مع اقتراب موعد انتخابات التجديد النصفي في الولاياتالمتحدة، نجحت إدارة أوباما أن تصور عملية سلام الشرق الأوسط علي أنها متماسكة، لكن هذا التماسك يعني قوة دافعة وهذا ما تفتقر إليه المفاوضات الحالية بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وبدلا من ذلك توقف جهد الإدارة فجأة عند أول عقبة: مأزق استمرار إسرائيل في بناء المستوطنات التي يقول الفلسطينيون إنها تمنعهم من العودة لطاولة المفاوضات. وهذا الموقف يقدم دليلا آخر علي اتساع الثغرة بين الجانبين بحيث يتعذر سدها بمجرد التباحث. ووسط هذا الإحباط المتزايد بدأ الزعماء الفلسطينيون يقولون للعالم إنهم يدرسون إحالة المسألة إلي مجلس الأمن، فيما بدت الولاياتالمتحدة عاجزة علي تحقيق تقدم فعلي وكأنها تتلاعب بمستقبل السلام من أجل مكاسب انتخابية.. وقالت مجلة تايم الأمريكية إن القيادة الفلسطينية تعتقد أن الحكومة الإسرائيلية الحالية لم تعط أي إشارة بأنها ستقدم ما يمكن أن يعتبره الفلسطينيون اتفاق سلام ذا مصداقية بدون ضغط من واشنطن. وزاد سخطهم دور الوساطة الأمريكية المنحازة دائما -لأسباب سياسية داخلية- لصالح إسرائيل. كما أن مشهد إدارة أوباما في الأسابيع الأخيرة وهو يقدم للإسرائيليين الإغراءات بعيدة المدي، مثل دعم أمريكا لسيطرة عسكرية إسرائيلية طويلة الأجل علي وادي الأردن حتي بعد أن يصير جزءا من دولة فلسطينية لمجرد بقاء سير المباحثات لمدة 60 يوما آخر، يؤكد التشاؤم الفلسطيني بسبب العملية الحالية.. ولهذا السبب يقول الفلسطينيون إنهم بدؤوا التفكير في احتمال إحالة قضيتهم ضد بناء المستوطنات الإسرائيلية، بل وحتي مطلبهم من أجل دولة تقوم علي أرض فلسطينية خارج حدود عام 1967، إلي مجلس الأمن الدولي. وأشارت المجلة إلي أن الاستناد إلي القانون الدولي بدلا من المساعي الحميدة للولايات المتحدة له مزاياه. فبينما يميل المسئولون الأمريكيون لاستخدام عبارات ملطفة مثل "غير مساعدة" عند وصف بناء المستوطنات الإسرائيلية علي أرض احتلت في حرب 1967، فإن الطريقة المعتدلة للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أوضحت في وقت سابق من هذا الشهر أن "كل النشاط الاستيطاني غير قانوني في أي مكان من الأرض المحتلة" وطالب بوقف فوري لجميع أعمال البناء الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وإذا كانت لا توجد حكومة في العالم تؤيد سياسة الاستيطان الإسرائيلي، فإن نقل المسألة إلي مجلس الأمن الدولي سيكون خطوة جريئة.. لكن هذه الخطوة أثارت قلقا بين القادة الإسرائيليين ومؤيديهم الأمريكيين وجعلت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحذر في وقت سابق من هذا الأسبوع بأن "أي محاولة من قبل الفلسطينيين للالتفاف علي عملية إدارة أوباما بالذهاب إلي المنظمات الدولية، أمر غير واقعي ولن يحقق تقدما لعملية السلام بأية حال". كما حث رئيس رابطة مكافحة التشهير أبراهام فوكسمان، وهو مؤيد قوي لإسرائيل في واشنطن، إدارة أوباما علي إغلاق كل مخرج للفلسطينيين من العملية التي تديرها الولاياتالمتحدة بتوضيح أن أمريكا ستعارض مسلك الأممالمتحدة بما لواشنطن من سلطة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن. علي صعيد متصل قال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات إن استمرار النشاط الاستيطاني الإسرائيلي من شأنه أن يلتهم الأراضي الفلسطينية بحيث لا يبقي منها ما يصلح لإقامة دولة فلسطينية. وأوضح عريقات في مقال نشرته له صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن مفاوضات السلام الإسرائيلية الفلسطينية المباشرة وحدها لا تعتبر كافية، في ظل عوائق السلام التي يتسبب فيها استمرار النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.