاء حراً ونزيهاً وسلمياً وأضافت "سنحترم خيار شعب جنوب السودان أياً كان". ويريد النشطاء الشبان أيضا استئصال مشكلة وصفوها بأنها واحدة من كبري المشكلات في السودان وهي العنصرية. ويقع السودان بين دول عربية في شمال افريقيا ودول جنوب الصحراء ذات الاغلبية السوداء. واعتبرت الحرب الأهلية بين شمال السودان وجنوبه بدرجة كبيرة نموذجاً مصغراً لهذا الانقسام في القارة الافريقية. كما تعد القبلية من كبري المشكلات في السودان وتسببت في احداث انقسام في البلاد لقرون تعود لعصر تجارة العبيد. وقد تسمع كلمة "عبد" حتي الآن في مجتمع الخرطوم للاشارة في أغلب الاحيان الي قبائل افريقية في الجنوب ودارفور وهو ما شجع الكثير من مواطني الجنوب علي الانفصال. وقالت وداد درويش ان اجتماع المنظمات الشبابية هو بداية. وأضافت "مجرد جلوسنا حول هذه الطاولة هو بداية". وذكر الشبان والشابات الذين يمثلون جماعات مختلفة من كل أنحاء السودان انهم لا يثقون بالكامل في زعمائهم عندما يقولون ان البلاد لن تنجرف مجدداً الي الحرب لذا فانهم قرروا التحرك بأنفسهم في إطار إحياء دور المجتمع المدني الذي يعود الي اتفاق سلام عام 2005. وقالت وفاء أحمد من منطقة كردفان بغرب السودان ان الحكومة والاحزاب السياسية كلها من الجيل نفسه وهو الجيل الاكبر سناً أما الشبان فليس لهم دور وأضافت أنهم مهمشون وأن هذا المنتدي منحهم صوتاً. وتلقي المنتدي مساعدات وأموالاً من السودانيين في الشتات ومن مجموعات أخري في المجتمع المدني.